” سِلفي ” !
صارت حياتنا كلها سلفي ، لم تعد فقط صورة تلتقطها لنفسك بنفسك .. أنت تجلس مع أنت ، وتزور حضرتك ، وتستقبل حضرتك ، وتحاور أنت ،وتختلف معك ، كل ما فيك سلفي بسلفي !” وفي السلفِ سلفٌ لا تشيبُ ” !! وأنت وحيد كالقلق كما في الفيس بوك ، أنت وحيد وسط هذا الزحام !
كلنا مصابون ” بالتوحد ” من حيث لا ندري ، ونحن نحدّق في هذه الفردية التي تفرد جناحها على عالمنا ” الافترادي ” ونحن نظن انه عالم افتراضي في هذا الأزرق اللعين الفيس بوك !
صارت الحياة تجلس في حضنك في” اللاب توب ” او في كفكِ على شاشة ” الاي فون ” تنقرها بأصابعك وأنت ” مبطوح ” في صالون بيتك تداعب وحدتك وتوحدك !
لم يعد العالم كما تعتقد قرية صغيرة ، صار أكثر صغرا الى شاشة بحجم الكف .. لا تكف عن تصغير عالمك ، لتحولك الى مجرد عينين وأصابع تبصم على فرديتك بأصابعها العشرة !
صار الحب ” لايك ” ، وضحكاتنا منزوعة الصوت مجرد ” هههههه” بليدة منزوعة ” القهقهة ” وصرنا مخلوقات ” سِلفية ” تداعب أنفسها بأنفسها في هذا العالم الأزرق الذي يرى لنا العالم عن بعد لتتحول ” زرقاء اليمامة ” الى ” أزرق اليمامة ” يرى لنا بكبسة زر ما يفعله صديق افتراضي يتصوّر ” سلفي ” وسور الصين خلفي ، او ربة بيت ماهرة تدعوك الى اكلة ” مقلوبة ” في جمعة مباركة بمدنية الخليل وتضع لمقلوبتها ” لايك ” ولعابك يسيل عن بعد !
صارت أعراسنا في الفيس بوك ” ننقط ” العروسين بـ ” لايك ” وصرنا ندفن أمواتنا بالفيس بوك .. نواسي ذوي الأموات بـ الله يرحمه ونحن بعيدون بعد القارات عن خيمة العزاء !
هذا العالم ” الافتراضي ” حوّل حياتنا الواقعية الى عالم ” انقراضي ” وصرنا مجرد ” ديناصورات ” تطلّ على بعضها يوميا لتقول : ” رائع ” و ” رائعة ” و ” مبدع ” و ” مبدعة ” ونحن ” مبطحون ” في وحدتنا تنقر أصابع فرديتنا مشاعرنا وعواطفنا الزرقاء !
نحن سلفي مجرد سلفي ولا يعنينا العالم خلفي !