جيل جديد، صهيونية جديدة: مقاتلو اليوم تحرروا من عقد الماضي
أنظر إلى الجيل الشاب الذي قاتل في العام الماضي، وأقول لنفسي إن هذا جيل مختلف عن جيلي. ولا أقصد أنه يتصرف بشكل مختلف عنا – فكل جيل له عاداته ومظهره وموسيقاه ولغته – وانما اقصد نظرة هذا الجيل الى الدولة .. انها نظرة مختلفة.
في جيلي – وأنا هنا اعمم ذلك بالضرورة ، حيث أنه لا يمكن مناقشة أي ظاهرة اجتماعية دون تعميم – قليلون أعلنوا أنهم يقاتلون “من أجل الشعب والارض”.
ليس فقط لأنهم لا يريدون أن يبدوا “منمقين” عندما يقولون ذلك، وأنما لان هذا الشعور بالذات ربما لم يملأ كيانهم. صحيح ان الاعتراف بذلك كان موجود في داخلهم ولكن على المستوى الفكري والنظري أكثر منه على المستوى العاطفي. وإذا تجرأ أي منا على التعبير عن مثل ذلك بين أصدقائه… فإنه ببساطة لم يكن يجرؤ، لأنه كان يعلم أنه سيتعرض للسخرية والاستهزاء على الفور.
وهذا ليس بالضرورة عيبًا في شجاعة جيلي الذي كان يفتقر إلى نفس الشعور، حيث أن حيزا كبيرًا من الشجاعة في المعركة يرتبط بالرغبة في مساعدة أصدقائك وإنقاذهم، وكذلك منع الأذى عن أفراد عائلتك و أحبائك في الجبهة الداخلية. ولكن هل كان وجود الدولة كقيمة عليا يشكل عنصراً مركزياً في الشجاعة التي أظهرها جيلي، والذي، كما نعلم، أبدى العديد منهم شجاعة عظيمة؟ من الصعب معرفة إلى أي مدى.
حسب احاسيسي ،فإنه بالنسبة للكثيرين، على الأقل، لم يكن هذا الامر مركبا مهيمنًا، بل كان بالنسبة للبعض مركبا غريبا . قال ترومبلدور وهو على فراش الموت: “من الجيد أن نموت من أجل بلادنا”، وليس من قبيل الصدفة أن يصبح تصريحه نكتة بيننا، بل وحتى احيط به الشك لأنه وفقا للكثيرين جدا – لم يكن من “الجيد” أن تموت من أجل البلاد.
الكثير منا قام بتربية الجيل التالي بهذه الطريقة، أو على الأقل سمح للبيئة بتربيتهم بهذا الشكل . “لماذا لا تنتقل إلى برلين إذا كان الحليب أرخص هناك؟” عبارات من هذا النوع كانت تسمع في كل مكان، بما في ذلك من شباب كانوا قبل سنوات قليلة فقط أعضاء في حركات شبابية أو جنودًا في وحدات عسكرية “حسنة السمعة”. لكن الشخص الغارق في المشاعر القومية، والمدرك للأهمية القصوى للقومية اليهودية، لم يكن ليقول ذلك . ربما يكون قد غادر البلاد لأسبابه الخاصة، لكن هذا لاينفي الأهمية العليا لوجودنا على أرضنا السيادية. فهو لن يعلن حتى أنه يترك البلاد بسبب «الدكتاتورية»، حتى عندما يكون مؤمنا بسذاجة الكذبة الدنيئة القائلة بأن هذا هو ما سيأتي به الإصلاح القضائي . لا، مثل هذا الشخص بالذات كان سيختار في الواقع البقاء في إسرائيل من أجل معارضة “الدكتاتورية” التي ستأتي مع مرور الوقت .
وكما ذكرنا فإن الجيل الحالي مختلف، وليس لأنه تلقى تربية أيديولوجية صهيونية منظمة. في بعض الأحيان تلقى تعليمًا معاكسًا (يرجع الفضل في ذلك إلى حد كبير إلى وسائل الإعلام). ومع ذلك فهو جيل صهيوني بامتياز. لأنه حتى من دون التعليم اللازم – وهو ضروري بالفعل لأسباب عديدة – فإن صهيونيته طبيعية. هي موجودة فيه من تلقاء ذاتها نتيجة لحقيقة أن الغالبية العظمى منه يعيش في البلاد طوال حياته، وكذلك والديه وفي حالات، لايستهان بها والدي والديه.
إنه مرتبط بشكل طبيعي بالأرض، وبالشعب الذي يعيش فيها، وبطريقة معيشته ، وبحقيقة أن هذه دولة يهودية، ولا يمكن أن تكون غير ذلك. وهو يحب هذه الأمور دون تحفظ، ودون الحاجة إلى “وسطاء” أيديولوجيين يغرسون الحب فيه.
في مناسبات ذكرى الشهداء الذين هم أبناء جيلي – كثيرًا ما رأيت كيف يتحدث المتحدثون بشكل مطول عن المعاناة التي مروا بها هم أنفسهم، وأحيانًا أكثر بكثير مما يتحدثون عن الشهيد نفسه – حول ماذا ومن أحب وماذا فعل وماذا لم يتمكن من فعله خلال حياته القصيرة . يتم سماع مثل هذه الأشياء وأمثالها، ولكن حدث مرات عديدة أنني لم أسمع ما الذي استشهد من أجله الابن. أي أنني لم أسمع منهم تصريحاً بأن الابن سقط دفاعاً عن الشعب والوطن. مثل هذه الجملة لم تقال . أما بالنسبة للذين يسقطون اليوم، فهذه جملة يرددها دائمًا أفراد عائلاتهم بشكل مباشر – ويقولونها بكل فخر. “سقط ابني دفاعاً عن الوطن”.
مع مرور الوقت، اتضح أن عقد المنفى، التي بقيت معنا لسنوات عديدة حتى بعد مغادرتنا له، بدأت تختفي منا. ويتضح بانه في جيل المقاتلين الحالي لم تعد هذه العقد موجودة تقريبا .
في الواقع، هذا جيل مختلف. طوبى لنا .
المصدر: موقع والا الاسرائيلي