لفت انتباهي أكثر من مرة ما كنت أظنه مجرد دعاية ذات غايات لا أعلمها حديث لبعض قيادات حماا س عن رغد العيش في غزة, ولقد أشغلني هذا الأمر حقيقة, في محاولة لفهم دوافع هذه التصريحات, فهل فعلاً ترى حماا س أن غزة رغيدة؟ أم أنها كما كنت أظن دعاية ذات أغراض لا أعلمها؟

قبل حوالي سنتين طلب أحد القيادات الأمنية اللقاء ببعض الكتاب والنشطاء, كنت أحد أولئك المدعوين, رغم تحفظي على أن الدعوة- كما قيل لنا- تعبر عن رغبة في التواصل مع المثقفين, فلماذا إذن تصدر من جهة أمنية؟ وهل قررت حماا س أن تقرأ تفاصيل المشهد الفلسطيني من بوابة الأمن؟ وإلا, فإن كان المدعوون مثقفين كما قيل لنا, فلماذا لا تلتقيهم حماا س بواسطة مثقفيها, إن كانت تسعى بالفعل للاستفادة, أو حتى مجرد الاستماع للآراء المختلفة؟ لكن في النهاية رأى المدعوون أن يلبوا الدعوة حتى لا يقال: ها نحن طلبناكم لنسمع منكم مباشرة لكنكم رفضتم.

ما يهمني من هذا اللقاء هو فحوى حديث القائد الأمنى عن المنجزات التي حققتها حماا س خلال حكمها لغزة, على كل المستويات, ومن ضمنها بالطبع النمو الاقتصادي..!

يومها أثار الحديث حفيظتي بصفتي مواطن غير محاط بسور الحكم, ولا يرتدي نظارته, إنما يرى الحياة بعين المواطن كما هي دون رتوش, ولا يهتم بمحاولات السياسيين لتجميل الصورة تارة, أو المبالغة في قبحها, وفي كل مرة لدوافع سياسية.

يومها طلبت الكلمة مباشرة بعد كلمة صاحب الدعوة, وطرحت سؤالين, قلت أن الإجابة عليهما ستحدد إن كانت هناك جدوى من اللقاء:

الأول: هل تشعر حماا س بوجود أزمة في غزة, أم أنها ترى غزة بخير, وفقاً للمقدمة التي سمعناها؟

الثاني: هل تعترف حماا س بأنها مسبب رئيسي للأزمة, أم أنها بريئة من كل مسئولية؟

قبل شهرين تقريباً دعيت أيضاً للقاء ضيق في بيت صديق محترم, كنا ستة غير حمسااويين, وعن حماا س كان أخوان مارسوا الحكم في مستويات عالية, أحدهما قال: إنه سيتحدث بلغة الأرقام, وبواسطة هذه الأرقام- التي لا نعرفها, وليس لدينا أرقام بديلة عنها- تحدث عن نمو في كل التفاصيل, الانتاج الزراعي, الحيواني, السياحي, التصدير, سوق العمل, كل شيء, حتى أن منجزات حكم غزة فاقت بعض ما حققته بعض الدول العتيدة في المنطقة..!

كما المرة السابقة تساءلت إن كانوا يعترفون بوجود مشكلة, طالما أن غزة صارت امبراطورية بهذا الشكل, طبعاً أثار استخدامي لمصطلح امبراطورية حفيظة الإخوة من حماا س, برغم أن ما سمعناه من الأوصاف هو ما دفعني لاستخدام هذا الوصف.

يؤسفني القول- وهذا ما قلته حرفياً للشخصيات الحمساا وية في اللقاء الأخير- أن حماا س على ما يبدو لا تسمع إلا لنفسها, وإن بالغت في توصيف هذه الحالة فيمكنني القول أن حماا س تعيش عزلة شعورية عن باقي مكونات الشعب الفلسطيني في غزة, وربما يحولها هذا السلوك إلى ما يشبه الشعب الخاص داخل الشعب الواسع, فهي تستمع لشعبها فقط, وربما تراه بخير.

فمثلاً:

أنا لا أعرف أن جيل التسعينات الحمساا وي محروم من أي فرصة للعمل بشكل أو بآخر, ولا أفشي سراً لو قلت أنني على مدار الشهرين السابقين وجهت السؤال التالي للعديد من الناس:

هل تعرفون أحداً من حماا س عمره 24 أو 25 سنة وليس له أي مصدر دخل كبقية أبناء هذا الجيل؟

عن نفسي لا أعرف, ولم يقل لي أحد أنه يعرف, وأخشى أن جيل تسعينات شعب حماا س له مداخيله بشكل أو بآخر من دون بقية أبناء هذا الجيل, وفي حالة كهذه فهي لا ترى فيما يثار عن أزمة جيل التسعينات سوى زوبعة معادية تبثها جهات حاقدة, تزيف صورة غزة الرغيدة..!

في المحصلة:

يا جيل التسعينات لكم الله وحده, أو انضموا إلى شعب حماا س, ما دون ذلك فلا حل, ولا لقمة عيش لكم في هذه البقعة البائسة من الأرض.

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *