

في رسالته المؤرخة في الخامس من تشرين ثان/نوفمبر الجاري الى كل من رئيس الوزراء نتنياهو ووزير الامن غالنت، يطالب وزير المالية والوزير في وزارة الامن سموتريتش “باجراء تغيير جوهري وفوري في السياسة تجاه الضفة الغربية تقوم على اقامة معازل مطهّرة” من أي حضور فلسطيني حول المستوطنات وبمحاذاة محاور السير، وتشمل اراضي الفلسطينيين المشجّرة بالزيتون ومنعهم من جني موسم الزيتون. “لن أقبل باراقة دم اضافية ناتجة عن اصراركم على عدم عدم تغيير النظرة المشوهة ولكونكم لم تذوّتوا دروس احداث عيد “سمحات توراة” وخطر انتقالها الى يهودا والسامرة” اضاف “لا تزال قيادة المنطقة الوسطى في الجيش تتجاهل طلباتي منذ 3 اسابيع ولا يزال رصد قوات كبيرة لتوفير امكانية قطف الزيتون [من قبل الفلسطينيين] ويختم سموترييتش رسالته “لا يمكنكم التذمر من النقص في القوات العسكرية، وتطالبونني يتحويل الاموال الى سلطة الارهاب الفلسطينية بذريعة منع التدهور الوضع مما يتطلب قوات كثيرة، وعندها سنضطر الى هدر كبير في القوات”
قراءة:
في خطوطها العريضة ووفقاً للاتفاقات الائتلافية مع الصهيونية الدينية ضمّنت الحكومة الحالية بندا يقضي باصدار الاوامر الى وزارة الامن “بوضع مخطط غرس أشجار الزيتون في المناطق المصنفة أ في يهودا والسامرة”. وما يطالب به سموتريتش هو فعليا بنية متقدمة في سياسة التطهير العرقي تقوم على القضاء على موسم الزيتون الفلسطيني والى القضاء على اي ارتباط للفلسطينيين بأراضيهم، واحتلال الرواية القائمة على رمزية الزيتون في خطاب الصمود وتحويلها الى رواية يهودية من خلال غرس ملايين اشجار الزيتون في المناطق المصنفة (أ) كما ويعني استدامة الاحتلال وتحوله الى ضم كامل للضفة الغربية. وهو قانونيا يتطابق مع تصريح بن غفير قبل بضعة اشهر بأن “حق اليهود [المستوطنين] بالتواجد يتفوق على حق الفلسطينيين بالحركة.
بينما اعين العالم مشدودة نحو الكارثة الانسانية الكبرى في غزة بعد اعلان الحرب الاسرائيلية، فإن تيار الصهيونية الدينية يجد بالحرب فرصته لاشعال الاوضاع في الضفة الغربية ولمشروع الحسم القاضي بفرض نزوح سكاني لاهالي الضفة الغربية الى الاردن وضم كل المنطقة ضمن الحدود التوراتية لاسرائيل.
يتزامن مشروع الوزير المذكور مع التصعيد الاسرائيلي الممنهج على كل مدن ومخيمات الضفة الغربية وهو عدوان يقوم به طرفان؛ الجيش من ناحية وعصابات المستوطنين الارهابية مثل “تدفيع الثمن” و”فتيان التلال”. وهو عدوان يتصاعد مع كل حديث عن ضرورة حل القضية الفلسطينية بعد انتهاء الحرب على غزة وعودة المطالبة الدولية بدولة فلسطينية.
في عقيدته والتي اطلق عليها “خطة الحسم” والتي جرى انتخابه على أساسها، يرى سموتريتش ان حالة الحرب خاصة الاقليمية، هي اللحظة الافضل لترويع الفلسطينيين في الضفة وطردهم بعد وضعهم امام خيار واحد ممكن الا وهو النزوح. الا ان هذه الفكرة ليست بجديدة بل تعود مباشرة الى ما بعد العام 1948 حين اعتبرت قيادة الدولة انها بقاء ما يقارب من 160 الف فلسطيني في حدود دولة اسرائيل هو خطأ تاريخي وينبغي تصحيحه باستغلال اول حالة حرب لطردهم، وكانت الفرصة عام 1956 في 29 اكتوبر خلال العدوان الثلاثي (اسرائيل ،بريطانيا وفرنسا) على مصر، وارتكاب مجزرة كفر قاسم في الاثناء، الا ان الناس لم تترك ولم ترحل رغم هول المجزرة التي حصدت ارواح 49 من ابناء البلدة ووضعت حدا لمشروع التهجير انذاك. لتعود الصهيونية الدينية اليوم الى تبني الفكرة. العدوان الاحتلالي الحالي على الضفة الغربية وحصريا منذ السابع من اكتوبر، وما حدث في مخيم جنين قبل ايام من تدمير بنيته بالكامل للمرة الثانية خلال أشهر، يشكل بنية متقدمة نحو التطهير العرقي والطرد.