جديد الأكاديمي والباحث الفلسطيني عزيز حيدر عن الطبقة الوسطى الفلسطينية


لقد أهداني الأخ البروفيسور عزيز حيدر، مشكورا، كتابه الأخير، والذي صدر حديثا باللغة العبرية، عن مركز ليباخ في جامعة تل أبيب.
وقد حمل الكتاب عنوان: “الطبقة الوسطى العربية- الفلسطينية الجديدة في اسرائيل: جوانب اقتصادية، اجتماعية-ثقافية وسياسة”.
يشتمل الكتاب والذي يحتوي على 244 صفحة مدخل وأربعة أجزاء كما أُلحق بقائمة بالمصادر.
لقد تطرق المدخل إلى النقص البارز في الأبحاث حول الطبقة الوسطى في البلاد بشكل عام وحول المجتمع الفلسطيني بالداخل بشكل خاص، ومن هناء جاءت الحاجة إلى إجراء هذا البحث الطلائعي، الجاد والشامل.
وقد تطرق المدخل أيضا إلى الأدبيات الأكاديمية والفكرية النظرية منها والعملية، كما تطرق إلى التعريفات الاقتصادية- الاحصائية للطبقة الوسطى من جانب والتعريفات الاجتماعية من جانب آخر.
لقد ركز الجزء الأول على نمو الطبقة الوسطى منذ عام 1948 وحتى السنوات الأخيرة، من خلال تحقيبات زمنية مهمة ومن خلال التشديد على المميزات الاقتصادية وعلى سمات مألوفة بالتعريف الاجتماعي التي تعتمد المهنة والعمل في وظائف وحرف مُعرفة او مستوى المهارات المهنية لرب العائلة.
وقد أشار البحث الى تغيير عميق من الناحية الاقتصادية والتقنية واكتساب المجتمع العربي ثقافة وتعليم أكثر الذي ساهم بتشكل الطبقة الوسطى. الطبقة الوسطى الجديدة نمت وتشكلت بثلاثة مسارات: الاندماج بسوق العمل، نشاط اقتصادي والحصول على التعليم العالي. الشيء الذي يميز هذه المجموعة: مستوى دخل عال ومستوى تعليم عال، الشيء الذي خلق فجوات وفروقات طبقية داخل المجتمع الفلسطيني في الداخل.
أما الجزءالثاني: فقد تعمق في عرض وتحليل السمات والمميزات الاجتماعية والثقافية للطبقة الوسطى العربية الجديدة من خلال تفصيل المميزات الاجتماعية( السلوك الديموغرافي، أنماط المسكن، دوافع واعتبارات الهجرة، ميزات المهاجرين، المبنى الاجتماعي والعلاقات الاجتماعية…) وأنماط الحياة بما في ذلك التحولات في أنماط الإستهلاك.
أما الجزء الثالث: فقد ناقش موضوع الطبقة الوسطى والتطورات السياسية في المجتمع الفلسطيني من خلال تحقيبات زمنية ومحطات مهمة في تطور المجتمع العربي في الداخل. وخصوصا منذ هبة القدس والأقصى ٢٠٠٠ وسياسات الحكومات الاسرائيلية والمجتمع اليهودي من جانب ومبادرات واستجابات المجتمع العربي من جانب آخر كما تجلت على سبيل المثال بالمشاركة السياسية وإصدار التصورات المستقبلية وحتى هبة الكرامة الأخيرة ودخول القائمة الموحدة للإئتلاف الحكومي ( دون التعمق في هذا التغيير السياسي الدرامتيكي)، معتبرا تغيير بعض الممارسات السياسية للأحزاب العربية نابع من ضغوطات قوى محسوبة على الطبقة الوسطى.
اما الجزء الرابع: فقد خصصه المؤلف للتحليل وعرض الاستنتاجات.
كتاب الاستاذ عزيز حيدر كتاب طلائعي وهام، شامل ويربط بين النظرية والتطبيق كما أنه عابر للتخصصات. يعالج الكتاب إحدى الظواهر التي رغم أنها تشكل حوالي بين ٢٥-٣٠% من المجتمع العربي لم تحظى حتى الآن بالعناية والبحث والدراسة الكافية. أضف الى ذلك. لم يقتصر بحث حيدر على عرض المعطيات فحسب بل على تحليلها واستنباط تبصرات ونتائج وتوصيات. من الأهمية بمكان الأِشارة الى أن الكتاب يقتفي ويتعقب أثر نمو وتطور وتشكل الطبقة الوسطى منذ النكبة وحتى الآن من خلال فهم سياقاتها السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية ومقارنتها مع مجموعات أخرى.
من الاهمية بمكان صدور الكتاب، وبسرعة، باللغة العربية أيضا ومناقشته في الأطر التمثيلية والمؤسسات الأهلية والسياسية والاجتماعية والأكاديمية، من أجل اشتقاق أوراق عمل وسياسات من أجل التأثير على الواقع ومن أجل توسيع الأبحاث في هذا المجال ومجالات أخرى.
يمكن الاتفاق أو الأختلاف مع بعض الأفكار التي يقترحها حيدر ولكن دون شك فنحن أمام عمل كبير ومميز، يستحق القراءة والاستثمار لما به مصلحة مجتمعنا. بوركت جهودك بروفيسور عزيز.