سياسة نتنياهو استمرار الحرب
بدون التوصل إلى اتفاق وقف الحرب وتبادل الأسرى، ستتوسع حرب الابادة في مناطق أخرى في شمال القطاع، من خلال تهجير منهجي للفلسطينيين من شمال القطاع كله بذريعة الضغط العسكري.
بمرور 15 شهراً على حرب الابادة ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، ودخول العام الجديد 2025، لم تشفي اسرائيل غلها والانتقام من الفلسطينيين. ولا تزال مستمرة في سفك دمهم وقتلهم وتجويعهم وتدمير بيوتهم ومدنهم ومخيماتهم واجبارهم على النزوح.
وحسب محللين عسكريين اسرائيليين ليس استمرار الحرب في غزة فقط في العام 2025،، فقد تستأنف الحرب على لبنان، كما يحتدم النقاش والخطاب العام الإسرائيلي بالتحريض بشن هجوم ضد إيران، ويعتبر ذلك احد التحديات أمام إسرائيل في العام الحديد الذي ستُحسم فيه الأمور، والهدف هو المشروع النووي، وجميع الإمكانيات مفتوحة بهجوم إسرائيلي أو أميركي أو مشترك، وحتى اتفاق نووي جديد، وهذا سيمر من خلال إدارة ترامب، الذي سيكون اللاعب المركزي بشأن ما سيحدث في الشرق الأوسط في العام المقبل وبعده، كما أن إسرائيل ستضطر أن تقرر بشأن مستقبل غزة في العام الجديد وليس فيما يتعلق فقط بوقف الحرب واعادة المخطوفين، وإنما بتعامل حقيقي مع قضية اليوم التالي.
حسب ما ذكر المحلل العسكري لصحيفة “هآرتس”، عاموس هرئيل، أن مفتاح التهدئة ووقف الحرب هو اتفاق تبادل أسرى بين إسرائيل وحماس مقابل انسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع، لكن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، ليس مستعدا للتوصل إلى الاتفاق لأسباب سياسية وشخصية وإستراتيجية، و أن الجمود في المفاوضات يُبرز الشكوك المتعلقة باستمرار الحرب ضد قطاع غزة. ورغم أن إسرائيل نقلت مركز الثقل في الحرب إلى لبنان، في منتصف أيلول/سبتمبر من العام الماضي، وقلصت قواتها في القطاع من أجل تنفيذ العملية العسكرية البرية في جنوب لبنان، غبر أن الجيش الإسرائيلي بدأ في بداية تشرين الأول/أكتوبر الماضي بشن عملية عسكرية كبيرة في شمال قطاع غزة وخاصة في مخيم جباليا وشمال القطاع.
استشهد في هذه العملية العسكرية المستمرة وهي الرابعة في جباليا منذ بداية حرب الابادة، أكثر من 2000 فلسطيني، وتم تدمير مخيم جباليا بشكل كبير، وقُتل أكثر من 40 جنديا إسرائيليا، حسب بيانات للجيش الاسرائيلي، الذي بدأ الاسبوع الماضي بشن عملية عسكرية في بيت حانون ويدعي قادة الجيش أن الهدف هو الضغط العسكري، الذي تصاعد وتوسع في الأسبوع الماضي ضد بيت حانون، بذريعة دفع المفاوضات قدما حول صفقة الاسرى.
الادعاء بأن هذه العملية العسكرية تنطلق من الجمود في المفاوضات العالقة، ووقف إطلاق النار لا يظهر في الأفق، وبغياب تقدم في الاتصالات، وهذه كغيرها من عمليات القتل والتدمير في جباليا، وهذا ادعاء كاذب ولا سيما أن اسرائيل تداولته منذ بدابة الحرب حول أهمية الضغط العسكري على حماس لاطلاق سراح المختطفين، والذي لم يحقق سوى القتل والتدمير، ولم ينجح الجيش الاسرائيلي بالافراج سوى عن عدد قليل من المختطفين الاسرائيليين. وأن القول بدون التوصل إلى اتفاق وقف الحرب وتبادل أسرى، ستتوسع العملية العسكرية إلى مناطق أخرى في شمال القطاع، عملياً هذه عمليات قتل وتهجير منهجي للفلسطينيين من شمال القطاع كله، كما حدث طوال الحرب باجبار الناس على النزوح.
وبالرغم من أن قيادة الجيش الاسرائيلي لا تزال تنفي أنها تنفذ ’خطة الجنرالات’ المتقاعدين، التي تم التفصيل حول اهدافها وإفراغ جميع سكان شمال القطاع بالقوة العسكرية واجبارهم على النزوح. وعمليا، يواصل الجيش الإسرائيلي في حرب الابادة الجماعية بواسطة تنفيذ الخطة، خطوة تلو الأخرى من دون توقف، وهنا يقول هرئيل: أن ثمة شك كبيرا إذا كان هذا سيؤدي إلى هزيمة حماس، فالسيطرة المدنية لحماس لا تزال متواصلة في معظم أراضي القطاع، وهي تفرض سلطتها على معظم السكان، وانتعاشها العسكري محدود، لكن جهدها الأساسي موجه نحو جباية ثمن من القوات الإسرائيلية المتوغلة في جباليا، وبين حين وآخر من القوات المتموضعة عند محوري نيتساريم وفيلادلفيا أيضا.
وفي هذه الظروف، يصعب رؤية كيف ستنتهي الحرب قريبا. وإسرائيل من شأنها أن تتمرغ في الوحل الغزي لسنوات أخرى، من دون حسم حقيقي، ونتنياهو بحاجة إلى استمرار الحرب كي يبرر خطواته حتى الآن، ومن أجل منع تشكيل لجنة تحقيق رسمية في الإخفاقات التي سمحت بشن هجوم 7 أكتوبر، ومن أجل مواصلة تشريعات الانقلاب القضائي بغطاء ضباب المعركة.