تقرير جديد لعدالة حول مشروع الاستيطان الإسرائيلي

View of the Israeli outpost of Shvut Rachel, in the West Bank, January 30, 2023. Photo by Nasser Ishtayeh/Flash90 *** Local Caption *** מבט כללי התנחלות שילה שבות רחל

في تقرير جديد بعنوان “الهياكل القانونية للتمييز والفصل العنصري وتصنيف المناطق: ازدواجية نظام الأراضي الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة”، يكشف مركز عدالة عن البنية القانونية التي تعتمدها إسرائيل لترسيخ نظام عنصري يكرّس سيطرتها الدائمة على الأراضي في الضفة الغربية المحتلة، وبشكل خاص في المنطقة “ج”.

يستعرض التقرير تطوّر نظام الأراضي المزدوج الذي تطبّقه إسرائيل في الضفة الغربية – نظامٌ مخصّص للمستوطنين اليهود وآخر للفلسطينيين – والذي تشكّل على مدار عقود من السياسات والتشريعات الإسرائيلية. ويوثّق كيف أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة وضعت إطارًا قانونيًا يُوسّع الاستيطان ويُرسّخه، ويقوّض حقوق الفلسطينيين في أراضيهم. كما يرصد التقرير كيف قامت الحكومة الإسرائيلية الحالية، وهي الأكثر تطرّفًا منذ تشكيلها في كانون الأول 2022، بتعزيز هذه الأطر القانونية لفتح مرحلة جديدة من الضم الفعلي، من خلال أربع آليات رئيسية. 

1.تحويل نظام الحكم للمستوطنين إلى المدني
دأبت إسرائيل على نقل إدارة شؤون الأراضي الخاصة بالمستوطنين في المنطقة “ج” في الضفة الغربية من السيطرة العسكرية إلى السيطرة المدنية، مقابل الإبقاء على الحكم العسكري المفروض على الفلسطينيين. يُحلل التقرير كيف طوّرت السلطات الإسرائيلية مجموعة من الآليات القانونية التي تُكرّس نظامَين منفصلين لإدارة الأراضي في المنطقة “ج”. وفي عام 2023، عززت الحكومة هذا النظام المزدوج من خلال تعيين الوزير بتسلئيل سموتريتش وزيرًا ثانيًا في وزارة الأمن، إلى جانب “نائب مدني” له، وإنشاء إدارة خاصة بالمستوطنات رُكِّزت لديها صلاحيات متعلقة بشؤون الأراضي والتخطيط والتنفيذ في المنطقة “ج”، تحت إشراف مدني مخصص للمستوطنين.
2. الأطر القانونية المزدوجة التي تحكم السلطات المحلية
تخضع المستوطنات في المنطقة “ج” فعليًا للقانون الإسرائيلي، مما يتيح لها الوصول إلى الخدمات وآليات التخطيط بهدف توسيع المشروع الاستيطاني. في المقابل، تُدار القرى الفلسطينية بموجب القانون الأردني، وتُمنع من ممارسة أي صلاحيات تخطيط فعّالة.
3. إعلان وتخصيص ما يُسمى “أراضي الدولة”
 منذ ثمانينيات القرن الماضي، أعلنت إسرائيل عن مساحات واسعة من أراضي الضفة الغربية على أنها “أراضي دولة”، وخصّصتها بشكل شبه حصري للمستوطنين. ففي عام واحد فقط، في 2024، صادرت إسرائيل أكثر من 24,000 دونم بهذه الطريقة.
4. الفصل العنصري لسياسات التخطيط
يحظى المستوطنون بأنظمة تخطيط فعّالة ونسب عالية من الموافقات على البناء، إذ صادقت السلطات على بناء أكثر من 12,700 وحدة سكنية استيطانية بين عامي 2023 ومنتصف 2025. بالمقابل، تُرفض أكثر من 95٪ من طلبات تصاريح البناء الفلسطينية، فيما تتصاعد عمليات الهدم بوتيرة ثابتة.

في 11 أيار 2025، أصدر مجلس الأمن الإسرائيلي (الكابينيت) قرارًا باستئناف إجراءات تسوية وتسجيل الأراضي في المنطقة “ج” في الضفة الغربية، والتي كانت قد جُمّدت في عام 1968. ومن شبه المستحيل على الفلسطينيين الالتزام بهذه الإجراءات، وقد تؤدي إلى مصادرة واسعة النطاق لأراضيهم. نظام التسجيل هذا يُقصي شرائح فلسطينية واسعة، إذ يستثني الفلسطينيين الذين تم تهجيرهم عام 1967، وسكان غزة أصحاب الملكيات في الضفة، وغير المقيمين الذين تعود حقوقهم في الأراضي إلى ما قبل عام 1967. كما يواجه الفلسطينيون في الضفة الغربية تحديات قانونية جمّة، من بينها قراءات إسرائيلية انتقائية للقوانين العثمانية والأردنية، ومتطلبات إثبات مُجحفة. ويتحدّى عدالة هذا القرار قانونيًا، كونه يُعدّ خطوة إضافية ضمن سياسة الضم المتواصلة. 

كما يُسلّط التقرير الضوء على الحوافز المالية التي تُقدَّم للمستوطنين، و”تسوية” البؤر الاستيطانية غير القانونية بأثر رجعي، وإعادة تصنيف أحياء استيطانية كمستوطنات قائمة، ما يشير إلى تحوّل من الدعم السري غير المعلن للتوسّع إلى تبنٍّ رسمي لسياسة الضم.

يُكرّس نظام الأراضي المزدوج في الضفة الغربية نظام فصل عنصري وضمّ فعلي. تُشكّل هذه السياسات انتهاكًا جسيمًا للقانون الدولي الإنساني، وإنكارًا لحق الفلسطينيين في تقرير المصير، وقد ترقى إلى جرائم دولية، بما في ذلك النقل غير القانوني لسكان الدولة المحتلة إلى الأراضي المحتلة.

يكشف هذا التقرير عن سياسات إسرائيل المستمرة منذ عقود، والتي تقوم على نهب الأراضي، والفصل العنصري، والتهجير المنهجي، والتي تسارعت وتيرتها بشكل كبير في ظلّ الحكومة اليمينية المتطرّفة الحالية بقيادة نتنياهو.

يدعو عدالة المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لوقف التوسع الاستيطاني الإسرائيلي المتصاعد وسياسات الضم في الضفة الغربية المحتلة، والتي تنتهك القانون الدولي، بما في ذلك الآراء الاستشارية لمحكمة العدل الدولية وقرارات الأمم المتحدة. 

عن مركز عدالة

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *