رام الله تولد من جديد


اشترك معنا في قناة تلغرام: اضغط للاشتراك حمل تطبيق الملتقى الفلسطيني على آندرويد: اضغط للتحميل

صارلي تقريبًا 7 سنين بروح وباجي ع رام الله. ولا مرّة، شُفت رام الله زي اليوم: النقاشات بتسأل وينتا كانت رام الله هيك ؟ إذا هاي أكبر مُظاهرة من العام 2001 ولّا كانت بحجم مظاهرة 2014. في إشي بالبلد كان كثير حلو، كثير جميل وكثير تاريخيّ. كُنّا بالبيت، قالوا المُظاهرة تحرّكت عن المنارة، وصلت ع المنارة، لاقيت المنارة زي خط إنتاج بجنّن: بتيجي الناس، بتتجمّع، وبتنزل ع بيت إيل. وهذا إشي بيضل يعيد ع نفسه، كُل الوقت. وفي سيّارة عليها سمّاعات، بتمشي مع كُل دفعة متظاهرين معهن لبيت إيل، وبترجع ع المنارة ترافق غيرهن. شوفريّة الفوردات اللي بقتلوك عشان راكب، صاروا يحملوا ركّاب ببلاش من المنارة لبيت إيل، ويقولوا: تعالوا، عشان توصلوا فيكم حيل. وبصراحة، ع طول المدى، نهر من الناس.

مرّة كُنت عم بقرأ كتاب سهى بشارة اللي اسمه “مقاومة”، بتتحدّث فيه كلبنانيّة كيف حبّت الفلسطينيّة لمّا حضرت مسيرة، ورود وناس بتدوّر ع الحب والحريّة. اليوم، شُفت المشهد بعيني. ع بيت إيل، صبايا وشباب، كبار وصغار، أطفال وواحد بسأل صاحبه عن طفله: هاي أول مرّة رح يشم غاز ؟ بضحكوا، وبتكمّل الناس تروح، تشوف، وترجع. وقدّام ع بعيد فوق التلّة: جنود بترمي قنابل غاز مسيل للدموع، بين الاولاد والعائلات والشباب. وكُل دقيقة، بطلع سيّارة إسعاف: شاب مُصاب. وكُل دقيقة، صوت خبطة، والكُل بيقول: بيطخّوا رصاص حي. بتفكّر بتشوف المدى ؟ كمان لأ، شباب بتضرب حجار، ووراها نهر، حرفيًا نهر من الناس.

من المنارة لبيت إيل، في مُربّع مسكّر، بتقدرش تمرق منّه لا المسيرة ولا السيّارات. هذا أكثر إشي ما فهمته اليوم برام الله. شوارع مسكّرة ؟ آه، كُل الشوارع اللي بتأدّي للمُقاطعة. ومن وقتها وانا بفكّر، كيف يعني الشعب الفلسطينيّ بهبّة ضد الاحتلال، ورئيس منظّمة التحرير مسكّر ع حاله ؟ كيف يعني طريق المُقاطعة مسكّر بالامن ؟ هاي نفسها المٌقاطعة اللي حاصرتها اسرائيل وطلعت الناس بالطناجر تتضامن مع آخر غرفتين فيها ؟ آه نفسها. بس شو يعني الرئيس اللي بسكّر ع حاله بحواجز من شعبه، وشعبه بهبّة ؟ قدّيه مفكّر يضل ؟ بالوضع الفلسطينيّ، لازم المظاهرة تطلع من المُقاطعة، وع رأسها الرئيس. هذا الوضع الطبيعيّ، بس اللي بسكّر ع حاله من شعبه، بعرف إنّه واقف ضد حريّة شعبه، بعكس إرادة شعبه، وولا مرّة بقدر يعيش كُل عمره بالحصن. فش دكتاتور ضل.

اليوم، واحنا واقفين، لاقيت ناس بتوزّع ساندويشات، طلعوا أمّهات بالبيوت ما أجو ع المُظاهرة، بس قرّروا يعملوا ساندويشات للمتظاهرين. شو ممكن يكون أحلى من هيك ؟ شو ممكن يكون أحلى من إنّه الشعب، بعمل شو بقدر، كُل واحد من محله وكُل واحد من قدراته. أمّهات، بتقدرش توصل المُظاهرة، بعثت أكل لاولادها بالمُظاهرة، لكُل اولادها، لكُل اولاد هالبلد. بتعرفوا قدّيه كان عظيم ؟ كان عظيم لدرجة بتتخيّل الأم بلد، واولادها بالشارع. وبصراحة، هذا الإضراب، أطفال جاي ع المُظاهرة، بتقول من الصبح وهي ترسم ع البلوزة، بتقول اليوم صحينا محل المدرسة، كتبنا فلسطين وصحّينا ماما.

هذا إضراب، هذا الإضراب اللي جيلنا قرأ عنّه بالكُتب وما عاشه، بس فلسطين ولّادة، وولا مرّة بتبخل ع اولادها يشوفوها، بأجمل أيّامها. واليوم، يومك يا بلد.

اشترك معنا في قناة تلغرام: اضغط للاشتراك

حمل تطبيق الملتقى الفلسطيني على آندرويد: اضغط للتحميل

Author: رازي النابلسي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *