استغرق مجلس الوزراء أمس أربع ساعات لمناقشة إعلان حماس بشأن تأجيل إطلاق سراح المخطوفين الثلاثة يوم السبت القادم . القرار الذي اتخذه مجلس الوزراء كان، إذا صح القول، هو القرار الوحيد الذي يمكن أن يقبله العقل على ضوء صخب حملة نتنياهو الأميركية الجديدة . لقد كان قرارًا بمواصلة المشي على حبل رفيع ، وعدم الإقدام على خطوة كبيرة أو متهورة، نجد فيها أنفسنا في مكان لا نريد أن نكون فيه . فمن جهة عدم تبني – على الأقل رسميا- اقتراح ترامب، الذي يبدو دائما وكأنه اختلقه أثناء حديثه، مثل تلك الليلة، عندما قال بأنه يجب إعادة جميع المخطوفين بحلول يوم السبت الساعة 12 ظهرا، وإذا لم يحدث ذلك فإن أبواب الجحيم ستفتح .
ومن جهة ثانية ، عدم الظهور بمظهر غير مؤدب وإغضاب الرئيس الأمريكي ورفض عرضه بفظاظة وهو العرض الذي لو تبنيناه ، لكنا سنخاطر بعدم رؤية تنفيذ الصفقة، في يوم السبت ليس فقط لن يصل جميع المخطوفين فحسب، بل لن يعود الثلاثة المتفق على عودتهم إلى ديارهم .
ماالذي يجب فعله؟ بعد ساعات قليلة من انتهاء اجتماع الحكومة، خرج نتنياهو بصوته ببيان يهدف إلى الحفاظ على ما هو موجود، والصفقة كما هي ، وفي الوقت نفسه حاول عدم إهانة الرئيس والإعلان عن أن الحكومة تدعم مطلب ترامب بإطلاق سراح المخطوفين حتى يوم السبت – فقط بدون ذكر “جميعهم “.
ماذا جاء في التصريح ؟ مايشبه بيان بهلواني لنتنياهو بأنه إذا لم تقم حماس بإعادة المخطوفين، فإن وقف إطلاق النار سينتهي وسيعود الجيش الإسرائيلي إلى القتال العنيف ” حتى متى ؟” حتى إخضاع حماس نهائيا .
يبدو الكلام مألوفا؟ أليس هذا ما يعدونا به منذ عام ونصف ؟
بعد ذلك جاءت الانتقادات من جانب سموتريتش الذي دعا نتنياهو إلى الإعلان بأن الأمر يتعلق ب“جميع” المخطوفين، كما أعلن ترامب . رداً على ذلك، صدر إعلان آخر – وهذه المرة فقط باسم “مسؤول سياسي كبير” – جاء فيه أن “نتنياهو والحكومة متمسكان بإعلان الرئيس الأمريكي ترامب بشأن إطلاق سراح المخطوفين”. بمعنى آخر – أن يخرج جميع المخطوفين يوم السبت.” وهكذا، يمكن لكل واحد أن يختار من يصدق – ما لم يقوله نتنياهو بصوته، أو ما يسربه تحت اسم الشيفرة المعروف .

أعترف بأنه ليس لدي أي فكرة عن أبواب الجحيم التي يقصدها ترامب ، فحسب وجهة نظر معظم المواطنين الإسرائيليين، فإن هذه البوابات قد فُتحت بالفعل على الجانبين في حرب 7 أكتوبر. ما الذي يمكن أن يكون أكثر جحيما مما حدث في الكيبوتسات ومستوطنات الغلاف والدولة كلها ، ومن ناحية أخرى – بالتأكيد هذا ما يشعر به سكان غزة، الذين تدمرت منازلهم بالكامل وليس لديهم مكان يعودون إليه .
لايهم نتنياهو إذا تم تفجير الصفقة. فكل تفجير من هذا النوع يطيل فترة جلوسه على كرسيه، ناهيك عن إطالة محاكمته التي لا تنتهي. هذا ليس جديد ولم يتغير شيء، كما رأينا بعد رحلته إلى واشنطن واقترابه من عودة المخطوفين الثلاثة يوم السبت. لكنه لا يريد أن يبدو بأنه الشخص الذي أفسد الصفقة، لسبب واحد بسيط: مشاعر الرأي العام أصبحت حاسمة منذ يوم السبت، عندما عاد المخطوفون الثلاثة الأخيرون، أوهاد وإيلي وأور، كما عادوا، والصدمة والألم التي أحدثتها عودتهم لدى الجمهور .
ماذا كان بوسع نتنياهو أن يفعل ولم يفعل؟ على سبيل المثال، إرسال وفد من رمات معاليه إلى الدوحة برئاسة رون ديرمر . الدخول فوراً في مفاوضات وإبلاغ ترامب أن خطته رائعة، إن لم نقل خيالية، لكن تنفيذها سيكون أكثر على المدى البعيد ، وحتى ذلك الحين يجب إعادة المخطوفين ، ولذلك يجب أن نستمر بالصفقة كالمعتاد.
ومع ذلك، لا بد من قول بضع كلمات حول تأجيل حماس لهذه المرحلة . كان من المقرر أن تبدأ المفاوضات بشأن المرحلة الثانية من الصفقة في غضون 16 يومًا ، ليس بعد ، وإنما في غضون . وليس فقط أن هذه المفاوضات لم تبدأ، بل إن إسرائيل تثير انطباعا بأنها لا تنوي الدخول فيها . ما الذي كان من المفترض أن تدركه حماس من ظهور سموتريتش يوم الاثنين في الكتلة ، إذا لم يكن أنه لن تكون هناك مرحلة ثانية للصفقة . فالأمر يتعلق بوزير كبير على علاقة وثيقة برئيس الحكومة ، وكل التقديرات تشير إلى أن هذا قيل بعد محادثة مع نتنياهو . ما الذي يمكن فهمه من ذلك سوى أنه ليس هناك يقين بأنه سيكون هناك وقف لإطلاق النار وانسحاب للجيش الإسرائيلي من غزة.

رؤية ترامب أيضًا خلقت حالة من عدم اليقين والارتباك حول الاتجاه الذي ستتجه إليه هذه الصفقة. من المفترض أن تفرج حماس في المرحلة الأولى عن 33 مخطوفا مع انسحابات جزئية . وفي المرحلة الثانية، إطلاق سراح جميع المخطوفين مع انسحاب الجيش الإسرائيلي وإنهاء الحرب . أين يقع الجزء الخاص بإخلاء غزة من سكانها ؟ هل في نهاية المرحلة الأولى ؟ أو الثانية ؟ وإذا كانت هذه هي خطة ترامب، فلماذا كانت الصفقة برمتها ؟
نتنياهو، انطلاقاً من غريزة تملق لترامب ومن منطلق الشعور بالراحة والامتنان، يطلق أصوات داعمة لخياله بشأن الريفييرا الخاصة به . لكن ليس لحماس أي فكرة إلى أين يتجه هذا الأمر . يقولون لأنفسهم إنه مهما حدث، فمن الأفضل الوصول إلى النهاية بـ 39 مخطوفًا وليس 10 أو 20 . هذه ثروتهم . وعندما يواجهون حالة من عدم اليقين وعندما يبدو وكأن الصفقة قد تشوشت تمامًا، فإنهم يتمسكون بالثروه الوحيدة لديهم . هذا أشبه باتخاذ قرار للاحتفاظ بكل المدخرات ليوم الحاجة .

من الواضح أنه إذا لم تكن هناك خطوة واضحة وحاسمة من جانبنا إلى المرحلة الثانية ، وإذا لم يكن واضح لهم أن رؤية ترامب ولت من العالم، فإنهم سوف يتوقفون عن الدفع بالأموال التي لديهم – التي هي المخطوفين .
ومع تزايد حالة عدم اليقين والارتباك، فإن الميل إلى صرف هذه الثروة سوف يتقلص .

المصدر: يديعوت أحرونوت

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *