العزيز محمود
تحياتي
سعدت برسالتك، وبصراحة لا أتخيّلك “كبير العائلة” (طبعاً من منظور قبلي)، فهو دور لا يليق بك بالتأكيد.. لكن هذه هي “الأعراض الجانبية” للحياة!
والآن.. لنعد إلى موضوعنا.
في الحقيقة كنت قد قرأت مقالة “أمستردام.. ” في صحيفة “الحياة”، في حينه، ومقالة أخرى لك عن رحلتك الأندلسية.. أمس أعدت قراءة رحلة أمستردام بالإضافة إلى “قطعة من القمر في هيوستن” (التي شدّني عنوانها). وللحقيقة أعجبت بمقالة “هيوستن” جداً (دون أن يلغي هذا إعجابي بالأخريات) والسبب هو المدخل؛ فهو شخصي وحميم و”قصصي” وهذا هو أنت. كنت قد قلت لك إنني أميل إلى كتابة الرحلات، التي تظهر “تورط” الكاتب الاستثنائي في المكان. أميل إلى أن أشتق مصطلحاً هنا (ولا أعرف ما إذا كنت أستطيع أن أنسبه لنفسي) وهو: “شخصنة الجغرافيا” أو “شخصنة الأمكنة”، بحيث تكون الجغرافيا التي زارها محمود شقير مثلاً هي “جغرافياه” (لا جغرافيته) الخاصة، فتترك فيها شيئاً يخصك وحدك، وهي أي الجغرافيا/ الأماكن تنطبع، بصورة ما، بوجودك.
أعجبتني رحلة أمستردام وإن كنت لاحظت أن العنوان لا يعكسها كثيراً؛ أقصد فيما يتعلق بالإشارة إلى السفن والجسور والدراجات الهوائية.. ألا تتفق معي؟
هل أستطيع أن أقترح شيئاً؟
ماذا لو كان ثمة مدخل حميم “شقيري” جداً في مستهل كل رحلة؟ يعكس ظرف الرحلة، أو توقيتها، أو حالتك النفسية أو العاطفية وقتها؟
وإذا كانت الرحلات سوف تجمع في كتاب واحد، يمكنك، مجرد اقتراح إذا كان لي أن أقترح، أن تربط فيما بينها بخيط ما كأن تنطلق في كل مدينة من شارع أو مقهى ترك فيك شيئاً ما..
وبالطبع ومن دون مجاملة، أعجبتني المقالات في شكلها الراهن.. توقفت عند قدرتك على التقاط تفاصيل الناس في كل مدينة. وأتطلع بحق إلى قراءتها وقراءة رحلات أخرى في كتاب.
بالمناسبة.. أين سيصدر الكتاب؟ هل فكرت في مشروع “ارتياد الآفاق” (أدب الرحلات) الذي يديره المجمع الثقافي في أبوظبي والمسؤول عنه مدير المجمع محمد السويدي؟ من بين مشاريع المجمع الكثيرة مذكرات جيفارا التي دونها عن رحلته الشهيرة على متن دراجته النارية، وكتاب خليل النعيمي حول رحلته إلى الهند. وهم للشهادة يطبعون الكتب بصورة لائقة، بالتعاون مع المؤسسة العربية للدراسات والنشر، ويحرصون على توزيعها. إذا أردت أستطيع أن أخاطبهم، فأنا ألتقي نوري الجراح، مدير المشروع، من حين لآخر. وكان، ولا يزال، يلح على أن أكتب مقالات أخرى عن رحلتي إلى الهند، إلى جانب رحلة تاج محل وأنشرها في كتاب عندهم.
لقد أطلت عليك.. لكن لا بأس.. هذا هو حال النسوان.. الثرثرة، فما بالك إذا كانت “حكاءة” مثلي؟
الموضوع الأهم هو أن لي صديقة (لعلك سمعت عنها) اسمها أمنية أمين، وهي أستاذة جامعية عملت رئيسة قسم الأدب الإنجليزي في جامعة فيلادلفيا، عمّان، ثلاث سنوات، كما أشرفت، ولا تزال، على الملحق الأدبي لصحيفة الجوردان تايمز. وعمدت أمنية إلى ترجمة نماذج من أعمال الكتاب الأردنيين (وما أكثرهم!) ونشرها في الملحق. لقد ترجمت لي دون أن تعرفني، والتقيتها مؤخراً في معرض الكتاب في ابوظبي، حيث سرعان ما توطدت صداقة بيننا، وهي تعمل حاليا في جامعة زايد في دبي، مواصلة في الوقت نفسه إشرافها على صفحة الجورادن التايمز الأدبية.
تعتزم أمنية، وهي قاصّة بدورها، البدء بترجمة أعمال أدبية لكتاب فلسطينيين، خاصة في القصة، وقد أعطيتها الكتاب الذي قدّمتَه لكتّاب القصة الفلسطينيين. حدّثتها عنك طويلاً، وقلت لها رأيي صراحة إنك من أجمل أصوات القصة ليس فلسطينيًّا فحسب وإنما عربياً، وهي مهتمة بالإطلاع على أعمالك، تحديداً مجموعاتك القصصية، ووعدتها أن أؤمنها لها، فأرجو أن توفرها لي هذا الصيف، بحيث توقّعها بإهداء لها، إن أمكن.
شاكرة لك اهتمامك وإلى تواصل مستمر.
حزامة حبايب
أبوظبي _ السبت 14 مايو 2005
***
العزيزة حزامة
تحية وبعد
سررت لرسالتك، ولكلّ ما ورد فيها من قضايا. بخصوص كبير العائلة، فهذا داء ابتليتُ به مُكرهاً، وأنا أسعى جاهداً للتخلّص منه. أعيش في ظل تشكيلة عشائرية محافظة.
أمّا بخصوص الملاحظات حول نصوص الرحلات، فأنا موافق عليها، وخلال هذا اليوم اشتغلت على المخطوطة من وحي ملاحظاتك القيّمة. وأمّا العناوين التي ظهرت في الحياة فسوف أقوم بتغييرها إلى ما هو أفضل. عدد صفحات الكتاب 200 ص تقريباً، وعنوانه: “مدن فاتنة وهواء طائش”. ما رأيك في هذا العنوان؟ وإذا لم يعجبك فأرجو أن تقترحي عليّ عنواناً، لأنني لست بارعاً في العناوين. دار النشر هي المؤسسة العربية بالتعاون مع دار النشر في أبو ظبي.
بعد أسبوعين على الأكثر ستكون المخطوطة لدى المؤسسة العربية. وسوف أرسل لك ولأمنية أمين آخر كتبي. ويمكن إرسال بعض قصصي إليها على الإيميل مترجمة إلى اللغة الانجليزية.
وحينما تكتبين قصة أو نصًّا وتريدين مشورة، فأنا جاهز لذلك. الكاتب أو الكاتبة، لا تستطيع أن تحكم على نصّها وهي قريبة منه. لذلك هو أو هي بحاجة إلى من يقرأ هذا النصّ لإبداء الرأي فيه. سأكون محرّرك الأدبي، وسأفرح إذا وافقت أن تكوني محرّرتي الأدبيّة. أنا أعتزّ بك وبما لديك من موهبة وثقافة.
مع تقديري واحترامي
محمود شقير
16 / أيار / 2005