بلاد من غبار: في استحالة العودة (1)

«نحن جميعًا مذنبون تعني ليس هناك مذنب، إن الاعتراف بالخطيئة الجماعية لهو أفضل طريقة ممكنة للحيلولة دون اكتشاف المذنبين الحقيقيين، كما أن ضخامة الجريمة نفسها تُعتبر خير عذر لمن لا يريد أن يفعل شيئًا»- حنه أرندت

فجأة، أصبحت العودة إلى دمشق ممكنة، وأنا في حيرة من أمري: هل أستكين للمنفى، وأحفظ الذكريات القديمة عن المدينة، مشيحًا بوجهي عن آلام المدينة، وآلام الأصدقاء الذين صمدوا في بلد، كان الصمود فيه خلال العقد الأخير معادلًا للانتحار يوميًا، أم أعود إلى المدينة وأحدق في الفظيع الذي نجوت منه، وأتأمل المدينة التي ذرفت فيها جلَّ سنوات حياتي؟ التي لم تكن هانئة، لكن هذه السنوات هي السجل التاريخي لحياتي، تاريخ من الألم والحب، والمعاناة والمهانة، والضعف والقوة، إنها الخلطة العجيبة لحياتي التي شاء القدر أن أعيشها في هذه المدينة، التي اختار أهلي بعد هروبهم من فلسطين أن يستقروا فيها نهاية المطاف. ماذا لو استقروا في مكان آخر، في مخيمات لبنان، أو بقوا في الأردن؟ بالتأكيد، لكنت عشت حياة أخرى، وأصبحت شخصًا آخر، وربما، استطاعوا الاحتفاظ بأخي الذي ولد قبلي، ولكان رضع حليبي من أمي، الذي ستُرضعه لي لخمس سنوات بعد وفاته وولادتي، وربما، نجا من عيون جارتنا في المخيّم، التي قتلته بحسدها لجماله، كما اعتقدت أمي. وبذلك، لن تتمكن من إنجابي، لأن أمي لطالما استخدمت أبناءها الرُضع، كأدوات منع حمل، لأنها نوع من النساء اللاتي يخرجن أثداءهن لسنوات لإرضاع أطفالهن، وطالما يفعلن ذلك لن يحملن مرة أخرى، ولن ينجبن، طالما الأطفال يكبرون ويستمرون في الرضاعة. في ذلك الزمن، ليس من العيب على الأم أن تخرج ثديها وتلقم ابنها حلمتها في كل مكان، في الشارع، والباص، والسوق، وعيادات الأونروا، وغيرها من الأماكن. بالنسبة للأم، أن يهدأ الطفل الباكي أهم ألف مرة من أخلاقيات رثة، جعلت ممارسة الأمومة في الشارع ممنوعة على الأمهات، اللاتي لم تعدن قادرات على إخراج أثدائهن للأطفال الباكين، وليبقوا يبكون إرضاءً لأخلاقيات بائسة. لو استمرت أمي بإرضاع أخي الذي توفي قبل ولادتي بعدة أشهر، كما أرضعتني، لتجاوزت الخمسين من عمرها، وبقيت أنا أسكن العدم، وأُعفيت من تجربة الحياة التي عشتها.
استمر أهلي في مسيرتهم، لأن ذلك العام من نكبتهم كان عام محل في مدينة عمان التي لجأوا إليها أولًا. لم يجد أهلي الفلاحون ما يفعلونه في عمان في عام نضب فيه ماء السماء، فتابعوا السير إلى مدينة دمشق، التي سأولد في مخيم للاجئين الفلسطينيين على أطرافها، بعد ستة عشر عامًا من النكبة، التي أفقدتهم وطنهم، ونبت مكانه نبت غريب عن المنطقة، أخذ اسم إسرائيل، جاء سكانه من كل مكان من العالم، لطرد السكان الأصليين، بناء على أن الله وعد هؤلاء بأن يكون هذا المكان وطنهم قبل ثلاثة آلاف سنة. ومن المفارقة أن علمانيين هم من أقاموا إسرائيل، ليس حسب النظريات الحديثة للقومية، بل وفقًا لوعد إلهي يعود إلى ثلاثة آلاف عام. هذا الوعد الذي طرد أهلي من ديارهم، جعلني أولد في أوحال دمشق، بعد أن ضربت جارتنا أخي الأكبر مني بالعين، فقتلته، ما اضطر أمي إلى إخفائي عن عيونها، حتى لا تقتلني كما فعلت بأخي، وتنجو بفعلتها، كما نجت في المرة الأولى. هذه المرة، نجوت، وكنت خاتمة خلفتها بعد ثمانية أبناء، من رجل لم تحبه يومًا، كما ردّدت، حتى بوجوده، وكان إعلانها عدم حبها له، يُضحكه، وكأنها تروي نكتة لا تُضحك أحدًا سواه. بصرختي الأولى في مخيم بائس وموحل على أطراف دمشق، أصبحنا عائلة من ستة رجال وثلاث نساء. أنا الذي نجوت من عيون الجارة، ونجوت من ولادتي منغوليًا، لأن أمي أنجبتني وهي في الثامنة والأربعين من عمرها، ما يعني أن نجاتي من الجنون هي معجزة إضافية، ليست سارة بالنسبة لي، لأني أعتقد أن المجانين هم الأقلية العاقلة في هذا العالم المجنون.

عودة أم رحيل

قبل أن تطأ قدماي أرض مدينة دمشق، أدركت أن الكلام عن العودة هو كلام عن الرحيل، والعودة والرحيل هي مسيرتي الشخصية، وهي تحيل مباشرة على سؤال الأنا. فوجدت نفسي أرتطم بسؤال الهوية، من أنا؟ اصطدمت بالسؤال، وأنا لا أملك القدرة ولا المهارة لتعريف نفسي، ولا الإجابة على الأسئلة الوجودية. وأن هويتي أكثر هشاشة مما تصورت طيلة حياتي، وتأتي هذه الهشاشة مباشرة من هشاشتي الشخصية، والتي اعتبرها الآخرون نقطة ضعفي الأساسية. ولكني شخصيًا لم أستطع اتخاذ موقفًا من هشاشتي، التي علمتني درسي الأهم، إني غريب.
منذ وعيت حياتي في شوارع المخيّم الموحل القريب من دمشق ولا ينتمي إليها، شعرت نفسي أشبه المخيّم، لا أنتمي إلى المكان، لا إلى المخيّم ولا إلى دمشق، فقرّرت أن أربي نفسي كغريب طيلة الوقت، ولذلك اعتبرتني عائلتي دائمًا شخصًا غريب الأطوار.
عندما تعود إلى المدينة التي عشت فيها جلَّ عمرك، ولا تجد منزلك ولا مكتبك اللذين تعرضا للدمار، ولا يستطيع أي من أصدقائك استقبالك في منزله، وتجد نفسك في غرفة باردة في فندق رديء، ارتفعت أسعاره بطريقة جنونية، لأن المصابين بمخلب الحنين العائدين إلى البلد، أكثر مما تتسع لهم فنادق المدينة، التي رفع أصحابها أسعارها إلى السماء، فأنت تواجه السؤال الذي لم يخطر لك قبل القدوم، وتعرف أنّ السؤال ليس على أي دمشق جديدة تتعرف بعد هذا الغياب الطويل، وبعدما تعرضت له من دمار ودم وآلام ومعاناة بشرية هائلة، وإنّما يصبح السؤال من أنت قبل هذا الغياب ومن أنت بعده؟ من أنت وأي معنى للحياة التي عشتها وتعيشها؟ إنه سؤال الوجود الإشكالي الذي لا جواب شافٍ له. وما أكتبه هنا، محاولة عبثية ومجنونة للإجابة على السؤال، محاولة للتحديق إلى نفسي وحياتي وإلى المكان الذي احتواني في مرآة مكبرة، محاولة لرؤية صورتي بدون غبش المنفى، وبدون أوهام الأوطان، صورة أكثر وضوحًا لعودة مهزوزة، والخضوع لعملية جراحية لاختبار صلاحية هوية شخصية في غاية الهشاشة.

الاستعداد

قبل سقوط النظام، حصنت نفسي ضد الحنين إلى البلد، وضد الفضول لمعاينة تاريخ الألم في البلد الجريح عن قرب، وضد الشوق إلى الأحبة الذين كانوا عالمي كله قبل الرحيل، أو بالأصح كانوا فقاعتي الجميلة في بلد تحكمه سلطة لا ترى سكانه ولا تحترمهم. أهدرت عمري هناك في دمشق، في بلد أردت في منفاي الطويل والقاسي، دفعه إلى مواقع النسيان العميقة بكل تفاصيله المؤلمة وغير المؤلمة. لم أرد فعل ذلك انتقامًا من البلد أو انتقامًا من نفسي، ولا كرهًا في البلد الذي عشت فيه عمري، ولم أغادره، إلا عندما تحولت ثورته إلى بحيرة هائلة من الدم. أردت ذلك لأني لم أحتمل الجرائم الرهيبة في البلد، التي ارتكبها حاكم مجنون قرّر أن الردَّ الوحيد على احتجاجات المواطنين في مزرعته، هو قتلهم بوصفهم مجرد وقود لمعركة الحاكم التي رآها مع الكون كله، نافخًا نفسه لدرجة صدَّق أنه والمجرمين حوله هزموا الكون، بقتلهم مواطنين خائفين من أسلحتهم، ومن غبائهم، ومن هدم المدن على رؤوس، هؤلاء المواطنين الخائفين عاملهم كخونة!
كان هروبي حلًا فرديًا، بعد قناعتي بأن الحل الجماعي أصبح متعذرًا على المدى المنظور من عام 2012 وهو العام الذي غادرت فيه البلد على أمل عودة قريبة. اثنا عشر عامًا وأربعة أشهر خارج البلد، وأنا أحصي باكيًا اختفاء الأحبة من المكان بالقتل أو بالاعتقال أو بالهروب، وأتأمل بقلب مجروح اختفاء الأماكن والذكريات تحت ركام القصف الوحشي الذي صنع جغرافيا بشرية جديدة داخل البلاد وخارجها، جعلت خارطة توزع الأقارب والأصدقاء، نوعًا من مصير سريالي، كأن تعجز عن توقعه أعتى العرافات، جنسيات مختلفة لأخوة وجدوا أنفسهم في منافٍ متباينة، مع بقاء بؤساء العائلة عالقين في بقايا وطن ممزق، أبناء عمومة ولدوا في المنافي بلغات متعدّدة تعود إلى أمم في أربع بقاع الأرض.

“قبل سقوط النظام، حصنت نفسي ضد الحنين إلى البلد، وضد الفضول لمعاينة تاريخ الألم في البلد الجريح عن قرب، وضد الشوق إلى الأحبة الذين كانوا عالمي كله قبل الرحيل”




هؤلاء المحظوظون وجدوا بلادًا جديدة ينزفون فيها أحزانهم بترف، باعتبار المنافي بلادًا لا تُطاق، وقد تركوا وراءهم أفرادًا من عائلاتهم، ينزفون حياتهم دون ترف، على مدى أكثر من عقد تحت خطر الموت الذي هدّد حياتهم بالقذائف والاعتقال وحتى بالجوع بسبب حصار قاتل فرضه النظام بأدوات قتله على مناطق اعتبرها شريكة في المؤامرة الكونية عليه، في الوقت الذي لا يريد سكان هذه المناطق المنكوبة سوى العيش بسلام والحصول على الحد الأدنى من الطعام الذي يقيهم الموت المحقق. لكن من كان يستطيع إقناع النظام أن من يحاصرهم هم بؤساء وطن، لا يصلحون، وليسوا مطلوبين للاشتراك في المؤامرة الكونية التي توهمها حاكم أبله مفصول عن الواقع، لا يرى سوى ذاته المتضخمة في مرآة قصره.

انقلاب

لم يكن أحد حتى رأس النظام يدرك أوضاع البلد، بعد سنوات طويلة من الاهتراء، ولا أحد يملك المعلومات اللازمة لمعرفة مستوى تفكك النظام. ما كان حاسمًا بالنسبة لي، أن النظام لا يستطيع حماية ذاته من شعبه، دون حماته الخارجيين. ففي كل مرة ترنح النظام فيها وبدأ بالسقوط، وجد من ينقذه، مرة بالتدخل الإيراني، عبر حزب الله والميليشيات العراقية، ومرة بصفقة الكيماوي مع الولايات المتحدة وإسقاط الخطوط الحمر الأميركية، التي وضعتها إدارة أوباما على استخدام السلاح الكيماوي، استخدم النظام الكيماوي وابتلع أوباما خطوطه الحمر. ومرة بالتدخل الروسي، الذي استخدم المدن والبلدات السورية دريئة لاختبار أسلحته الغبية، وعلى رأسها المكان الذي ولدت فيه، مخيم اليرموك والذي ناله ما ناله من الصواريخ الروسية، فوق البراميل المتفجرة والقذائف التي أهداها النظام للمكان، وقياس مدى قدرتها التدميرية على رؤوس السكان الفاقدين لأي خيار، حتى خيار الهروب من القذائف.

مكر التاريخ

في مكان آخر في المنطقة، وفي قطاع غزة تحديدًا، قام مقاتلو حركة حماس، في «طوفانهم» باقتحام بلدات غلاف غزة، ونجح الهجوم نجاحًا باهرًا، مترافقًا مع فشل إسرائيلي هائل، جعل يوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، يومًا تاريخيًا يؤسس لتغيرات هائلة في المنطقة، لن ينجو منها النظام السوري، حيث الجنون الإسرائيلي الوحشي والمدمر، أطلق العنان لآلة الحرب الإسرائيلية، لتحرث غزة وجنوب لبنان، والكثير من المواقع الإيرانية في سورية وفي إيران ذاتها.
وفي مكان آخر من العالم، حاولت روسيا اختبار عظمتها المزعومة، في احتلال أوكرانيا البلد المجاور، فشلت في المهمة ووجدت نفسها عالقة لسنوات في حرب مدمرة، ليس لأوكرانيا التي رغبت في احتلالها فحسب، بل للجيش الروسي «العظيم»، الذي غرق في أوحال أوكرانيا. هذه الحرب البعيدة جعلت روسيا الهزيلة غير قادرة على الدفاع عن طاغية دمشق.
كان مكر التاريخ قاسيًا علينا، أن تساهم إسرائيل في إسقاط النظام السوري، الذي اعتبرته أفضل جار لها، رغم التاريخ اللفظي للنظام شديد العداء لها. لكن هذا الخطاب لم يُفرّخ على الحدود مع إسرائيل أي جندي مجنون يطلق النار بعد الجرائم الإسرائيلية بحق الفلسطينيين، كما جرى لجنود مجانين على كل من الحدود المصرية والأردنية.
بإفلاس حماة النظام، وتركه وحيدًا، وبعد فقدانه داخليًا كل الأقدام التي يمكنه الوقوف عليها، أصبح سقوطه مسألة وقت. فكان الهجوم الذي هدف إلى «ردع عدوان» النظام، الشعرة التي قسمت ظهر النظام. فكان السقوط المدوي، والمفاجأة الأكبر تبخر النظام، وكأنه حفنة غبار ذهبت مع ريح متواضعة. فتبين أن البلد التي طالما تغنى فيها الرئيس الأبله، لا وجود لها، ولم يُبق الأبله في البلد، لا دولة عميقة ولا دولة سطحية، كل شيء تبخر، حتى الجوزة الصلبة الطائفية للنظام وحاميته من الفرقة الرابعة والحرس الجمهوري تبخرت، ولم يبقَ منها، سوى سيارات عسكرية، ودبابات وأسلحة فردية مركونة أو مرمية على جانب الطرقات، وهؤلاء المجرمون الذين مارسوا «بطولتهم» على المواطنين العزل، تركوا حتى ملابسهم العسكرية على قارعة الطريق، كدليل حاسم على مدى «عقائدية» جيش الرئيس الأبله.
من شمال البلد أتى الجهاديون مصدومين بهذا السقوط، مثل كل شخص في البلد. بتبخر النظام، ولأنهم الأكثر تنظيمًا، بعد التلف الهائل الذي أصاب البلد، وجدوا أنفسهم يحكمون البلد. نزعوا لباسهم الأفغاني وارتدوا الملابس الرسمية مع ربطات العنق لعلها تغير هويتهم. ركبوا السلطة، ويسعون لسرقة سردية الثورة التي لم يكونوا جزءًا منها، بل عبئًا عليها، وهم لا يعرفون ماذا يفعلون في البلد، ولا يعرفون كيف يخرجون من جلودهم وينسون «الخلافة» التي نادوا بها. هم ضائعون مثلما كل البلد، لكن البلد الضائعة فرحة لدرجة لا تصدق بالخلاص من النظام الذي أثبت للناس أن الشياطين أنفسهم أفضل منه. ولأن من جاءوا إلى السلطة إسلاميون، وهناك في دمشق من يملك سرعة هائلة على التأقلم، تحولت العبارة على واجهة المحلات المغلقة من: «نحن في الجامع، سنعود بعد قليل» إلى: «نحن في الجامع الحق بنا…»…

تناقضي

مع سقوط النظام، أكدت لنفسي أولًا، وللآخرين ثانيًا، على حالتي المضادة للحنين والفضول، وعندما سألني الأبناء والأصدقاء، هل ستعود إلى البلد الذي تركته؟ جاء جوابي حاسمًا: «ليس لي ما أملكه هناك، وليس هناك من فائدة لعودتي، فالبلد المحطم مباني وسكانًا، يحتاج همة الشباب لصنع الفرق بعد جبال من الجرائم ارتكبت بحقه، وهذه الميزة لم أعد أملكها».
بعد خلّوي إلى نفسي، وجدت كلامي لا يشبهني، أقول ما يصنع حاجزًا من زجاج مع رحلة كانت مستحيلة قبل أيام، ويبدو أني اقتنعت أن هذه الاستحالة ستبقى للأبد، وإنّ ما حاولته هو تحصين ذاتي من الحنين والفضول، مع بقاء الوحش جاثمًا على صدر البلد، وعلى صدورنا في المنافي. ويبدو أن الغياب الطويل والحرب المديدة وتحطم المكان وأمراض المنفى، جعلتني ضائعًا، لا أعرف ما يشبهني وما أشبهه. متجاهلًا أنّ هناك عشرات الأسباب التي توجب عليَّ الذهاب إلى هناك، ليس الحنين والفضول أبرزها، هناك الغامض الذي ينمو داخلنا، والرغبة الرهيبة في زيارة تاريخنا الشخصي بجماله وقبحه، والتأمل في تجربة عيش ليست مشرفة في بلد أهان كل من عاش فيه خلال نصف القرن المنصرم.

عن ضفة ثالثة

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *