حين بتنا عرايا…
منذ ودعناك، حدثت أمور كثيرة دفعتنا إلى الارتداد إلى المربع الأول، مربع التيه الذي تلبسنا ما بين سفر الخروج، ونسك العودة.. حدث أننا تأخرنا عن رفع العلم في طابور الصباح، فباتت بعض زهراتنا التي كنت تنشد، لا تحفظ النشيد!حدث أيضاً أننا عبثنا في عيار البوصلة وفقاً لكل فصيل من فصائلنا، فلم تعد القدس في مدى الرؤية، ولا العودة جل همنا..
ولا أفشي سراً إن جهرت بأننا بدلنا سؤال الهوية، بهوية السائل والمسؤول، فبتنا عرايا بلا إجابات شافية، منْ نحن؟اليوم، والوطن يحيا على هامش الكذب والادعاء والنفاق، في ظل احتراب يديره المستفيدون، ونغض الطرف عنه بعقول متفتحة تعي ضرورات المرحلة المعطوبة، كانت لغتنا، لغة الأرض وملح الأرض، تلعثمنا فضاعت الأرض أو تكاد.
نعم سيدي، لقد أُصبنا بارتفاع حاد في التنظير، فكثرت الاجتهادات في تفسير مقولة النفري، “كلما اتسعت الرؤيا، ضاقت العبارة”، لندرك متأخرين أن كل الرؤى ضاقت، لتسيل بدلاً عن العبارة آلاف العبارات تحت شعار “بمَ تفكر”، فما بالك والواقع قد تجاوز المتخيل؟!
قائدنا الحبيب.. أكتب إليك رسالتي هذه، ليس لأني بطل، وإنما لأنك غُيبت نبياً منتحراً على مذبح الوطن الذي أضعناه أو كدنا، والأنبياء عندما يُغيبون بفعلِ فاعل، لا يصح أو يستقيم أن نبقى شهود زور.