ولدت جدتي رحمها الله في ناصر الدين قضاء طبريا عام 1900. وكانت في مطلع شبابها حين غادر العثمانيون بلاد الشام، ثم عاصرت وعد بلفور والاحتلال الإنكليزي لفلسطين عام 1920، والهجرات اليهودية لفلسطين ولطالما تحدثت عن علاقات حسن الجوار مع اليهود الذين كانوا في طبريا آنذاك، قبل قدوم اليهود “الغُرب”، وتشكيلهم عصابات مسلحة، تمهيدا لإقامة دولة لليهود. وكانت جدتي تقول ان اليهود القدامى كانوا يحذرونهم من اليهود الجدد ويتبرؤون منهم.

وقد شكل هؤلاء بالفعل العديد من التنظيمات المسلحة مثل (الارغون) التي كان يقودها رئيس وزراء إسرائيل الأسبق مناحيم بيغن ومنظمة (ليحي أو شتيرن) التي شارك في قيادتها رئيس وزراء إسرائيل الأسبق إسحاق شامير إثر مقتل قائدها شتيرن على يد القوات البريطانية بعد نسفها مقر قيادة القوات البريطانية في فندق الملك داوود بالقدس، حيث كانت تستعجل رحيل البريطانيين، وإقامة دولة لليهود. وهناك منظمات أخرى عديدة مثل “الهاغاناة” الجناح العسكري للحركة الصهيونية العالمية، و”البالماخ” (الصاعقة) التي شكلت نخبة قوات “جيش الدفاع الإسرائيلي” بعد قيام إسرائيل.

كان والد جدتي أحد شيوخ العشائر في طبريا، وكان يأوي في بيته الثوار ضد الانكليز واليهود، لذلك عمد الإنكليز الى حرق منزله، وحتى حين أقام في بيت شعر (خيمة)، أحرقوها أيضا. وكلما كانت جدتي تتذكر تلك الأيام، كانت تتحسر على ما كان بداخلهما من ممتلكات، لم يسمحوا لهم بإخراج أي شيء منها قبل الحرق، وتذكر خاصة اللحف الجديدة وتنك السمن التي دحرجوها في الوادي.

ومن هنا، فاني أفكر إذا تيحت لي فرصة لزيارة بريطانيا برفع دعوى على الحكومة البريطانية للتعويض عن تلك الممتلكات.. لكن من يعوض عن فلسطين التي سلموها كلها لليهود الغُرب.. الغُرب يعني اليهود غير الأصليين الذين وفدوا آنذاك من أصقاع الأرض، وما زالوا يفدون..

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *