تعبت من صناعة الأوطان صناعة يدوية !

مثل لؤم مزهرية تسجن وردة بعيدا عن حديقتها .. وضجر عصفور في قفص مذهّب .. ينق عبوديته بعيدا عن عشه .. لا ينمو الورد في المزهرية .. ولا تبني العصافير أعشاشها في الأقفاص الأنيقة .. كذلك هي المنافي لا تصنع أوطانا بدل عن وطن ضائع ..
لا سنديانة .. أسندُ على تاريخها رأسي .. ولا شجرة حور تحاور حيرتي لكي أفضّ نزاعا بين سروة وصفصافة على خلاف في طول القامة .. لا شجرة سريس أضحكُ معها على ” هبل ” الطويلتين .. فألوذُ بشوك الصبّار ليقلع شوك شوقي ..
لي من البلاد التي أطلّ عليها من بلادة غربتي ، ولي من الحلم ما يفيض عن حاجة ” حل الدولتين ” ، ولي من الشتات ما أوزّعه على شعوب من اللاجئين ، ولي من شيخوخة العمر ما يمشّط شيب زهدي ، ولي من القلب ما يكفي لحب بعد فوات الآوان ..
لي من حمولة العواصم ما يقصم ظهر المنافي ، ولي من الوطن طنين النحل يلسع حنيني ، ولي لهفتي فراشة تحوم حول مطار اللد !
لي منقوشة زعتر تنقش صبرها في مخبز طابون الناصرة ، ولي بهاء حيفا يفتش عني في مطعم ” فتوش ” بين الكرمل والبحر ، ولي ديك في مجد الكروم تصيح فصاحته في ركاكة عبرية كُتبت على اشارة طريق يؤدي الى عكا !
لي قرص فلافل في مطعم سعيد ينفخ صدره في عكا مزهوا بعودتي ، ولي سمكة ” دنيس ” في مطعم العجوز والبحر تسأل بحر يافا عن عودتي ، ولي غيض تل أبيب حين ترى يافا تغفو على صدري على شاطئ العجمي ، ولي في البلاد ما هو لي يسخر من بندقية مجندة اسرائيلية تصوب فوهتها على شتلة زعتر في الجليل يرفض أخضرها ان يرسم الخط الأخضر بين قلبي وبلادي !