إن التشويشات التي لحقت بتطبيق “وايز “التي شعرنا بها منذ بداية الحرب في شمال البلاد، ومؤخراً أيضاً في منطقة تل أبيب، لاتمثل مشكلتنا الكبرى – ولكن هناك شيء فيها يرمز إلى وضعنا. “وايز” هو تطبيق طورته شركة إسرائيلية، ونتنياهو وآخرون بالتأكيد كانو مسرورين في الحديث عن مثل هذا التطوير في خطاباتهم في العالم كدليل على نجاح “أمة الشركات الناشئة”. وهنا، هنا بالتحديد، في المكان الذي تم تطويره فيه، لا يمكننا استخدام التطبيق.

إن تدهور مكانة إسرائيل في العالم – سياسياً واستراتيجياً واقتصادياً – يتطلب منا أن نطرح أسئلة عميقة حول كيف حدث لنا هذا بمثل هذه السرعة . فقبل أربع سنوات فقط، نشر البروفيسور يوسي شين كتاب “القرن الإسرائيلي”، الذي سرعان ما تُرجم إلى لغات اجنبية . وفي قلب الكتاب ورد الادعاء بأننا نعيش في عصر القرن الإسرائيلي من التاريخ اليهودي، وأن وضع اليهود في وطنهم لم يكن أفضل في أي وقت مضى، وأن الإسرائيلية سيطرت على اليهودية أيضًا. عنوان الكتاب فقد أهميته خلال وقت قصير، ولكن في سطوره كان هناك أيضًا تحذير من أبعاد استمرار وجود القطاع الحريدي، الذي يشكل حوالي 15 بالمائة من السكان ، بشكله الحالي ، على إسرائيل. وبالفعل فإن الحرب كشفت بقوة كبيرة بأن حقيقة استمرار اليهود المتشددين في عدم الخدمة في الجيش ــ والأهم من ذلك: عدم انفتاحهم على سوق العمل والبقاء على التمويل الحكومي ــ تشكل جزءاً من تفسير هذا التدهور السريع.
وهناك سبب آخر يكمن في أن حقيقة فرض منطق النيوليبرالية، الذي بموجبه يتم حساب كل شيء على أساس اعتبارات الربح والخسارة، حولت السياسة الاسرائيلية أيضًا إلى منتج استهلاكي . وهكذا بدأ يحدث أن رجالات السياسة يطلقون أقوال ولكنهم لا يتطرقون حقاً إلى معناها ما دام هناك “مشترون” لها. وتفاقمت المشكلة جدا عندما اختار الزعيم نتنياهو التعبير عن مواقف شعبوية معروفة لنا منذ عدة سنوات والحديث عن قصص ووعود بنجاحات خيالية منذ سنوات – “نحن أول دولة في العالم قامت بالتطعيم ضد كورونا”! (وبعد ذلك مباشرة تم تطعيم بقية الدول، ولم يتوقف الوباء)؛ “سيكون لدينا الناقلة العملاقة، أكبر طائرة لمكافحة الحرائق في العالم!” (الذي لم يمنع الحرائق)؛ والآن الشعار هو “النصر المطلق”. ولكن ما هو الخطأ في النصر المطلق على العدو؟ السيئ في الأمر هو أن الحروب لا تنتهي بقتل آخر جندي من جنود العدو، بل تنتهي بالتسوية السياسية. وإن النصر الحقيقي يكمن في التوصل إلى بديل لحكم حماس في غزة ـ ولم يكن نتنياهو مستعداً للبحث في هذا الأمر إلا بعد فوات الأوان على مايبدو .

في مقابلة مع صحيفة «التايم» واجه نتنياهو سؤالاً حول مضمون ذلك «النصر المطلق». ولكنه فقط بعد أن حاول التهرب أوضح أن الأمر يتعلق بالقضاء على جميع أعضاء حماس، ونفي القيادة من قطاع غزة، وتغيير نظام التعليم في غزة، ووقف التحريض ومن ثم إقامة سلطة فلسطينية محلية محبة للسلام . يبدو الكلام رائعًا – إلا أن مثل هذه العملية ستستغرق عقودا من الزمن. ناهيك عن أنه يجب فعلا تغيير التحريض والتثقيف على الكراهية، ولكن مقابل شيء ما. ولكن ليس عندما يكون المقابل ما يقترحه نتنياهو وهو ان نستمر في حكم غزة بأنفسنا.

مثلما أن “النصر المطلق” هو ​​شعار فارغ يهدف للتضليل، كذلك لا تقال الحقيقة لسكان الشمال. فلن يتمكنوا من العودة إلى بيوتهم إلا إذا أنهت إسرائيل الحرب في غزة، أو قررت خوض حرب ضد حزب الله . لكن إسرائيل نتنياهو تقرر كعادتها عدم تنفيذ أي من الخيارات والاكتفاء بالوعود. وإن غضب وزير الدفاع غالانت في بداية الاسبوع ضد ما أسماه “هراء النصر المطلق” يدل على أنه هو الآخر سئم من الأكاذيب. خاصة أنه يعلم أن من عارض ضرب حزب الله في بداية الحرب وتحقيق نصر استراتيجي حقيقي هو نتنياهو . ومن أجل وقف التدهور يجب علينا جميعا أن نزيل قناع الأكاذيب الذي يغطينا .

المصدر: يديعوت احرونوت

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *