تلعب وسائل الاعلام دورا مهما في سير العملية الانتخابية من خلال المشاركة في متابعة ورصد ومراقبة العملية الانتخابية منذ بدايتها وذلك كوسيلة رقابية واخبارية لاطلاع الناس على العملية الانتخابية والأحداث القانونية والسياسية، وتقوم وسائل الاعلام بدور تحقيقي بارز في المساعدة عن كشف أي تزوير في الانتخابات أو فساد.
وفي الحالة الفلسطينية لوسائل الإعلام دور مهني واخلاقي ووطني كون الانتخابات تأتي في سياق نضالي مقاوم للاحتلال الإسرائيلي.
الحالة الفلسطينية لها خصوصية على جميع المستويات فالانقسام الفلسطيني والتجاذب السياسي طال جميع مناحي الحياة في فلسطين، وكان ولا يزال لذلك تداعيات خطيرة على حرية الاعلام والتغطية الصحافية وحرية الرأي والتعبير وما طالها من انتهاكات خطيرة.
بعض وسائل الإعلام فقدت مصداقيتها واستقلاليتها في تناول الشأن الداخلي بمصداقية ومهنية، وعلى الرغم من ذلك فإن الاعلام الفلسطيني حافظ على مستوى مهني ووطني.
وفي ضوء ذلك كان للإعلام دور في تغطية العملية الانتخابية لمنصب الرئيس وللمجلس التشريعي الأول التي جرت في تسعينات القرن الماضي وكذلك انتخابات العام 2006، والانتخابات المحلية.
وبالعودة للدور الذي سيقوم به الاعلام في الرقابة على العملية الانتخابية فإن هناك شروط لازمة وضرورية لتحقيق فعالية وسائل الإعلام حيث يتعين على وسائل الإعلام الوفاء بها، حتى تصبح بمثابة آلية نزاهة فعالة.
ومن هذه الشروط التي يجب توفير بيئة آمنة لها من خلال تحري الأخبار ونشر التقارير من دون قيود وخوف وتهديد وترهيب، والأهم يجب أن تتوفر حرية التعبير وحرية الصحافة وأن تكون وسائل الإعلام حرة في تغطية أحداث الانتخابات وتقديم التقارير عنها من دون أي قيود أو رقابة على ما تنشره.
ولا يجوز استخدام قوانين مقيدة بذريعة مكافحة التشهير لتهديد الصحفيين وإجبارهم على الحد من تغطياتهم الصحفية، خاصة وأن قوانين الصحافية في فلسطين قاصرة وفيها نصوص تعمل على تقييد حرية العمل الصحفي. ومن الشروط ايضا أن تتاح حرية الوصول إلى العملية الانتخابية والتواصل مع المشاركين فيها والمسؤولين عنها. وأن تكون وسائل الإعلام قادرة على إجراء التحقيقات وتقديم تقاريرها الإعلامية، والحماية من التخويف والعنف دون ترهيب أو خوف. وحرية التنقل شرط مهم، وأن يكون الصحفيون ووسائل الإعلام والعاملين فيها قادرين على الحركة والتنقل بحرية في جميع أنحاء البلاد من أجل متابعة الحملات الوطنية للمرشحين، والتحقق من كيفية إدارة الانتخابات في المناطق النائية.
وهذا الشرط مرتبط أيضا بانتهاكات قوات الاحتلال الإسرائيلي الذي يحاول تقويض العملية الانتخابية، والسياق الاحتلالي قائم على المنع والحذر وقمع الصحافيين وحرية العمل الصحافي. وسنشهد على انتهاكات بحق الصحافيين ومنعهم من التغطية والرقابة على الانتخابات خاصة في القدس والضفة الغربية من خلال القيود والحواجز العسكرية التي تقسم مدن وقرى الضفة الغربية.
وعلى الجهات المختصة توفير بيئة وإمكانية حرية الاتصال والوصول مع موظفي لجنة الانتخابات المركزية، والمواقع الانتخابية والمرشحين والناخبين. وإتاحة الوصول إلى المعلومات من الجهات الحكومية المختلفة من أجل التحقق والتأكد من صحتها ودقتها.
وينبغي عدم التمييز بين وسائل الإعلام، وإعمال مبدأ المساواة في المعاملة على قدم المساواة، سواء كانت تلك الوسائل حكومية او خاصة حيث التجربة في فلسطين يتم التمييز بين وسائل الاعلام التي تسيطر عليها الحكومة او التابع للأحزاب والفصائل. كما تتطلب المساواة في المعاملة السماح بالوصول إلى الأشخاص والمواقع الانتخابية والمعلومات، بالإضافة إلى القضايا المتعلقة بترخيص أوقات البث الإذاعي والتلفزيوني.
وعلى السلطة أن تعمل على حماية حرية وسائل الإعلام وفقا للقانون الاساسي والتزامات دولة فلسطين المتعلقة بحرية التعبير وحرية الإعلام.
التغطية الإعلامية الجيدة قد تساعد في العملية الانتخابية بطرق شتى، وهي العمل على زيادة الشفافية، مما يردع الغش وإساءة استخدام العملية الانتخابية. وفي الحالة الفلسطينية فإن لجنة الانتخابات المركزية كجهة مستقلة يجب ان تشجع وسائل الاعلام لتغطية الانتخابات كوسيلة للمساعدة في ضمان الشفافية، وتزويد وسائل الإعلام بمختلف التسهيلات اللازمة لتغطية العملية الانتخابية، وهي تقوم بتوزيع تصاريح على الصحفيين تسمح لهم بدخول أماكن الاقتراع والتصويت ومراكز عمليات الفرز.
ومن خلال ذلك ستتمكن التغطية الإعلامية على كشف التحايل، أو أي سلوك مشكوك فيه، وهي تقوم بدور الرقابة للنزاهة والكشف عن الغش والفساد. وهذا يساعد على ضمان محاسبة المسؤولين عن أفعالهم. كما يساعد ذلك في ردع من قد تسول له نفسه للتصرف بطرق غير أخلاقية أو غير قانونية.
وعليه فإن التقارير غير المسؤولة قد تكون مقصودة ومتعمدة، كذلك التقارير غير الدقيقة قد تعطي الناخبين وواضعي السياسات انطباعاً خاطئاً. وهذا قد يحصل إذا كانت وسائل الإعلام تحمل بيانات كاذبة، أو تقدم الحقائق بصورة انتقائية، أو لا تلبي المعايير المهنية بكل بساطة.
كما تستطيع الصحافة حرف الرأي العام من خلال القصص التي تغطيها واللهجة الإعلامية التي تستخدمها. وقد تعمل على اثارة البغضاء والنعرات، وتأجيج المشاعر الحزبية والدينية. كما أنها قد تدمر مصداقية المرشح من خلال مزاعم غير موثقة عن أنشطة غير قانونية أو غير أخلاقية.
إن التزام وسائل الإعلام لتقديم التقارير بصورة نزيهة وصحيحة ومتوازنة مدرج في القوانين النافذة، ويجب على نقابة الصحافيين الفلسطينية والكتل الصحافية المختلفة والمؤسسات الصحفية ان تعمل على الاتفاق على مدونة قواعد السلوك حيث أنه على المستوى الدولي تقوم المؤسسات الدولية بإدراج تلك القواعد ضمن عقود العمل التي يوقعها معهم الصحافيون والإعلاميون.
إن التدفق الحر للمعلومات حق أساسي وهو شرط ضروري لحرية الصحافة وعليه هو أمر أساسي لإجراء انتخابات حرة ونزيهة. وتعمل وسائل الإعلام على نشر معلومات الانتخابات ولعب أدوار عديدة قد تؤثر في نزاهة الانتخابات.
فمن ناحية، فإن الصحفيين يراقبون الانتخابات وقد يتصرفون بصفتهم كمراقبين محليين أو دوليين للانتخابات، وقد يعملون على كشف طرق الاحتيال والفساد المتعلق بالانتخابات، وتوفير المعلومات عنها للـجمهور. ويضيف عمل وسائل الاعلام شفافية للعملية الانتخابية، مما يساعد في الحفاظ على نزاهة الانتخابات.
ومن ناحية أخرى، فإن التقارير الصحفية أو الإعلامية غير الصحيحة أو المنحازة تعمل على تشويه الحقائق، وإعطاء الجمهور تصورات غير منصفة عن المرشحين أو العملية نفسها، مما يؤدي بالتالي إلى تقويض نزاهة الانتخابات. ولا تتفق مثل هذه الأعمال مع مسؤولية وسائل الإعلام الأولى والمتمثلة في إطلاع الجمهور بشكل نزيه وموضوعي.