دور المثقف العضوي في بناء الوعي

مقال الدكتور إياد البرغوثي في جريدة القدس بتاريخ 4/1/2025 المعنون” دروس “الطوفان” وارتداداته (1)… قول في النصر والهزيمة” والذي يتناول فيه بالتحليل الفوارق الجوهرية بين مفاهيم النصر والهزيمة بمدلولاتها التاريخية، يتسم بأهمية فائقة تستدعي قراءته بتمعن وتبصر رغم صعوبة ذلك، خصوصا في مرحلة تاريخية ملتبسة تاه فيها كثيرون. وغالبيتهم الساحقة من النخب المتغربة المردوعة بسطوة القوة الاستعمارية الغربية، والمأخوذة حتى اللحظة بشعارات ومنتجات الحداثة المادية الغربية التي تحاكي الغرائز وتغيب العقول. الذين يغفلون صيرورة التاريخ الإنساني منذ بدء الخليقة، ويتغافلون عن أن الزمن الحاضر ليس سوى حلقة وسطى بين الماضي والمستقبل، وأن الأوطان باقية في أماكنها الجغرافية وإن تعاقب عليها الغزاة، وأن أعمار الشعوب تتجاوز عمرالإنسان مهما طال، وأن قوة الحق تتفوق على حق القوة عندما يصر أصحاب الحق على إحقاقه.

فلا يتعظون بدروس التاريخ الإنساني المدون قديمه وحديثه، الذي تثبت دلالاته القاطعة عدم إمكانية بقاء الكيانات الاستعمارية وخصوصا الاستيطانية العنصرية في مناطق مأهولة بأصحابها الأصليين المصممين على بلوغ حقوقهم الأساسية المشروعة في الحياة والحرية والكرامة وتقرير المصير مهما طال الزمن وعظمت التضحيات. ولا يعون – رغم وفرة الأدلة – انعدام آفاق استمرار الكيانات الاستعمارية التي تعيش على حد السيف وتفتقر إلى مقومات البقاء الذاتي. وترتبط ديمومتها وتأمين وجودها بالإبادة الجماعية والتطهير العرقي والتدمير في محيطها. ويتجاهلون أن فلسطين قد شهدت عبر تاريخها الممتد لآلاف السنين غزوات لإمبراطوريات وقوى عظمى حكمت العالم قرونا، وإحداها مماثلة للاستعمار الاستيطاني الصهيوني العنصري الحالي/ بنيويا ووظيفيا /، لكنهم جميعا رحلوا. وبقيت فلسطين عصية على الزوال وبقي شعبها العربي الكنعاني الأصيل عصيا على الفناء.

فقد انهزم الفرس واليونانيون والرومان والبيزنطيون والسلاجقة والفرنجة/ الصليبيون/ والفرنسيون والعثمانيون والبريطانيون. وعادوا جميعا من حيث أتى أسلافهم.

وسيلقى الكيان الاستعماري الاستيطاني الصهيوني العنصري ذات المصير مهما امتد به الزمن وتوسع في محيطه الجغرافي. بل إن هذا التوسع والتمدد هو ما سيسرع أفوله. لأنه مع توغله الاستعماري الاستيطاني في محيطه العربي عبر الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والتدمير لتأمين وجود مستوطنيه، إنما يوسع قاعدة عدوه الوجودي النقيض. الذي يستبدل التعاطف والتضامن مع مظالم شقيقه الفلسطيني، بالدفاع عن وجوده، وبقائه، ووطنه، وممتلكاته. (وحتى لا يساء الفهم ويتهم الفلسطينيون مرة أخرى كما سبق اتهام حركة التحرر الوطني الفلسطيني /فتح/ عند انطلاقها عام 1965 بأنها تسعى لتوريط الأمة العربية في الصراع. رغم أن نوايا وأهداف التحالف الاستعماري الاستيطاني الغربي الصهيوني العنصري المعلنة بالغة الوضوح. سواء عبر تم إيراده في قرارات الحركة الصهيونية منذ المؤتمر الصهيوني السابع 1905. وقرارات القوى الاستعمارية الغربية المتنفذة المعلنة منذ مؤتمر كامبل عام 1907. واتفاقات سايكس – بيكو 1916. ووعد بلفور عام 1917. ومؤتمر سان ريمو 1920. وصك الانتداب البريطاني على فلسطين عام 1921. وتوصيات لجنة بيل عام 1937. وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة بتقسيم فلسطين عام 1947. والاعتراف بإسرائيل عام 1949. وجميع القرارات والاتفاقات الدولية النافذة المتعلقة بتثبيت الوجود الاستعماري الاستيطاني الغربي الصهيوني العنصري في فلسطين وجوارها العربي. وعكسه بوضوح قانون القومية اليهودية 2018. وصفقة القرن الأمريكية التي اعترفت بالقدس الموحدة عاصمة لإسرائيل. وبضم الكتل الاستيطانية في الضفة الغربية. وبالسيادة الإسرائيلية على الجولان السوري. وترسيخ ذلك في اتفاقات أبراهام 2020. وصولا إلى استمرار مشاركة التحالف مع الكيان الصهيونى في حرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والتدمير في قطاع غزة لاجتثاثه جغرافيا وديموغرافيا. ومواصلته تدمير مخيمات اللاجئين داخل الوطن وفي الجوار العربي. وتدمير مقومات الحياة في جنوب لبنان خلال الهدنة المؤقتة تحت إشراف اللجنة الأمريكية الفرنسية. واستيلائه على جبل الشيخ، والتوغل عميقا في الأراضي السورية وصولا إلى مشارف العاصمة دمشق على بعد 20 كم. وتدمير كامل الأسلحة السورية بذريعة منع وصول النظام الفصائلي الجديد لحركات الإسلام السياسي الذي استكمل جاهزيته تحت إشراف حلف الناتو لحكم سوريا أواخر العام 2024، بعد استنفاذ نظام عائلة الأسد مهمته في ترويض سوريا.

كل ما سبق توابع هزات ارتدادية للزلزال الأكبر الذي ضرب بلادنا العربية – الإسلامية خلال الحرب العالمية الأولى. وأحدث صدوعا تكوينية عميقة في الجغرافيا والديموغرافيا، أخفقت جل المحاولات المجتزأة العربية والكردية القاصرة في ترميمها في مركز الزلزال العربي- الإسلامي. وحققت بعض التقدم الهش، ما يزال رغم صموده في الجوار التركي والفارسي مرشحا لهزات ارتدادية تتبدى نذرها.

وعليه، فإن تقييم موقعة طوفان الأقصى، المحاولة الأولى الجادة لعكس مسار التاريخ الفلسطيني والعربي والإسلامي انطلاقا من مركز الزلزال الفلسطيني، كما أشار الدكتور إياد البرغوثي في الجزء التمهيدي لمقالاته ما تزال تستعصي دلالاته التاريخية على كثيرين. وخصوصا من غالبية النخب الفلسطينية والعربية المأخوذة بتداعيات اللحظة الراهنة، وما نشهده من قتل ودمار للبشر والحجر والتاريخ والذاكرة في فلسطين وجوارها اللبناني والسوري.

فطوفان الأقصى وإن تبدو في تداعياته محدودة في نطاقها الجغرافي الفلسطيني واللبناني والسوري. لكن تأثير توغله عميقا في الصدوع التكوينية سيتوالى باعا في عموم المنطقة، وسينعكس على العالم أجمع. حيث نشأة القضية الفلسطينية عالميا، وحلها كذلك.

وطوفان الأقصى في تداعياته وتأثيراته مماثل لتلك الأحداث المفصلية التي غيرت مجرى التاريخ الإنساني. فرغم هول ما أحدثته، آنذاك، من إبادة للبشر ودمار للعمران، إلا أنها أدّت، حينذاك، إلى انعطافات جوهرية في مساراته. بسبب تزامنها وتضافرها وتفاعلها مع مجموعة من العوامل الذاتية والموضوعية. وتقاطع المصالح المتباينة لأطراف محلية وإقليمية دولية متعددة فاعلة. والتحام جهودهم معا في لحظة تاريخية معينة دون تخطيط او تنسيق مسبق. وكانت تبدو، آنذاك، أحداث عرضية لا صلة بينها، لاختلاف دوافعها، لكنها تراكمت جميعا بفعل تطورات عديدة جعلت منع انفجارها في أوقآت متقاربة متعذرا. وأصبح من غير الممكن التحكم بتطوراتها. فلم يعد الوضع بعد حدوثها، كما كان عليه قبلها، دون أن تستهدف ذلك خطة استراتيجية شامله محكمة. ففاجأت النتائج التي ترتبت عليها صانعي الأحداث أنفسهم، والمتأثرين بتداعياتها على حد سواء.

وأغلب الظن أن طوفان الأقصى مماثل لتلك الأحداث المفصلية التي ستغير وجه التاريخ الإنساني. وأن العالم لن يعود بعد الطوفان لما كان عليه قبله.

وأنه على الرغم من تباين الظروف والمعطيات، فإن الحالة العالمية الراهنة شبيهة بالفترة التي أعقبت صعود الحركة النازية ونجاحها في الوصول ديموقراطيا إلى مراكز صنع القرار في ألمانيا، وتمكنها خلال سنوات قليلة من احتلال 11 دولة أوروبية، بعضها حكم العالم قرونا. وبدا فيها انتصار الشر على الخير مرجحا وحتميا.

صحيح أن التاريخ لا يكرر نفسه على ذات المنوال. إلا أن تشابه ظروف صعود الحركة الصهيونية مع الحركة النازية، وتطابق أهدافهما التوسعية، وتماثل سلوكياتها في الإبادة الجماعية والتطهير العرقي سيفضي إلى ذات المآل.

فانفجار طوفان الأقصى في وجه المستعمرة الصهيونية بعد 75 عام من استقرارها. على يد الجزء الأصغر والأفقر ماديا من الشعب الفلسطيني المستضعف الصغير الأعزل المقسم والمشتت بين أربع كيانات داخل الوطن وضعفها في مواطن اللجوء. والمتدفق من الجزء الغزي الأكثر استهدافا بحروب الإبادة والتطهير العرقي المتوالية عليه للعقد الثامن على التوالي. والمحاصر من عدوه وذويه على السواء. ونجاحه الملفت في هز قواعد المستعمرة الصهيونية الارتكازية، ومعها قواعد المشروع الاستعماري الغربي الصهيوني العنصري الذي استغرق تخطيطه وتنفيذه في منطقتنا قرابة ثلاثة قرون (منذ غزوة نابليون بونوبارت لبلادنا عام 1798) وأوشك على استكمال مراحله الأخيرة في إخضاع دول وشعوب المنطقة العربية- الإسلامية الممتدة لسطوته، بعد أن أحكم سيطرته العالمية وانفرد بالقيادة الدولية. أولى البشائر لبداية عصر جديد.

وكما سبارتاكوس الذي قاد ثورة العبيد الثالثة ضد الامبراطورية الرومانية وألهم الناس بقيم رفض الظلم والحرية والتضحية بالنفس لبلوغها. فقد قاد البطل يحيي السنوار الثورة الثالثة للمستعبدين الفلسطينيين في السابع من تشرين الأول /أكتوبر/2023(الأولى عام 1936 , والثانية عام 1965) بعد انتفاضات وهبات عديدة تواصلت على امتداد أكثر من قرن. ونجح نحو ثلاثة آلاف من أبناء اللاجئين الخلص في قطاع غزة، المصممين على بلوغ حقوقهم الثابتة غيرالقابلة للتصرف ومرتكزها الحرية والعودة وتقرير المصير في وطنهم. بتوظيف ثقتهم المطلقة بعدالة قضيتهم، ووعيهم بعدوهم، وبصيرورة التاريخ الإنساني، وإدراكهم المعرفي لطول أمد الصراع مع المشروع الاستعماري الغربي الصهيوني العنصري، وتعذر حسمه بالضربة القاضية. وإيمانهم بمسؤولية جيلهم في عرقلة وتعطيل ومنع استكماله الوشيك في العمق العربي. وجاهزيتهم لافتداء حرية شعبهم وأمتهم بحياتهم. وبادروا بالبدء بتصويب اعوجاج مسار حركة التاريخ الفلسطيني والعربي والإسلامي. ونجحوا في اجتياز حدود القاعدة الاستعمارية النووية المنيعة الأقوى إقليميا، والمحصنة حدودها بأحدث منتجات الذكاء الاصطناعي. وتمكنوا من اختراقها بسرعة فائقة فاجأتهم كما فاجأت عدوهم. يثير البعض الشكوك بتواطؤ عدوهم وتسهيله لعبورهم لاستدراجهم لحرب أرادها وخطط لها لحسم الصراع. وحتى إن صح ذلك، فقد فاجأه الثوار بجاهزيتهم. وأوقعوه في الكمين الذي ربما نصبه لهم لتكرار مشهد الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر/ 2001. الذي مكن التحالف الاستعماري الصاعد بقيادة الإمبراطورية الأمريكية، بعد انهيار عصر الثنائية القطبية وتفردها بقيادة النظام الدولي. من شن حرب عالمية جديدة على دول المنطقة العربية. أسفرت عن إسقاط بعض دولها دون مقاومة تذكر، بمشاركة بعضها الآخر. وأيدتها، آنذاك، جميع شعوب دول التحالف، وغالبية شعوب العالم المسكونة بالإسلاموفوبيا. ما مكن التحالف من إخضاع عموم المنطقة. ونشرقواعده العسكرية في غالبية دول المنطقة برضى حكامها، والتزامهم بإنفاق موارد شعوبهم لتغطية نفقات إنشائها وإدامة وجودها، وحرية حركتها في الدفاع عن مصالحه الحيوية وحماية الدولة الصهيونية.

ويبدو أن طغاة الكون قد اختلط عليهم الأمر. وأعمتهم انتصاراتهم السهلة والمجانية، وفاتهم تفاقم المظلومية الفلسطينية. فضللهم انقسام النظام السياسي الفلسطيني الذي استحدثته اتفاقات أوسلو. ومولوه ورعوا أطرافه وأغرقوهم في صراعات بينية تستنزف كلاهما، وتقوض مناعة الشعب الفلسطيني، وترفع كلفة صموده وبقائه في أرض وطنه.

ويبدو أنهم راهنوا، أيضا، على التحولات المتسارعة في موازين القوى الإسرائيلية لصالح اليمين الفاشي العنصري، ومقدرته على تسريع حسم الصراع. وعلى استكانة الشعوب العربية والإسلامية التي استنزفتها الصراعات الأهلية والبينية بفعل استراتيجية الفوضى الخلاقة الأمريكيه التي حولت الربيع العربي الى شتاء عصف بدولها وشعوبها. واستولد أنظمة جديدة مطواعة تتكامل مع تلك القائمة، وتستكمل، بذلك، مستلزمات استيلاد الشرق أوسط الجديد المعاد هندسته الذي يقوده المركز الصهيوني.

وفي غمرة نشوة الانتصارات. يبدو أن التحالف أغفل نذر التغييرات المتنامية في مراكزه الغربية وساحاته الخلفية. وفي الساحات الإقليمية والدولية.

ففاجأه تمرد ثلة من الثواراللاجئين المحاصرين في أكبر سجن مفتوح على وجه الأرض بجرأة غير مسبوقة، وقدرة على التخطيط والإعداد والتنفيذ ومهارة ملفتة – وإن انتابتها تجاوزات الانخراط العفوي لبضع مئات من الجماهير المغلوبة على أمرها على مدى عقود، وتدفقها لقرى حفظوا أسماءها وتضاريسها حيث مسقط رأس آبائهم وأجدادهم. وهالهم هشاشة المستعمرة الصهيونية التي ظنوها عصية، وضعف مناعتها الذاتية – رغم هول قوتها التدميرية – وتمكنوا بأسلحتهم البدائية محلية الصنع من السيطرة في بضع ساعات على مساحة (600كم2). تعادل ضعف مساحة قطاع غزة المحاصر (365كم2). وخلال أقل من ست ساعات /في اختزال لافت لحرب الأيام الستة في حزيران 1967/ وسيطروا على اثنتي عشر قاعدة وموقع عسكري مدجج بأحدث الأسلحة. وأسروا 251 من المستوطنين أكثر من نصفهم من العسكريين. ونقلوهم على الدراجات الهوائية والنارية والعربات المتهالكة إلى قطاع غزة. وواصلوا القتال داخل المستعمرة الصهيونية لثلاثة أيام متصلة، قبل أن يستعيد جيشها “الذي قيل إنه لا يقهر” سيطرته الميدانية. فسجلوا بذلك أول انتصاريعتد به على عدوهم الوجودي منذ تأسيس المستعمرة الصهيونية. واستبسلوا في مقاومته عندما سعى للانتقام، وهرع التحالف الاستعماري الغربي الصهيوني العنصري بكل قواه العسكرية – البحرية والجوية- والاستخباراتية والسياسية والدبلوماسية والاقتصادية والإعلامية للدفاع عنه. وزودوه، وما يزالون، بالمال والخبراء والسلاح والعتاد. وشنوا حربا شامله برا وبحرا وجوا لإبادة الإنسان ومحو المكان، لاستعادة الردع، الذي أخاف الأنظمة العربية والإسلامية طوال عقود، وشوه الوعي الجمعي وعطل الإرادة العربية على الفعل المقاوم المؤثر. فأمن، بذلك، على نفسه عندما ارتدعت النخب واستسلمت لجبروت القوة وتواطأت مع عدوها على شعوبها.

فكشف طوفان الأقصى محدودية حدود القوة – رغم ما تتضمنه من قدرة على الإبادة والتدمير- ونجح في اختراق جدارالصمت والعزلة التي تم إحكامها على الشعب الفلسطيني إسرائيليا وعربيا ودوليا منذ العام 1948. وأيقظ هديره شعوب العالم على امتداد الكرة الأرضية. ونبهتهم المظلمة الفلسطينية المستدامة إلى الواقع المظلم المطبق على العالم. فأظهر الطوفان خواء الحضارة المادية الغربية العنصرية وزيف ادعاءاتها المتصلة بالحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون. وأظهر عجز النظام الدولي المرتهن لسطوتها. فتدفقت جموعها بالملايين إلى الساحات والميادين، بعد أن كشفت حرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي لشعوب المنطقة والعالم أن الدولة اليهودية المخلقة غربيا مبنية على الأكاذيب والأساطير. وأنها دولة إرهابية مارقة يدلل عليها تاريخ نشأتها وحاضر أفعالها. وأن الإبقاء على بنيتها الصهيونية العنصرية ووظيفتها الإمبريالية يمثل تهديدا لا يقتصر على الشعب الفلسطيني والمنطقة العربية والإسلامية فحسب، بل يطال عموم الإنسانية ويقوض الأمن والسلم الدوليين.

صحيح أن هدير طوفان الأقصى الذي أيقظ شعوب العالم في أقاصي الكون، لم يوقظ، بعد، شعوب المنطقة العربية وأنظمة الحكم والطبقة السياسية الفلسطينية. الذي لا غنى عنه لإطلاق عملية التغييرالعالمي المستحق. فما يزالون جميعا تحت تأثير الصدمة، لا يصدقون ما رأوه بأم العين من تصدعات عميقة ألحقها الطوفان بأساسات المستعمرة الصهيونىة. رغم توحد كافة مستوطنيها والتحالف الاستعماري الغربي الصهيوني العنصري حتى اللحظة، دون أن يمنع ذلك تنامي شكوك يهود المستعمرة الصهيونية ويهود العالم بمدى جدوى الصهيونية وإسرائيل في توفير ملاذ آمن لمستوطنيها اليهود. أو يحول دون تعاظم تشكك التحالف الاستعماري الغربي الصهيوني العنصري الآيل للسقوط، بمدى أهلية إسرائيل للقيام بدورها الإمبريالي الوظيفي في حماية مصالحه الحيوية بكلفة اقتصادية وسياسية وأخلاقية يحتملها وتمكنه من الاحتفاظ بتفرده بقيادة النظام الدولي.

لقد أسس مقال الدكتور إياد البرغوثي التمهيدي لمقالات تنويرية متتابعة، كما وعد، يؤمل أن يشترك غيره من المثقفين الفلسطينيين والعرب، بالإسهام العلمي الذي يحفز الفكر النقدي ويثري الوعي ويسهم في توفير المستلزمات الضرورية لتطوير الوعي المعرفي الفلسطيني والعربي والدولي في مرحلة تاريخية دامية وفارقة.

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *