تحليل المشهد الإسرائيلي السياسي الراهن عشية اتفاق محتمل لوقف الحرب وتبادل الأسرى
تحظى الأحداث الأخيرة في إسرائيل باهتمام عالمي كبير، حيث تتشابك السياسة مع الأمن، مما يخلق وضعاً معقداً يتطلب تحليلًا يحدد معالم المرحلة القادمة.
تعيش إسرائيل أزمة متفاقمة تتعلق بثلاث قضايا رئيسية: القضية الأولى هي الحرب ومصير الأسرى، والثانية تتعلق بـ “الإصلاحات القانونية” التي عادت إلى الواجهة هذا الأسبوع، من النقطة التي انتهت إليها الأمور عشية 7 أكتوبر واندلاع الحرب، والثالثة هي الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعاني منها البلاد في ظل انقسامات عقائدية وأيديولوجية عميقة.
فيما يتعلق بقضية الحرب والأسرى، تشير الاستطلاعات إلى أن 72% من الإسرائيليين يؤيدون إنهاء الحرب مقابل استعادة الأسرى. حتى بين مؤيدي نتنياهو، تصل نسبة التأييد إلى 56%، مع دعم علني غير مسبوق من أعضاء وقيادات حزب الليكود. ويضاف إلى ذلك مطلب الرئيس الأميركي دونالد ترامب بوقف الحرب قبل تسلمه لمقاليد الحكم. هذا الوضع يُلزم نتنياهو بالتقدم في مسار المفاوضات مع المقاومة الفلسطينية حول صفقة تبادل أسرى ووقف الحرب، مع العلم أن عواقب اتفاق كهذا قد تؤدي إلى انهيار حكومته وتوجهها لانتخابات جديدة. في هذا السياق، يهدد بن غفير بالانسحاب من الحكومة، وهو ما يوافق عليه وزير المالية بتسلئيل سموتريتش بقوله: “لا يجوز الموافقة على صفقة تبادل تنطوي على الاستسلام، والطريق الوحيد لإعادة الأسرى هو من خلال السيطرة المدنية على قطاع غزة وإدارة توزيع المساعدات الإنسانية.”
في حال سقوط الحكومة والذهاب إلى الانتخابات اليوم، يواجه نتنياهو أكبر خطر عليه وعلى حزب الليكود من رئيس الحكومة الأسبق نفتالي بينت. حيث تشير الاستطلاعات الأخيرة إلى حصول حزب الليكود برئاسة نتنياهو على 25 مقعدًا، مع تفوق واضح على خصومه لابيد وغانتس في استطلاعات الرأي لرئاسة الحكومة.
تتغير الخارطة الحزبية والسياسية في إسرائيل حال مشاركة نفتالي بينت في الانتخابات. إذ تبين الاستطلاعات أن حزباً يترأسه بينت سيحصل على 22 مقعدًا، منها مقعدين على حساب حزب الليكود الذي يتراجع إلى 23 مقعداً، وثمانية مقاعد على حساب حزب غانتس الذي يتراجع من 19 إلى 11 مقعداً، وخمسة مقاعد من حزب يائير لبيد الذي ينخفض من 16 إلى 11، وخمسة مقاعد من حزب ليبرمان الذي ينخفض من 13 إلى 8 مقاعد. كما يحصل بينت على مقعد واحد من حزب الديمقراطيين برئاسة يائير غولان، ونفس الرقم من حزب بن غفير. وفي حال أجريت الانتخابات لرئاسة الحكومة اليوم، سيحصل بينت على نفس نتيجة نتنياهو، وستكون الكتلة الداعمة له لتشكيل الحكومة 67 عضو كنيست مقابل 48 لنتنياهو. مما يعني أن بينت يستطيع تشكيل الحكومة دون الحاجة إلى الأحزاب العربية، في وقت يكون فيه نتنياهو غير قادر على تشكيل الحكومة حتى لو فاز برئاسة الحكومة.
خلاصة القول:
تعكس هذه الأرقام والنتائج رغبة واسعة لدى الإسرائيليين في إنهاء الحرب وإعادة الأسرى، مما يفرض داخلياً على نتنياهو التقدم في الحلول، حتى ولو كان ثمن ذلك هو حل الحكومة وعدم وجود بديل من الأحزاب الأخرى. في حالة كهذه، ستذهب إسرائيل إلى انتخابات مبكرة، ونتنياهو متورط في مداولات قانونية بتهم الفساد. 56% من الإسرائيليين يؤكدون أنه يكذب حينما يدعي أنه لم يكن على علم بهدايا الرشوة التي تلقتها زوجته. الأمر الذي يثير التساؤلات حول شفافية الحكومة وثقة المواطنين في قيادتها.
بسبب هذه الأوضاع، يرى الإسرائيليون في نفتالي بينت البديل الحقيقي لقيادة اليمين الإسرائيلي والدولة، وهو المعروف بمواقفه المتطرفة أكثر من نتنياهو. ومن المهم التأكيد هنا أن نفتالي بينت سيكون مهتماً جداً برئاسة حكومة تضم وزراء من حزب الليكود، وهذا متوقع إذا خسر نتنياهو الانتخابات أو عجز عن تشكيل الحكومة.