ترامب لا يتخلى عن خطة الترانسفير الخاصة به

إن التحدي السياسي والأخلاقي والاجتماعي، وخاصة الاقتصادي، الذي فرضه الرئيس ترامب على مصر والأردن عندما طلب (لم يصدر أمرا حتى الآن) منهم استقبال سكان غزة – معقد ويصعب عليهم هضمه . عمان جندت لهذا الموضوع أحد كبار المتحدثين باسمها، مروان المعشر، الذي بدأ حياته المهنية كأول سفير أردني لدى إسرائيل ويشغل حاليا منصب وزير الخارجية.
لكن المعشر تورط أمام كاميرات التلفزيونات أول أمس عندما اقترح أن تتخلى بلاده الفقيرة عن المساعدة الأميركية (مليار وربع دولار سنويا، وهي على وشك أن يتم إيقافها قريبا جدا «لفترة تجريبية» بأمر من ترامب . ماالذي ستفعله مملكة الموارد المحدودة والبطالة المرتفعة بدون المساعدة الأمريكية؟ ما هي فرصة العثور على دولة عربية تتجند لإرسال الأموال ؟ حاول المعشر التوجه لدول عربية طلبا للمساعدة، وجرب حظه مع السعودية. ولكن علاقاتها والتزامها بالأردن يكاد يكون معدوماً.
خلال عطلة نهاية الأسبوع، اتصل ترامب بالقصر الملكي في عمان. ولم يأتي البيان الأردني على ذكر موضوع اللاجئين، و الرئيس الأميركي هو الذي كشف فحوى المحادثة ودعا الملك عبد الله إلى الاستجابة لـ«الطلب». كما كلف الرئيس ترامب نفسه عناء الإشارة إلى أن “التحالف” مع الأردن يمتد على مدى 75 عاما من عمر المملكة. وسوية مع ذلك حتى ترامب نفسه ، يجد صعوبة في التنبؤ كم سيبقى اللاجئين من قطاع غزة في الأردن – من المحتمل أن يتعلق الأمر بإقامة طويلة الأمد. ويمكن سماع تنهدات الغضب والإحباط الأردنية على طول الطريق حتى مقر الحكومة في تل أبيب.
من الممكن بالتأكيد إفتراض أن معظم الفلسطينيين الذين “سيحصلون على إقامة طويلة في الأردن، لن يعودوا إلى غزة. واضح أن أكثر من نصف سكان المملكة هم من الفلسطينيين، ومن المتوقع حدوث عدد غير قليل من حالات “لم شمل العائلات” عندما يبدأ سكان غزة، “اللحوم الطازجة”، في التنافس مع اللاجئين من سوريا والعراق على الأماكن في سوق العمل .
قصة اللجوء الغزي في مصر تبدو أكثر تعقيداً: فعلى الرغم من وجود حاجزين على الحدود المشتركة في رفح، فقد عبر ما يقرب من مائة ألف من سكان غزة بالفعل إلى مصر بعد أن دفعوا ثروة ضخمة مقابل عبورهم . ويدعي السيسي، الذي يلقبه ترامب بـ “الجنرال” – وليس الرئيس – أنه لم يتلق مكالمة هاتفية من البيت الأبيض قط، ولم يتم تقديم أي طلب له بهذا الشآن ، وهو ما كان سيتم رفضه بشكل قاطع على أي حال. ولم يكلف ترامب نفسه عناء تصحيح البيان فحسب، بل كرر مرتين “طلب” استقبال سكان قطاع غزة، دون أن يعرض على مصر تعويضا عن “الإستضافة ” .
الردود من القاهرة وعمان، مثل ردود سكان غزة، تبدو وكأنها منحوتة من حجر واحد: لن يذهبوا إلى أي مكان.
هذا هو المكان المناسب للتأكيد على نقطة حاسمة في مفهوم ترامب “للشرق الأوسط الجديد” : فبالنسبة له، لا يوجد فرق بين الأردنيين أو المصريين أو المغاربة أو الفلسطينيين. الأساس هو أنهم جميعًا يتحدثون اللغة العربية (بلهجات مختلفة) ويبدون متشابهين، وجميعهم معرضون لمشاكل كبيرة . وحتى السعوديون، بالنسبة لترامب، ينتمون أيضًا إلى المعسكر العربي، لكنهم مدللين وعلى رأسهم ولي العهد الأمير بن سلمان، الشخصية الرئيسية.
من السهل التكهن بأن خطط الشرق الأوسط الجديد يجري وضعها مرة بعد مرة في قصور بن سلمان في المملكة العربية السعودية. بن سلمان لا يتعرض لأي ضغوط بشأن إسرائيل. هناك تفاهم، هناك اتفاقيات، هناك خطة. قالت المملكة العربية السعودية “لا” بشكل قاطع لتوطين الفلسطينيين في صحاريها.
ولا يدعو ولي العهد نفسه لزيارة واشنطن، بل يضغط على ترامب ليكرر مغامرة جولته الرئاسية الأولى ، ليجعل من الرياض مرة أخرى محطته الأولى في الخارج . ترامب يدرس الامر بشكل إيجابي . في العالم العربي يتابعون بقلق شديد الخطوات في البيت الأبيض . بن سلمان لن يقدم الأموال إلى مصر والأردن: فهو يفضل في الواقع الارتباط بالشرق الأوسط الجديد، ويظهر فضولاً تجاه الجولاني، حاكم سوريا الذي طرد الإيرانيين من بلاده . وحتى لبنان برئيسها الجديد جوزيف عون تثير بن سلمان . عندما تحين اللحظة، سينضم إلى خطة التسويات السرية التي يتم نسجها في واشنطن، ولهذا السبب نتنياهو هو الضيف الأول في البيت الأبيض: ترامب ينوي معانقته ومصافحته بقوة .
المبعوثون الأميركيون، العلنيون والسريون ، لا يضغطون على السعودية من أجل التوصل إلى اتفاق مع إسرائيل. قبل كل شيء يجب تسوية المسألة الفلسطينية: ترامب لن يتنازل لمصر والأردن، كما أخبرني أحد الشخصيات الرئيسية في المملكة العربية السعودية. يتحدث عن إجلاء مليون ونصف المليون من سكان غزة. ترامب هو رجل أعمال . والسياسة الصغيرة العاطفية التي تميز الشرق الأوسط لا تعنيه .
المصدر: يديعوت أحرونوت