تل السمك
بلادنا تخفي تحت ترابها الكثير, فهي تقع في منطقة استراتيجية تصل الشرق بالغرب وتصل أوروبا بافريقيا, ولذلك فهي تحتوي على الأثار من مختلف الحضارات التي تواجدت بها منذ آلاف السنين.
وعليه فلقد أثارت الرغبة باكتشاف ما تخفيه من اسرار اهتمام كل من حكمها.
في عام 1939, في فترة الانتداب البريطاني قام قسم الآثار البريطاني بالتنقيب في منطقة يعرفها الفلسطينيون باسم “تل السمك”, ليكتشفوا بقايا حي سكني وبقايا كنيسة صغيرة وأبنية للحرف تعود للقرن السادس, أي من الفترة البيزنطية, تغطي أرضيتها الفسيفساء.
بعد ذلك في سنوات الستين والسبعين من القرن الماضي استمرت الحفريات لكي يُكتشف المزيد, ونُقل ما يمكن نقله من المكان لمتحف حيفا البحري.
لكن تاريخ المنطقة يعود إلى ما قبل الفترة البيزنطية بكثير, فلقد سكنها الكنعانيون حتى القرن ال-13 قبل الميلاد. ثم في الفترة الأشورية, في القرن الثامن قبل الميلاد كثرت في المدينة التجارة البحرية التي تركت وراءها الكثير من الأواني الفخارية التي كانت تستعمل في التجارة.
ثم سكنها الفينيقيون وازدهرت المنطقة في القرن السادس قبل الميلاد, حيث كانوا يعصرون زيت الزيتون, ويستخرجون الصبغة الارجوانية من الأصداف ويعملون بالتجارة البحرية, وبقيت تدل على تلك الفترة بقايا معاصر الزيتون وحي سكني وأواني فخارية وغيرها.
بقيت المنطقة مأهولة بالسكان في فترة العصر الهلينستي وثم الروماني وثم البيزنطي.
زرت المنطقة خلال مسار مسائي على شاطئ بحر حيفا ولفتت نظري الفسيفساء بأشكالها الهندسية وأشكال النباتات, بمختلف الألوان فأخذت بعض الصور. الكتابات داخل الفسيفساء باليونانية تدل على أسماء البنائين وإهداءات من أشخاص معينين للمكان.
تل السمك, شاطئه صخري يقف على حوافه الصيادون, فهو بعيد عن ميناء حيفا ولذلك فمياهه نظيفة.
تل السمك كان يذكره والدي فلقد كان يقضي به شباب حيفا والمنطقة المجاورة أجمل الأوقات قبل النكبة.
والأماكن هي أخلص من حفظ الذاكرة.