طحن غزة ما زال متواصلًا. والسبب الأساس أن الحرب على غزّة لم تُحقق لإسرائيل الرسمية وخاصة لنتنياهو أي مشهدية انتصار يبحثون عنها. صحيح أنهم يعرضون صور البنايات التي تسقط وهي واقفة، لكنها في معظمها مشاهد تستهدف تشكيل صورة انتصار لم تتشكل بعد لأن الصواريخ ما تزال تُطلق من غزة. وكما قال ليبرمن أن نتنياهو سيواصل الحرب طالما لم يكسب شيئا في الرأي العام الإسرائيلي. لقد حاول أن يسجّل نصرًا على الفلسطينيين في المدن الساحلية ليخرج ولو بـ”نصر واحد” على الأقلّ، واعتقادي أنه لم يحقق ما أراد بدلالة أن المجتمع الأغسرائيلي بدأ ويشهد تململًا ومعارضة لمشاريعه ـ هذا موضوع لتحليل آخر غدا.
على صعيد آخر تتصاعد تظاهرات الاحتجاج في العالم ضد الحرب الإسرائيلية على غزة رغم الموقف الأمريكي الرسمي الذي يتناقض مع الموقف الأمريكي الشعبي في كبريات المدن الأمريكية. ولا يختلف مشهد مناهضة الحرب الإسرائيلية في المدن الأوروبية ـ باريس وبرلين وتولوز ولندن. وكلّما زاد الضغط العالمي دخلت إسرائيل الرسمية في الضغط على غزة وعلى أزرار نار جهنم فوق غزة وأهلها.
على المستوى الموازي تعمل جهات عربية ـ مصر والسعودية والإمارات ـ على وقف العمليات وإنقاذ إسرائيل من “ورطتها” التي اضطرّت كل وسائل الإعلام الإسرائيلية الرسمية إلى الامتناع عن رواية القصّة كما ينبغي واستبدال الحقائق بأخبار هامشية أو بتوكيد المعاناة في الجانب الإسرائيلي كأنه الضحية.
بين قُدرة إسرائيل الرسمية على الصمود أمام الضغط العالمي الرسمي والشعبي، وبين قُدرة غزّة على الصمود أمام الضغط الإسرائيلي يكمن الجواب على سؤال متى تنتهي الحرب؟ مهما يكن الشكل الذي ستنتهي به ـ فإنها قد ألحقت ما يكفي من أضرار ناهيك عن القتلى بالعشرات في الجانب الفلسطيني ونُدبًا وخسائر في الجانب الإسرائيلي ـ هذه وتلك خسائر سيتّضح للإسرائيليين قبل الفلسطينيين أنها كانت على مذبح رجل هو نقمة على إسرائيل نفسها. وسيتذكرون كيف رئيس حكومتهم الذي تمّ اغتياله في تشرين الثاني 1995.