بينما تتعامل مع بقائها: حكومة اللارجال تقربنا من الدمار
منذ خراب الهيكل الثاني، لم تكن نبوءة إشعياء “من داخلك سيخرج من سيدمرونك ” ذات أهمية وقريبة من الواقع، مثلما هي عليه في هذا الوقت . فخلال أقل من عامين من توليها السلطة، تمكنت هذه الحكومة الوهمية من تقريبنا إلى خراب الهيكل الثالث، وواضح أنه حتى هذا الوقت لا يوجد من يوقف ويمنع هذا الانجراف المثير للقلق.
أينما التفت، تشعر بخطاياها وإخفاقاتها. وعمليا فإن الأمر بدأ قبل كارثة 7 أكتوبر، بخطيئة الانقلاب القضائي، بهدف تحويل الديمقراطية في إسرائيل إلى نوع من الاوتوقراطية، لإنقاذ رئيس الحكومة نتنياهو من مشاكله القانونية وإيجاد نظام جديد ومضلل ، نظام يفعل ما يحلو له ويحول المحكمة العليا إلى عديمة الأهمية، إلى مايشبه زهرة مزخرفة على الجدار تذكرنا بالديمقراطية التي كانت هنا .
تحت ضغط الجماهير التي نزلت إلى الشوارع وأوضحت لهذه الحكومة أنها “لن تقوم ولن تقوم”، دخلت الثورة القضائية في مرحلة الجمود، وعهد إلى وزير العدل ليفين، أبو الثورة، تنظيم درجة حرارتها في الثلاجة، وفي الوقت نفسه يبذل كل ما في وسعه لمنع انعقاد لجنة اختيار القضاة برئاسته، لمنع انتخاب رئيس أعلى للمحكمة ينبغي تعيينه في مكان الرئيس المؤقت القاضي عوزي فوجلمان الذي سيخرج إلى التقاعد .
عندما أدرك وزير العدل ليفين أنه سيضطر في المحكمة العليا إلى قبول تعيين القاضي الأكبر سنا، يتسحاق عميت، رئيسا للمحكمة العليا، قام بسحب راية الانقلاب السلطوي من الثلاجة واقترح كحل وسط تعيين القاضي يوسف الرون كرئيس للمحكمة العليا بشكل مؤقت لمدة عام .
لماذا مؤقت ولماذا لمدة عام ؟ لأن هذا يشكل استمرار مباشر لذلك الانقلاب ولقلق الحكومة الحالية من مغبة تشكيل لجنة تحقيق حكومية رسمية من المقرر أن تقوم ويحدد تركيبتها رئيس المحكمة العليا .
ليست هناك حاجة إلى تفسيرات هنا ، فنتنياهو، مثل أعضاء حكومته، يعرفون جيدا ما تعنيه لجنة تحقيق رسمية وما ستكون عليه نتائجها. ولذلك، فإنهم يفعلون وسيفعلون كل شيء من أجل تشكيل لجنة تحقيق ودية وصديقة .
لقد أثبت لنا الواقع الحالي وسلوك هذه الحكومة الرهيبة أنه ينبغي علينا أن لانستهين بالأمر . الثورة السلطوية لم تمت رغم الحرب ورغم كل المشاكل التي حلت بالبلاد، كما أنها لم تُحفظ ولم تُنسى. هي ببساطة خضعت للتو لتغيير وتجديد . حيث تم استبدال محرك الديزل المزعج من طراز Di-9 الذي كان من المفترض تركيبه في المحكمة العليا، بمحرك كهربائي يعمل بهدوء ولا يشعر به أحد .
بغض النظر، نرى وزراء الحكومة يحولون القانون والنظام إلى فوضى – كل واحد يفعل مايخطر على باله . وزير الأمن القومي بن غفير يحول أمن الدولة إلى نكتة ، ويدخل إلى الحرم القدسي ليثبت أنه لا يستخف فقط بالمستشارة القانونية للحكومة وإنما أيضا بجميع المسلمين في العالم، ويلوي ذراع نتنياهو الذي يتمسك بقبة معطفه حتى لا تنهار حكومنه .
هو يهاجم رئيس جهاز الأمن العام ( الشاباك ) ، شفهياً وبإعلانات ممولة من أموال الدولة، ويأخذ منها مايشاء، متجاهلاً الأوامر والقوانين . والآن علينا أن ننتظر ونرى متى سيفي بوعده لبناء كنيس يهودي في الحرم الشريف .
يحظى وزير المالية بتسلئيل سموتريش أيضا بدعم كامل من رئيس الحكومة، على الرغم من أنه يستخف بمحافظ بنك إسرائيل وبالاقتصاد الإسرائيلي وبمستشاري وزارة المالية، ويخترق إطار الميزانية الحالية التي مازالت لم تناقش في وزارة المالية . ويتضح أن وزير المالية، مثله مثل رئيس الحكومة، لاتقلقهم الحرب ولا الواقع الاقتصادي .
لا يوجد تفسير آخر لهذا الانفلات في كل ما يتعلق باختراق الموازنة وتجاهل مناقشة ميزانية الدولة. إنهم يتجاهلون ويغضون البصر عن الإرهاب اليهودي في الضفة الغربية ، المتفشي والذي يمكن أن يشعل انتفاضة أخرى هنا في أي لحظة، ناهيك عن الضرر الذي يسببه لنا هذا الإرهاب الخطير في العالم الأوسع، وخاصة الإضرار بالعلاقات مع الدول التي تميل إلى تأييد والانضمام إلى التحالف ضد محور الشر الإيراني.
وفوق كل هؤلاء يلمع نجم رئيس الحكومة نتنياهو، المشغول ببقائه. لا يزعجه أن تستمر هذه الحرب لأطول فترة ممكنة، وهو يجري المفاوضات من أجل إعادة المخطوفين وكأنه يلعب البوكر، وينسى أن الأمر يتعلق بحياة بشر، وان كل يوم لهم هناك هو مسألة حياة أو موت .
رئيس حكومة أهمل شمال البلاد وتجاهل سكانه. رئيس حكومة بلا شخصيات وبلا قدرة عقلية للقيادة، وهي غير قادرة الا على تقديم الوعود وإلقاء اللوم على العالم أجمع في إخفاقاتها، وتقصيراتها وغير قادرة على فعل شيء . حكومة وهمية لا تزال تعتقد أنها لن تتمكن من البقاء إلا بمساعدة الانقلاب السلطوي ، ولهذا السبب تتمسك به في حين أنها في الواقع تقربنا كل يوم إلى نبوءة أشعياء .
المصدر: معاريف