جواز أحمر
صديقي عبده الاسدي ولد في دمشق لعائلة مهجرة من صفد.. ولكنه بعد الثورة السورية وازدياد البطش بالفلسطينين، هاجر من سوريا مع عائلته كشأن الكثيرين من الفلسطينين الى ايطاليا ومن ثم الى هولندا في رحلة عذاب خطيرة ومضنية ربما تحتاج لفيلم خاص بها. واخيرا بعد خمس سنوات حصل على الجواز الهولندي الاحمر.. فكانت اولى سفراته الى الوطن فلسطين .
ابنته يارا رافقته في هذا المسار الى حيفا وصفد والقدس ورام الله… فقام بتصوير رحلته وتوثيقها بتفاصيلها فخرجت على شكل فيلم شخصي مليئ بالرسائل الشاحنة.. شخصيا اذهلتني قوة البساطة في توصيل الرسالة حول معنى الانتماء عندما تلتقى المعاني ويصطدم الخيال بالواقع.
يارا الابنة التي تبحث عن ذاتها وهويتها وجدتها بين البيوت القديمة وفي لقائها مع الناس.. فهي لا تعرف عن فلسطين غير تلك الصورة المرسومة في الخيال وهنا لامست بيديها تراب فلسطين… انها تعود لبلدها بجواز سفر هولندي تدخلها كاجنبية متخفية ولكن سرعان ما تشعر انها تنتمي للمكان. تسألت كيف يحدث ان من يعيش هنا يشعر احيانا بالغربة ويارا تشعر بانها وجدت ذاتها. بعض اللحظات قاسية وكأنك ترى عذابات كل فلسطين تنهال مع دموع يارا العفوية.
عفوية الفيلم والقصة الشخصية مؤثرة جدا وهي مادة رائعة للتعليم حول معاني الشتات واللجوء الكفاح والنضال والمحافظة على الانتماء والهوية لاخوتنا اللاجئين في شتات الارض قصتهم جزء من قصتنا نحن الباقين هنا ولن تكتمل قصتنا الا اذا اكتملنا نحن جميعا بقصصنا وحكايانا ..شوقهم لملامسة شيئ حي من فلسطين .. شعرته عندما احتضني عبده بهذا الحب الكبير باول لقاء وجاهي لنا ..اشعرني انه وجد شيئا افتقده.. في نهاية الفلم فهمت اكثر معنى هذا العناق الكبير.. .
لكل شخص رؤيته حول الفيلم ولكن شخصيا رأيت ان الصديق عبده اللاجئ الابدي سعى ليقدم لابنته هدية من نوع اخر، ليوجه بوصلتها نحو فلسطين عسى ان تكون هناك رحلة باتجاه واحد نحو فلسطين المستقر.
الف عافية .