حين عادت قضية فلسطين الى الواجهة تصدعت المؤسسة الصهيونية الحاكمة
لن تُسقِط القائمة الموحّدة حكومة بنت المدعومة منها، الا اذا تيقّنت ان هذه الحكومة آيلة للسقوط الفوري، وليس بفضل الموحدة وليس بسبب المسجد الأقصى. لو كان الاخير هو الدافع فعلاً، لأسقطتها خلال شهر رمضان لكنها لم تفعل ذلك.
اذا سقطت حكومة بنت لبيد فإنّ الخاسران الأكبران فيها هما بنت نفسه الذي سيندثر تماما، وكذلك القامة الموحدة وبالذات رئيسها منصور عباس الذي أخفق في مراهنته بإقحام حزب عربي والصوت العربي الذي دعمه، بلعبة المؤسسة الصهيونية العدوانية العنصرية الحاكمة. وقد تسعى القائمة الموحدة والحركة الاسلامية الجنوبية الى استبداله سعيا لانقاذ تيارها الذي بدأت تظهر فيه علامات التصدّع.
يبدو أنّ من له مصلحة خاصة عليا في اسقاط الحكومة من داخل الائتلاف هو اييلت شاكيد وزيرة الداخلية، ومعها بعض اعضاء حزب يمينا سعيا للبقاء في الحلبة السياسية من خلال الليكود اذا ما قبل بهم هذا الحزب، فشاكيد تخوض صراع البقاء وعدم الاندثار السياسي.
لا تسقط الحكومة بسبب ألاعيب نتياهو وسعيه لاسقاطها بكل الوسائل، بل رغم ضعف نتنياهو الحالي وبالذات بسبب ملفاته القضائية، بل أنها بدأت تتعثّر بعدما تحطمت في وجهها السياسي كل المشاريع لتجاوز قضية فلسطين، سواء داخلياً اسرائيلياً أم إقليمياً.
لا توجد قدرة اسرائيلية حزبية حاكمة على خلق نوع من الثبات السياسي، وذلك لغياب قدرة استراتيجية لاية حكومة على تجاوز قضية فلسطين، بل أن كل احلام نتنياهو وبنت قد تهاوت كما تهاوت من قبل طموحات شمعون بيرس. إنه لأمرٌ جليّ بأنّه لا السلام الاقتصادي ولا استراتيجية التهدئة ولا ما يطلقون عليه “المعركة بين الحربين” ولا العدوان المباشر على المدنيين الفلسطينيين، ولا النيل من وعي القضية الواحدة المتنامي بين الفلسطينيين، بل كل ما تملكه اسرئايل من ادوات قمع واحتلال وقهر وعنصرية قد تمّ اعتماده من حكوماتها، وبقيت قضية فلسطين تعمّق ازمات اسرائيل سواء الاستراتيجية كدولة ام السياسية الحزبية فيها. كما أن ما يعمّق أزمتها المؤسسة الحاكمة هو انها من دون معارضة حقيقية داخل المجتمع الاسرائيلي.
لا يمكن ان يكون الدور السياسي المتوخّى هو التفتيش عن انفراجة للازمة السياسية الحاكمة، كما لا اعتقد أن الليكود في حال عاد الى الحكم سيقيم حكومة مستندة الى حزب “عوتسما يهوديت” وبن غفير، فهو سيكون في غنىً عنه، اذ سيجد من يتحالف معه من داخل احزاب الائتلاف الحاكم، ولا اعتقد أنه يُخرج القائمة الموحدة من حساباته. لكن حتى لو اقام ائتلافا مع هذا الحزب الأكثر فاشيةً، فلن يملك قدرات قمع اكثر من الائتلاف الحالي الذي يضم الموحّدة وميرتس.
هناك حقيقة بأنّ جماهير شعبنا واجهت كل الحكومات الاسرائيلية، وقد سقطت كل الحكومات وبقيت جماهير الشعب الفلسطيني في الداخل وتعززت مسيرتها الكفاحية. بل أن القوة السياسية للجماهير العربية الفلسطينية منوطة بالهامش التاريخي الذي اختارته خارج منظومة الحكم الصهيونية وفيه بنت أسس طريقها الكفاحي في مواجهة هذه المنظومة، ولأن هذا الهامش يتيح امرين مركزيين؛ الاستفادة من قوة التنظيمات السياسية العربية المعنية بالبعد البرلماني ضمن أدوارها، وفي ذات الوقت تعزيز البنية الكفاحية والتنظيمية غير المرتبطة بالعمل البرلماني بل بتنظيم الذات وتدعيم القوى الشعبية، وبالذات لجنة المتابعة وتعزيز حقيقي لتركيبتها ولدورها الجماهيري والتمثيلي برؤية مستقبلية تجاهحال الجماهير العربية الفلسطينية في الداخل وتجاه مجمل الشعب الفلسطيني.