تساؤلات الشارع الفلسطيني للمتصارعين على قيادته


اشترك معنا في قناة تلغرام: اضغط للاشتراك حمل تطبيق الملتقى الفلسطيني على آندرويد: اضغط للتحميل

لم أستطع أن أمنع نفسي من البقاء أكثر خارج السجال الفلسطيني المحتدم حول الانتخابات المتوقع إجراؤها بفعل ضغوط خارجية، تقاطعت مع ضغوط داخلية للوفاء باستحقاق فلسطيني استطال كثيرا بفعل توافق القوى الفلسطينية المتنفذة على تأجيله. ويجري الآن تسويق الوفاء المرتقب به وكأنه معركة فاصلة في تاريخ الشعب الفلسطيني ستعبر به من نار العبودية إلى جنات الحرية، وستنقله من سطوة التسلط والتفرد إلى نعيم الديموقراطية.

كنت قد آثرت الابتعاد عن الجدل المحتدم بشأن الانتخابات، خصوصا وأنه قد سبق لي إبداء الرأي في مقالات متتابعة خلال النصف الثاني من العام 2020، تناولت فيها ما اعتقده مستلزمات سياسية وتنظيمية يفترض أن تستبق الانتخابات، وتراتبية زمنية ضرورية لتتابع مراحلها إذا أريد لها أن تشكل مدخلا صحيحا للتغيير المستحق فلسطينيا.

والمقالات متاحة على صفحتي https://ghaniamalhees.com//قضايا-سياسية/قضايا-سياسية-فلسطينية/ ، وعلى موقع مركز مسارات https://www.masarat.ps، وبعضها نشر على موقع الملتقى الفلسطيني https://www.palestineforum.net

ما حفزني على الخروج من العزلة الطوعية، هو ظاهرة الخروج غير المسبوق عن تقاليد العمل الوطني الفلسطيني قولا وسلوكا، ليس فقط بين المتصارعين الذين تجاوزوا الخطوط الحمر في الفعل ورد الفعل. وإنما، أيضا، وللأسف من بعض المثقفين المناط بهم أن يلعبوا دورا تنويريا. فقلة قليلة حذرت من مخاطر الابتعاد عن مقتضيات النقد الموضوعي المستحق، حيث لا قداسة لبشر أيا كان موقعه.

فيما غالى البعض بالتنظير لضرورة إتمام الهدم لإعادة البناء، متغافلين أننا إزاء وطن وشعب يعيش على هذه الارض منذ الأزل وسيبقى إلى الأبد، وليس مبنى عمرانيا يمكن استبداله بآخر.

ونظر البعض الآخر للانشقاق والتشظي باعتبارهما ظواهر صحية تستحق الترحيب والتشجيع لإيذانها بالتغيير للأفضل. واستفاض آخرون في كيل الاتهامات وتبرير سلوك هذا الطرف أو ذاك. ووجد البعض بالاحتراب الدامي فرصة لشد الرحال والعودة للساحة السياسية الفلسطينية كمخلص منتظر.

وتغافلوا جميعا أن ذاكرة الشعب الفلسطيني ما تزال يقظة. وأنه يعرف المتصارعين، ويدرك أنهم جميعا أركان ذات الطبقة السياسة التي تواطأت وتحالفت لسنوات طويلة، وشكلت سياساتها وسلوكياتها وقائع الحاضر المظلم الذي أوصلوه إليه ويطالبونه اليوم بتجديد الثقة بقدرتهم على تغييره.

ويسألونه تفويضهم مجددا بتمثيله لاجتياز مرحلة تاريخية ربما الأخطر منذ النكبة الأولى عام 1948 حيث يشتد فيها الاستهداف الوجودي للشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده، وتتكامل حلقاته الاسرائيلية والعربية والدولية.

يظن غالبية أبناء الشعب الفلسطيني “رغم أن بعض الظن إثم”، بأن الصراع المحتدم حاليا في الساحة السياسية الفلسطينية لتجديد شرعية القيادة الفلسطينية عبر انتخابات مستحقة منذ أكثر من عقد، وثيق الصلة بمستلزمات التعامل مع إدارة الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن، الساعي لاستكمال تنفيذ ذات الصفقة التي أعدها الرئيس السابق دونالد ترامب وصهره جاريد كوشي بالتنسيق الوثيق مع بنيامين نتانياهو. وحرص على استثنائها – دون غيرها – من الانقلاب على سياسات سلفه الداخلية والخارجية. بإعلان طاقمه التمسك بالتفاوض لتحقيق “حل الدولتين”، مقرونا بتكريس الوقائع الجغرافية والديموغرافية والسياسية الناشئة في عهد الرئيس ترامب، واخرج عبرها القدس واللاجئين والمستوطنات من دائرة التفاوض. وأشرك العرب بصفقته عبر اتفاقات أبراهام لإحكام الحصار على الشعب الفلسطيني، إذ يعتقد بإيجابية توسيعها بالتوازي مع التحضير لاستئناف المفاوضات المجمدة مع الفلسطينيين. ويعد بالسعي لاستيلاد الدولة الفلسطينية العتيدة في المعازل السكانية الفلسطينية بالمساحات المتبقية بعد وصلها ببعضها. بغية إنقاذ الدولة الاستعمارية الاستيطانية بحدودها الموسعة من شطط قادتها الجشعين، بالحفاظ على بنيانها الديموقراطي الغربي العنصري كدولة يهودية، الضروري لإدامة دورها الإمبريالي الوظيفي في المنطقة الشرق أوسطية الجاري إعادة تشكيلها.

وبالنظر إلى إدراك الإدارات الأمريكية المتعاقبة بتعذر المضي قدما في استكمال تنفيذ مخططاتها دون انخراط فلسطيني فاعل، باعتبار فلسطين مركز الصراع في المنطقة وعليها. ولأن الشعب الفلسطيني هو الوحيد القادر على إضفاء الشرعية السياسية والأخلاقية ومنح صك الغفران للمستعمرين الذين ما يزالون يستوطنون وطنه ويواصلون محاولات اقتلاعه للحلول مكانه.

كان لا بد من تكثيف الضغوط الخارجية لتتضافر مع الضغوط الداخلية التواقة للتغيير منذ انسداد آفاق التسوية السياسية، لتنظيم انتخابات يستبعد منها ثلثي الشعب الفلسطيني، المقيمين في الجزء المحتل منذ العام 1948 وفي مناطق اللجوء خارج فلسطين. وتقتصر فقط على ثلثه المقيم في الأراضي المحتلة منذ العام 1967، بغية تجديد شرعية الطبقة السياسية الفلسطينية، التي ما تزال تعتقد بإمكانية مهادنة الحركة الاستعمارية الصهيونية والوصول تفاوضيا لصيغ اقتسام الوطن الفلسطيني معها. وتأهيلها للانخراط مجددا في الجهود الأمريكية الهادفة لاستكمال الحلقة الأخيرة لحل الصراع العربي – الصهيوني وجوهره الفلسطيني – الاسرائيلي، والتفاوض معها نيابة عن عموم الشعب الفلسطيني، وتوظيف القضايا المطلبية للناخبين للضغط عليها للقبول بصيغ للحل تفرضها موازين القوى المختلة والاحتياجات المعيشة الضاغطة ومقايضتها بالحقوق الوطنية والتاريخية الثابتة المتصلة بالحرية والعودة وتقرير المصير.

وكان لا بد، أيضا، من تجديد بايدن التزام إدارته برفع العقوبات التي فرضها سلفه على الشعب الفلسطيني، ليبدو وكأنه تغيير في السياسة الأمريكية، بالإعلان عن نية استئناف المساعدات للسلطة الفلسطينية – عند تجديد شرعيتها – لتمكينها، أساسا، من مواصلة الدور الوظيفي والوفاء بالتزاماتها الأمنية اتجاه إسرائيل. والإعلان، أيضا، عن التوجه لسداد المساهمات الأمريكية في موازنة الأونروا ريثما يتم حل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين خارج تخوم الوطن الفلسطيني عبر توطينهم وإعادة توزيع بقيتهم وتصفية المخيمات الفلسطينية. وكذلك إبداء الاستعداد لإعادة فتح مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن وإعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس. وذلك لقاء الوفاء فلسطينيا بذات الشروط التي استوجب رفضها فلسطينيا فرض العقوبات الأميركية من قبل الإدارة السابقة.

حيث تقتصر الفوارق بين الحزبين الجمهوري والديموقراطي فيما يخص المسألة الفلسطينية، على لغة التخاطب الفجة الاستعلائية العنصرية التي تميز بها ترامب. واللغة الديبلوماسية التي يتسم بها خلفه بايدن، فيظهر من العصا الأمريكية الغليظة المسلطة على رقاب الفلسطينيين، ذلك القدر الذي تبدو فيه كجزرة.

وقد خبر الفلسطينيون والعرب تداعيات سياسات الإدارات الأميركية المتعاقبة، وما يزالون يعانون من عواقب سياسات الإدارات الديموقراطية الناعمة بدءا من إخراج مصر من دائرة الصراع العربي – الصهيوني في عهد الرئيس كارتر عام 1978، مرورا بتوقيع اتفاقي أوسلو عام 1993، ووادي عربة عام 1994 في عهد الرئيس كلينتون، وصولا إلى انعكاسات نشر الديموقراطية الأمريكية في العالم العربي إبان عهد أوباما، والتي ما تزال تداعياتها تتواصل حتى يومنا هذا على امتداد الوطن العربي من المحيط إلى الخليج.

اللافت أن يصاحب إعلان الاستعداد للوفاء بالاستحقاق الانتخابي الفلسطيني المتأخر صحوة مفاجئة للطبقة السياسية الفلسطينية على غياب الديموقراطية. رغم اشتراك كافة مكوناتها في تغييبها على مدى عقود طويلة، وخصوصا بعد النجاح في استدراج حركة حماس – في أعقاب قيام شارون بإعادة انتشار الجيش الإسرائيلي خارج قطاع غزة – لخوض الانتخابات التشريعية عام 2006 وفقا لضوابط اتفاق أوسلو. والتواطؤ في أعقاب فوزها بالأغلبية لمحاصرة حكومة الوحدة الوطنية التي ترأستها حماس وإفشالها، الذي واجهته بانقلاب عسكري مكنها – بسرعة ملفتة – من السيطرة والاستئثار بقطاع غزة. ثم التوافق لاحقا بين طرفي النظام السياسي على إدارة الانقسام وتكريسه طوال عقد ونصف، بتفرد حماس بإدارة قطاع غزة، وانفراد السلطة التوافقية التي تقودها فتح بإدارة الضفة الغربية، واستئنافها عقد المؤتمرات للأطر الانتخابية المعاد تشكيلها بالتوافق بين مراكز القوى لاختيار القيادات الجديدة، تارة بالتزكية، وتارة أخرى بتحالفات انتخابية بين المتنفذين داخل الفصائل وبينها.

واللافت، أيضا، في الصراع التنافسي الآخذ بالتفاقم مؤخرا بين ذات النخب الفلسطينية التي سبق لها التحالف. هذا التشابه في شكواها وشعاراتها المتصلة بالتغيير والإصلاح وإعادة البناء حد التماثل. وإيثارها – بالرغم من ذلك – العمل خارج الأطر التنظيمية التي ظلت تشغل مواقع القيادة فيها لسنوات طويلة، سواء في منظمة التحرير الفلسطينية / اللجنة التنفيذية والمجلس المركزي والمجلس الوطني / أم في الهيئات القيادية لحركة فتح / اللجنة المركزية والمجلس الثوري والمؤتمر العام /. وكان بإمكانها – لو تقدمت الاعتبارات العامة على الخاصة – التحالف سويا والضغط داخل الأطر لإحداث التغيير والإصلاح المبتغى. أو أقله التوافق على برنامج وقائمة مشتركة لخوض الانتخابات المقبلة كمعارضة وازنة.

والملفت أكثر، أن انفراط عقد التحالفات بين أصدقاء الأمس – الذين سبق وتوافقوا مع الخارج عام 2006 على تعطيل نتائج الانتخابات التشريعية التي فازت بها حركة حماس – يتزامن مع تحسن فرص الحركة بالفوز في الانتخابات القادمة بعد استكمالها الاستعدادات التنظيمية لخوضها عبر انتخابات داخلية عززت وحدتها وتماسكها الداخلي ومقدرتها التنافسية.

ما قد يثير المخاوف إزاء ما يجري على الساحة الفلسطينية، لتقاطع التشظي في “معسكر الاعتدال الفلسطيني” مع إمكانية توجه إدارة بايدن لاستئناف ذات السياسة التي انتهجها أوباما بإحياء دور الإسلام السياسي، وإيصال قواه ديموقراطيا إلى السلطة. لاعتقاد بأنه ربما يكون الأقدر على استكمال تنفيذ الصفقة وتسويقها. وإن استعصى، فسيسهل تبرير معاقبة الشعب الفلسطيني على خياراته وإغراقه مجددا في صراعات داخلية وهموم معيشية تقوض قدرته على الصمود في مواجهة مخططات الاقتلاع والتهجير.

يثير التمادي في تصعيد الصراع الداخلي بين مراكز القوى الفلسطينية مخاوف جدية بمخاطر جسيمة محتملة لن تقتصر تداعياتها على حاضر الشعب الفلسطيني وتبديد ما حققه بتضحيات أجياله المتعاقبة طوال قرن من الصراع من منجزات مهمة، حفظت تماسكه المجتمعي وحمت هويته ووحدته الوطنية. بل ستطال، أيضا، مستقبل الأجيال الفلسطينية القادمة، فتعوق وترفع كلفة بلوغ حقوقها الوطنية والتاريخية الثابتة في الحرية والعودة وتقرير المصير.

ما يطرح التساؤلات حول الجهات المستفيدة من كل ما يجري، ويستوجب إجابات عاجلة وقاطعة لتبديد قلق غالبية أبناء الشعب الفلسطيني داخل الوطن وفي الشتات: –

فما الذي يستوجب احتدام الصراع بين الطامحين لقيادة الشعب الفلسطيني وتجاوز كل الخطوط الحمر على صعيد الفعل ورد الفعل؟

وما المأمول والمتوقع بلوغه من الإمعان في التشظي الفلسطيني في ظل واقع تتفوق فيه إسرائيل في القدرة على التأثير في التطورات على الأرض؟

ما الذي يستنفر الكهول – وجميع المتسابقين على تشكيل القوائم الانتخابية داخل الأطر التنظيمية وخارجها تجاوزوا سن التقاعد بسنوات – للتزاحم على قيادة شعب 70% من أبنائه دون سن الثلاثين؟

ما الذي يحفز من قارب السبعين أو تجاوزها على الإصرار على مزاحمة الشباب في إدارة حاضرهم والتأسيس لمستقبلهم؟

وهل حقا يعتقدون بجدارتهم وامتلاكهم القوة والقدرة – أقلها الجسدية – على تحمل أعباء النضال التّحرُّري لتجسيد الاستقلال ودحر الاحتلال كما يعلنون؟

ما هو العمر الذي يستطيع فيه الإنسان أن يتغير على مستوى الفكر والسلوك؟

ما الذي يسعى المتنافسون على قيادة القوائم لخوض الانتخابات المحتملة التشريعية والرئاسية الفلسطينية / فصائل وتنظيمات وأحزاب وتيارات وأشخاص/ لتحقيقه، وتعذر عليهم إنجازه طوال العقود الماضية، وجلهم شغل مواقع قيادية في النظام السياسي الفلسطيني لسنوات طويلة، في المنظمة والسلطة والمعارضة ومؤسسات المجتمع المدني، تمخضت عن الواقع الذي يرفضونه ويريدون تغييره، ويتصدون لمسؤولية قيادة التغيير؟

التغيير الفلسطيني الذي يريده الشعب الفلسطيني داخل الوطن المحتل وفي الشتات أيها المتنافسون على قيادته، يفوق قدرة الطبقة السياسية الفلسطينية القائمة ومكوناتها كافة، ولن يجدي تكرار التجربة بذات الفكر والنهج والسلوك والأشخاص المسؤولين عن ظلمة الحاضر.

التغيير المستحق للخروج من المأزق الخطير لا بد أن يطال الفكر السياسي والرؤى والمناهج والسلوكيات والهياكل المؤسسية والأشخاص. ويسعى لاستعادة البوصلة التحررية لمواجهة المشروع الاستعماري الاستيطاني الصهيوني العنصري وتوفير موجبات هزيمته.

وبذلك، يفترض بالساعين للتغيير أن يتساموا عن الصراع على المواقع التشريعية والتنفيذية لإدارة شؤون ثلث الشعب الفلسطيني في نحو خمس مساحة الوطن، وأن يتنافسوا في الرؤى والبرامج والخطط التنفيذية للاطلاع بمسؤوليات تحقيق الصمود المقاوم وسبل توفير مقوماته في ظل واقع شديد الصعوبة، مقيد بحكم ذاتي محدود للسكان دون سيطرة على الأرض والموارد والحدود والحركة داخل المناطق وبينها ومع العالم الخارجي.

وعليه، فالمطلوب لتغيير هذا الواقع بعض التواضع في الشعارات والبرامج، دون استهانة بما يمكن إنجازه فعليا على الصعد التشريعية والتنفيذية والقضائية، ومصارحة الشعب بمستلزمات التغيير، والتوجه إلى جمهور الناخبين بما أنتم قادرون فعلا على الوفاء به خلال المدة الزمنية التي يحددها القانون الأساسي للرئاسة وعضوية المجلس التشريعي، والحرص مستقبلا على تفعيل الاستحقاقات في مواعيدها القانونية.

لا تخشوا مواجهة شعبكم بالحقائق التي يلمسها، فالصدق أقصر الطرق للخروج من المآزق. والناخبون المستهدفون بالشعارات والبرامج في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة يدركون طبيعة ًالصراع الوجودي مع الاستعمار الاستيطاني الصهيوني الاقتلاعي – الاحلالي، ويعون طول أمده وتعذر فرص حله قبل توفير موجبات هزيمة الصهيونية.

ويدركون، أيضا، تعذر فرص إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود العام 1967 في ظل الاختلال الهائل في موازين القوى المحلية والعربية والإقليمية والدولية. ويعرفون أن المرحلة الراهنة لا تتيح سوى فرصة لإدارة الصراع.

ويتطلعون إلى انتخاب قادة يعملون على ذلك بكفاءة، عبر حشد كل الطاقات وتوجيه كافة الجهود لتعزيز الصمود المقاوم للشعب الفلسطيني في أرض الوطن.

ويراهنون على شعبهم داخل الوطن وخارجه ويستقوون ويحتمون به، ويستعينون بشبكة علاقات واسعة مع قوى التحرر العربية واليهودية والاقليمية والدولية المناهضة للاستعمار والعنصرية والساعية لإحقاق العدالة وإنفاذ القانون الدولي والإنساني.

قادة يتبنون استراتيجية دفاعية فلسطينية تستظل بالقانون ومنظومة القيم الإنسانية، وتحفظ الهوية الوطنية، وتحافظ على التماسك المجتمعي، وتضمن العدالة والتساوي أمام القانون، وتحمي الحريات، وتفعل القضاء وتعزز استقلاليته، وتوفر المرتكزات المادية السياسية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لتعزيز الصمود والبقاء في الوطن، وتراعي تمايزات ظروف المكونات الفلسطينية المختلفة / 1948، القدس، الضفة الغربية و قطاع غزة وتقوي الروابط بينها، وتعزز أمنها الداخلي، وتوفر مستلزمات بقائها ونموها وتطورها لتعظيم المناعة المجتمعية ، وتحمي الأفراد والممتلكات، وتتصدى لاعتداءات الجيش الاسرائيلي والمستوطنين ، وتساعد الضحايا في تقديم شكواهم الى المحكمة الجنائية الدولية لملاحقة المجرمين ومقاضاتهم وإخضاعهم للقصاص.

قادة ينتهجون سياسات اقتصادية تولي الأولوية الأولى لتعزيز الاعتماد على الذات، وتعمل على توسيع القاعدة الإنتاجية والتشغيلية للاقتصاد المحلي، وتنمي ترابطاتهً الأمامية والخلفية، وتحفز الاستثمار الزراعي والصناعي لزيادة اسهامه في تلبية احتياجات الاستهلاك المحلي، وتطور أدوات الرقابة على الجودة لتحسين تنافسية المنتجات الوطنية في الأسواق المحلية والخارجية، وتعزز الروابط الاقتصادية والتجارية بين مختلف التجمعات الفلسطينية.

وسياسات تشغيلية تشجع الريادة وترعى المبدعين وتطور بيئة العمل وتحفز الاستثمار الخاص وتشجع المبادرة وتضمن تكافؤ الفرص، وتؤمن مستلزمات رفع نسبة مشاركة النساء في سوق العمل، وتنهي الترهل في القطاع الحكومي وتعمل على ترشيده ورفع كفاءة أدائه، وتراعي قدرة الاقتصاد المحلي على تحمل أعباء تمويله، وتوقف استخدام التوظيف الحكومي كآلية للتشغيل بمعزل عن الاحتياجات الوظيفية ووسيلة لمعالجة تفاقم البطالة.

وسياسات تجارية تسعى لخفض الاعتماد على الواردات وتعزز القدرة على تصدير الفوائض الإنتاجية للأسواق العربية والإقليمية والدولية، وتقلص العجز التجاري مع الخارج عموما ومع إسرائيل خصوصا.

وسياسات مالية توازن بين الإيرادات والنفقات، وتقلص الحاجة للاعتماد على التمويل الخارجي المشروط، وتراعي التوازن الضروري بين الإنفاق الاستهلاكي والاستثماري، وترشد الاستثمار العام وتحفز الاستثمار الخاص وتمتنع عن مزاحمته، وتقلص عبء المديونية، وتعمل على تقليص العجز في ميزان المدفوعات.

وسياسات ضريبية تحفز الإنتاج والتصدير وتمنع التهرب الضريبي وتراعي عدالة توزيع الثروة والدخل وتستثمر العوائد الضريبية في توفير وتطوير المرافق والخدمات العامة.

وينتهجون سياسات اجتماعية تنحاز للشعب فتولي الأولوية لتوفير الرعاية الصحية اللائقة لجميع أبنائه، وتسعى لتطوير وتحديث قطاع التعليم العام بمراحله كافة وإتاحته للجميع، وتعزز استجابة مخرجاته لاحتياجات سوق العمل الفلسطينية. وتراعي التوازن الجهوي والمنطقي في توفير المرافق والخدمات العامة الصحية والتعليمية. وتوفر الرعاية الاجتماعية للفئات الأقل حظا، وتحمي حقوق النساء والأطفال وكبار السن.

هذه أمثلة لما يمكنكم عمله في المواقع التشريعية والتنفيذية التي تتسابقون لنيل ثقة الناخبين لتمكينكم من شغلها. فمن رأى منكم بنفسه القدرة، فليتقدم للناخبين برؤيته وخطته وبرنامجه لتحقيق ما يستطيع إنجازه خلال المدة الزمنية المحددة قانونا، فذلك وحده أداة القياس ومعيار الحكم على كفاءة المرشحين لتولي مسؤوليات إدارة شؤون الشعب الفلسطيني داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967.

ومن يسعى لتحقيق الأهداف الكبرى المتصلة بقيادة مشروع التحرر الوطني الفلسطيني وتحقيق أهدافه المتمثلة بالحرية والعودة وتقرير المصير. فمكانه في منظمة التحرير الفلسطينية التي يتوجب إعادة بنائها كإطار تمثيلي جامع لكافة مكونات الشعب الفلسطيني داخل الوطن المحتل وفي مناطق اللجوء. فهم جميعا القاعدة الانتخابية المخولة باختيار الممثلين لعضوية المجلس الوطني والمجلس المركزي واللجنة التنفيذية ورئاستها. والترشح لشغلها يستوجب شعارات وبرامج وخطط مغايرة ترتكز على رؤية نهضوية جامعة، وفكر ومشروع تحرري ينطلق من القاسم المشترك الأعظم لمصالح جميع مكونات الشعب الفلسطيني، ويقترن بجاهزية واستعداد للتضحية بالذات، وقدرة على تحمل كلفة وأعباء النضال التّحرُّري.

اشترك معنا في قناة تلغرام: اضغط للاشتراك

حمل تطبيق الملتقى الفلسطيني على آندرويد: اضغط للتحميل

مؤلف: غانية ملحيس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *