
جامع حسن بك في يافا : معلم من معالم صمودها والحفاظ على هويتها : لا يسع القادم إلى يافا من جهة وادي العوجا وتل أبيب في شمالها إلا أن يمر عن جامع حسن بيك وهو قابع في مكانه صامد كالطود رغم إحاطته غير البريئة بالمباني العالية والتي تحيطه من كافة الجهات خلا جهة البحر الغربية .
جامع حسن بيك، ويلفظ أيضاً حسن بيه، اقيم عام 1916 بأمر من الحاكم العثماني ليافا ، حسن بيك الجابي ، وقد دعي على اسمه. وقد بني الجامع بنمط معماري فريد، حيث تم استعمال الحجر الجيري الأبيض بدلاً من الحجر الأصفر المتعارف عليه في أبنية تلك المنطقة منذ القدم. تم البناء عام 1916 على الطراز العثماني. وهو ذو قبة واحدة ومنارة واحدة أيضا. وتشكل منارته الإسطوانية المضلعة تضادا مع قاعة المصلين المربعة .
قبل نكبة1948 ، كان مسجد حسن بيك أعلى الأبنية في حي المنشية الواقع شرقاً منه . وعند احتلال هذا الحي في الثاني عشر 1948 من قبل قوات الإيتسيل والليحي ، تم اقتراف الفظائع ضد المدافعين عنه وقد تم هدمه وإزالته عن وجه الأرض . بعد النكبة تعرض المسجد إلى اعتداءات ومحاولات رسمية أيضا لهدمه بحجة التطوير، كان أكثرها جدية في العام 1981، لكن هبة أهل يافا وبمساعدة أوساط شعبية أنقذته وتم ترميم ما تصدع من أجزائه. وتحضرني هنا قصة جعلت رئيس بلدية تل أبيب في حينه ، الجنرال شلومو لاهط ، الذي كان متحمساً في البداية لقصة التطوير أن يغير رأيه ويوافق على ترميم المسجد وفتحه : فأثناء زيارة تفقدية للمكان خلع نعليه ودخل المسجد وأثناء مكوثه في المسجد سرقت إحدى فردات الحذاء فثارت ثائرته ، فما كان من أحد الحاضرين أن يبادره بالقول : ” اذا كنت قد ثارت ثائرتك بسبب سرقة فردة حذاء ، فما عسى أمة كاملة أن تفعل إزاء سرقة أحد أماكن عبادتها ؟”
. وقد رمم المسجد وأعيد فتح للصلاة عام 1988 . وقد كان لي شرف المشاركة بالفعاليات والمساعي التي قادت للترميم وحضور مراسيم الافتتاح من جديد . ولكن ذلك لم يسعف المسجد من اعتداءات جمة تعرض لها في الأعوام 2000 ، 2001 ، 2004 ، 2007 و 2008 . وقد أمطر مرة بالحجارة ومرات بالزجاجات الحارقة التي نجحت إحداها بحرق أجزاء منه .
