جولة في عقل أيال زمير

شنّت إسرائيل حربها على غزة بقناعة تامة بأن الحرب على وجودها والذي لا يمكن تأمينه بدون “ترانسفير” كل أهل القطاع، وإذا تعذر ذلك، فليكن كل شمال وادي غزة. وعليه، شرعنت إسرائيل حرب الإبادة الجماعية بإعلان عقيدة جيشها الجديدة بعد السابع من أكتوبر “אין בעזה לא מעורב”، بمعنى أنه لا يوجد في غزة من هو محايد، بدءاً من الرضيع وانتهاءً بالشيخ. هذه العقيدة تعود جذورها إلى التنظيرات التي كتب عنها وروج لها الكثير منهم رئيس هيئة الأركان الجديد للجيش الإسرائيلي، أيال زمير، تحت عنوان “عقاب الشعب الإرهابي حتى يتوقف عن الإرهاب”.
في عام 2007، نشر زمير مقالة بعنوان “محاربة الإرهاب” في مجلة الجيش “معروخوت”، دعا فيها إلى سحق ما أسماه “سلسلة الغذاء الإرهابية”، والتي تتضمن الحاضنة الشعبية، ورجال دين، ومثقفين، وقادة رأي لم يحملوا السلاح.
بكلمات واضحة، كتب أيال زمير:
“يجب علينا القضاء على سلسلة الغذاء الإرهابية، بما في ذلك قيادتها الروحية والثقافية، لأنها جزء من آلية الإرهاب. ولذلك، كل من ينخرط فيها هو هدف مشروع في الحرب ضد الإرهاب. هم متورطون في الإرهاب القاتل، حتى وإن تظاهروا بأنهم مدنيون ويحاولون الحصول على حصانة لأنفسهم. سيكون من المبرر مهاجمة أي شخص من المشاركين في سلسلة الإرهاب، ولن يكون من الأخلاقي منحهم أي حصانة.”
وفي معرض حديثه عن عامة الشعب ، يكتب زمير:
“يمكن توجيه أصبع الاتهام أيضاً نحو السكان المدنيين الذين يشكلون حاضنة شعبية ويقدمون الدعم والتشجيع لأعمال الإرهاب… طالما يعاني جانب واحد من أعمال الإرهاب الشعبي، ستستمر العقوبة الجماعية ضد الشعب الإرهابي. يجب أن تتواصل الحرب ضدهم حتى تتوقف سياسة أعمال العنف لهذا الشعب”. وفي هذا السياق، أكد زمير في مقالته وبعدها أن الحرب يجب أن تشمل العقوبة الجماعية، مثل فرض الحصار، وقطع الكهرباء، ومنع مرور المواد الخامة، ومعظم مقومات الحياة.
خلاصة القول:
سيتولى نهاية هذا الشهر أحد أصحاب عقيدة “عقاب الشعب الإرهابي حتى يتوقف عن الإرهاب” قيادة الجيش الإسرائيلي، والمهمة واضحة: استغلال أربع سنوات حكم ترامب لتنفيذ أكبر قدر من مخططات حسم الصراع المبيتة لإقامة الدولة اليهودية الخالصة بين النهر والبحر. وقد بدأ سابقيه هذا المشروع خطوة بخطوة، وعليه أن يسارع الخطوات حتى بثمن استمرار حرب الإبادة الجماعية والتهجير القسري. كل هذا في الوقت الذي يعاني فيه الشعب الفلسطيني من حالة ضياع قيادي وغياب إسناد عربي ودولي رهيب.