ستة ملايين فلسطيني إلى الانتخابات!

الضجة التي أثارتها إسرائيل الرسميّة حول لقاءات قيادات فلسطينية ـ فلسطينية من السهل والجبل، كانت مُفتعلة وفيها من العهر السياسيّ والتحريض الكثير.

لكني سأبدأ بالإشارة إلى عهر عربيّ هنا من بعض الأخوة والخوات الذين تلقّفوا هذه الزوبعة وصيّروها في الشبكات بلغة عربية لا تقلّ سماجة وعهرًا عما جاء به السيّد الخواجا باللغة العبريّة.

أما الإشارة الثانية فتتصل بحقيقة أن الانتخابات في إسرائيل عادة ما تحدّد طبيعة حياة وممات ما يزيد عن حياة 6 ملايين فلسطينية وفلسطيني بين البحر والنهر. وعليه من واجب كل هؤلاء الستة ملايين أن يكون لهم موقف ورأي في هذه الانتخابات التي عادة ما تكون بداية لمرحلة جديدة من الموت والقمع والسلب والنهب والاعتداءات على الشعب الفلسطيني وحقوقه وأملاكه ووطنه.

هذه الضجّة المفتعلة على أي حال وليدة مرحلة سياسيّة ووعي سياسيّ انتهى مفعوله يقوم على فكرة تقسيم الأرض بين الشعبيْن. وهو وعي أصبح مصيدة للفلسطينيين تستعملها إسرائيل الرسمية مرة لتكريس تقسيم الفلسطينيين وتشتيت إرادتهم وقضيّتهم ومرّة لامتصاص الضغط العالمي ومرّة لمواصلة الاستحواذ على الأرض ومواردها. إسرائيل الرسمية هي التي فعلت كل شيء لإجهاض كل تسوية تقوم على هذا الأساس فلماذا يصرّ الفلسطينيون على مواصلة اللعب في وعي ضائع وفي مساحة سياسيّة لم تعد موجودة.

اقتراحي بسيط يقوم على قراءة الواقع وأكثر قراءة المستقبل ـ السياسة الفلسطينية ينبغي أن تقوم على إعادة بناء المشروع الوطني الفلسطيني على أننا حيال نظام كولونيالي وليس احتلال مؤقّت، وأن النضال ينبغي أن يكون لنزع كولونياليته بين البحر والنهر. ومن هنا سيكون من الضروريّ ترتيب البيت الفلسطيني على هذا الأساس. ولا ضير من العزوف عن كل أشكال السياسة المعتمدة هنا وهناك والانتقال من الخطاب المحكوم بسقف إسرائيلي واطئ يكرّس التقسيم إلى مطالبة فلسطينية واضحة بأن يُشارك كل الفلسطينيين بين البحر والنهر في الانتخابات. وهي المعركة التي خاضتها القوى السياسيّة في جنوب أفريقيا كخطوة تمهيدية لنزع كولونيالية نظام الميز العنصريّ هناك. هذا هو الامتحان الذي ينبغي أن تزجّ فيه إسرائيل. نعم من حقّ الفلسطينيين جميعهم أن ينسّقوا في هذا وغيره لأنهم أبناء شعب واحد وقضيّة واحدة هي كونهم ضحيّة نظام كولونيالي.

أما بعض العرب هنا المجرورين وراء الخواجات كظلّ وصدى، فإلى المكان الذي يليق بهم في حركة التاريخ.

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *