حول زيارة بايدن الهامشية لفلسطين
يبدو أن الفلسطينيين ينسون من تكون الولايات المتحدة الامريكية، وسياساتها وطريفة تعاملها مع الفلسطينيين وانها شريكة إسرائيل في كل جرائمها، وابنها المدلل، وما تقوم به من جرائم واستيطان وسرقة حتى احلام الفلسطينيين.
وموقفها الواضح من القضية الفلسطينية، وانها لا تضعها على جدول اعمالها بالنظر لعدالتها وحق الفلسطينيين في التحرر والاستقلال.
الموقف الامريكي له سياقات تاريخية في تلك العلاقة والشراكة وتقديم كل ما يلزم اسرائيل من دعم مالي وسياسي واقتصادي وعسكري وحماية مستمرة
ودمجها في محيطها العربي بعقد تحالفات امنية وسياسية واقتصادية باتفاقيات تطبيع علنية وسرية.
ومع ادراك القيادة الفلسطينية ذلك، إلا أنها مصرة على وضع جميع خياراتها في سلة الامريكان، والوثوق في الادارات الامريكية السابقة واللاحقة، وانتظار الوعود، ولا تزال القيادة الفلسطينية تراهن على زيارة الرئيس الامريكي جو بايدن للمنطقة خلال الايام القادمة.
وخلال العقود الماضية ظلت القيادة الفلسطينية تراهن على الموقف الامريكي، من خلال السياسات الخاطئة والفهلوة السياسية التي تمارسها القيادة ليومنا هذا، بانتظار وعد امريكي جديد بتجديد الامل بأفق سياسي ترفضه إسرائيل بشدة.
خلال الايام الماضية قدمت السلطة الفلسطينية بادرة حسن نية للادارة الامريكية بتسليمها الرصاصة التي قتلت الصحافية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة، وكانت النتيجة كارثية، وتماهى الموقف الامريكي مع الموقف الاسرائيلي الرافض للاعتراف بقتل شيرين.
من غير المعقول الاستمرار بنفس السياسة والرهان على الولايات المتحدة وزيارة بايدن وأهدافها المعلنة، واستمرار حالنا البائس والتهديد والوعيد والشعارات الفارغة ذاتها منذ سنوات بقطع العلاقة مع الاحتلال، اذا لم يقدم بايدن مدخل للبدء بافق سياسي، وتأكيد التزامه بحل الدولتين، ولا توجد أي توقعات بحدوث انفراج سياسي، ومعلوم منذ البداية أنه فاشل وبدون أي قيمة.
فزيارة بايدن لفلسطين هامشية، والهدف الرئيسي هو السعودية ودول الخليج ومواجهة المخاطر حيث من المقرر ان يعقد اجتماعات مع القيادة السعودية، وسيحضر قمة دول مجلس التعاون الخليجي + 3 والتي تضم قادة دول مجلس التعاون الخليجي، وينضم إليهم قادة مصر والأردن والعراق.
وستتناول الزيارة وضع خطة لتوسيع التعاون مع دول الخليج والدول العربية الأخرى في الشأن الإيراني، وذلك حسب محللين إسرائيليين ان يكون ذلك بالتنسيق مع إسرائيل، ومن الواضح للإدارة أنه في واقع توجد فيه احتمالات ضئيلة بأن يتم تجديد الاتفاقية النووية، وتستمر إيران في التقدم في برنامجها النووي – وحتى إذا تم التوصل إلى اتفاق – فإن دول المنطقة تتوقع من الولايات المتحدة تقديم خطة عمل تحمي مصالحها,
ويبدو أن للإدارة الامريكية مصلحة في تقاسم أعباء التعامل مع إيران مع دول المنطقة ومنعها من السير في اتجاهات لا تتناسب مع المصالح الأمريكية.
صحيح أن زيارة السعودية كانت أولوية خاصة على ضوء مستجدات الحرب الروسية الاوكرانية، لكن لإسرائيل مهمة لبايدن على المستوى الشخصي، وبالنسبة للأمريكان تعتبر إسرائيل أولوية الأولويات، وكعادة الرؤوساء السابقين، وما أعلنه بايدن سابقاً فانه سيؤكد على التزامه الشخصي الاستثنائي تجاه إسرائيل، ورغبته في تعزيز موقف الولايات المتحدة، والتزام علني بأمن إسرائيل وازدهارها.
يعتبر محللون اسرائيليون ان زيارة بايدن إلى إسرائيل مهمة، وعلامة فارقة من المتوقع أن تساهم بشكل كبير في التفاهم في المنطقة وخارجها، وأن الولايات المتحدة تواصل الوقوف إلى جانب إسرائيل، والادارة الأمريكية ملتزمة بأمنها ورفاهيتها.
وهذه رسالة تحمل أهمية كبيرة وخاصة في هذا الوقت بالتحديد، في ظل الشعور السائد بأن الإدارة الامريكية حريصة على الانفصال عن المنطقة.
كما أن الزيارة حتى لو كانت رمزية بشكل أساسي، فهي اضافة إلى سلسلة طويلة من المشاورات والمحادثات التي جرت خلال العام الماضي من قبل مسؤولين عسكريين وأمنيين والتي ترمز إلى الاتجاه الذي تحدده الإدارة الامريكية، والأهمية التي توليها للحوار المستمر على جميع المستويات مع الحكومة الإسرائيلية.
وبالطبع هي مصلحة واضحة في الحفاظ على البراغماتية والألفة التي تميز العلاقات الحالية، خاصة وأن الإدارة الامريكية حرصت على عدم استخدام الخلافات كأماكن للنقد، ومن جانبها تحرص إسرائيل أن تضمن استمرار سلوكها بهذه الروح. حيث أتاح الحوار السري الجاري بين إسرائيل والولايات المتحدة خلال العام الماضي طرح مواقف صريحة، بل مواقف متناقضة.
وأن الجانبين الامريكي والاسرائيلي يفهمان بوضوح المصالح المشتركة، وتعتبر القدرة على جسر الخلافات وصياغة سياسة مشتركة هي في المصلحة العليا لإسرائيل، بشكل خاص.
و الهدف هو تعزيز فهم الإدارة، وفهم الكونجرس، أن إسرائيل حليف للولايات المتحدة لا تقل عن كون هذه الأخيرة حليف لإسرائيل.
اضافة إلى ذلك من جهة إسرائيل أن زيارة بايدن لديها القدرة والامكانات على تعميق سياسات التطبيع بين الكيان والدول العربية بشكل عام، والمملكة العربية السعودية بشكل خاص.
ووفقا لمراقبين إسرائيلين، فإن صياغة خارطة طريق لتعزيز العلاقات بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية أمر مهم من الناحية الاستراتيجية لجميع الأطراف، و من جانب إسرائيل، ستعمل جيداً بالتركيز على طرح أفكار للتدابير السرية والعامة التي من شأنها أن تسهل على السعوديين عبور نهر روبيكون.
وتعزيز العلاقات الثنائية بوتيرة تناسبهم, حيث إن اختراق العلاقات الإسرائيلية السعودية سيعتبر عودة مناسبة لجهود الرئيس الامريكي جو بايدن.
على خلاف القيادة الفلسطينية التي لا تزال تراهن على الولايات المتحدة الامريكية التي لا ترى في الشرق الاوسط إلا مصالحها وفقط من خلال إسرائيل التي توفر لها كل انواع الحماية والاستقرار، وعليه هي الدولة الوحيدة الحليفة للولايات المتحدة الامريكية.
فزيارة بايدن السريعة لفلسطين ستكون هامشية ومن دون تقديم أي شيء غير الوعود والانتظار.