خالدة جرّار صخرة صوّان لها قلب فراشة

“وقال: إذا متّ قبلَكَ، أوصيكَ بالمستحيْل!

سألتُ: هل المستحيل بعيد؟

فقال: على بُعْد جيلْ

سألت: وإن متُّ قبلك؟

قال: أُعزِّي جبال الجليلْ

وأكتبُ: “ليس الجماليُّ إلاّ

بلوغ الملائم”. والآن، لا تَنْسَ:

إن متُّ قبلك أوصيكَ بالمستحيلْ” (محمود درويش)!

***

خالدة جرّار، صبر المناضلين وعنادهم. صخرة صوّان فلسطينية التكوين. أم لها قلب فراشة.

قالت يوم فاجأها رحيل طفلتها سهى: يا ابنتي اعذريني فأنا لا أستطيع الحضور لألقي عليك نظرة الوداع الأخير. لهذا من هنا، من زنزاتي أودعك بدمعتين ووردة. 

اليوم خرجت خالدة بذات بهاء المناضلين والأمهات الصابرات. كانت تمشي واضحة شامخة كسارية علم فلسطيني يرفرف على سفوح الجليل.

قالت: أول الحب أن القي السلام على طفلتي. وعدتها أن أضع على قلبها وردة. سأوفي الوعد.

بصمت الزيتون الباسل جلست خالدة طويلا أمام طفلتها. بدت في تلك اللحظة مثقلة بفقدها الأقصى حدّ الألم.

في هذا الزمن، زمن التردي والمقاومة في ذات الوقت، تقدم خالدة نموذجا بهيا حتى في ألمها.

في هذا الزمن الفلسطيني الصعب يصبح الحزن والدمع مقاومة، كما يصبح الفرح والابتسام أيضا نوعا من مقاومة.

سنوات وسنوات في ليل الزنازين والسجّان يحاول أن يجرد  الأسرى من إنسانيتهم وعواطفهم. فتفاجئهم خالدة بإنسانيتها في أكثر تجلياتها إشراقا ورهافة، وبهذا تكون قد انتصرت عليهم مرتين.

مرة بصمودها العالي وثباتها عند خط الواجب كشجرة زيتون. ومرة بإنسانيتها وأمومتها الرهيفة كحنّونة تراقص الندى.

 هي “خالدة”هكذا، درس شاسع في الوفاء والصبر والوضوح والجرأة لمن يريد أن يتعلم.

 فسلام عليك يا أم يافا حرة عالية كالنخيل. وسلام جليل على من رحل. لكِ، لغسان، ويافا  العزاء والصبر والذكريات الجميلة. ولتكن أيامكم القادمة أجمل.

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *