بعيداً عن السياسة وقريباً جداً من حقوق الإنسان

آمال روحانا طوبي

لا اعرف مدى صدق اخبار الإذاعة الاسرائيلية عن التنسيق الأمني مع السلطة في البحث عن الاسرى الذين حرروا أنفسهم من السجن مدى الحياة، بقوة الإرادة. وحتى لو كان ذلك غير صحيح فلقد تم الغدر بالأسرى الأمنيين بما فيه الكفاية.

في كل حروب الإنسان، يقف الفرد بين أفراد مجموعته ويدافع عنهم من منطلق الإنتماء للجماعة. فإن قُتل فهو يدرك بأن موته لم يذهب سدىً بل من أجل إنقاذ أرواح الآخرين، معنوياً وجسدياً، وإن أُسر فسوف تقوم قيادة تلك المجموعة بالمطالبة بتحريره، فيعيش على ذلك الأمل.

ولذلك، عندما يُعتقل مناضل ويقبع في السجن منتظراً أن يتم تحريره بالوسائل المتبعة في تلك الحالات، ويحدث العكس، فلا يمكن ان يسمى ذلك إلا غدر وخداع. ولذلك ايضاً، فإن اي سلطة تأخذ على عاتقها قيادة مجموعة بهدف تحريرها من القمع والاحتلال ومنحها الحقوق الانسانية الاساسية، فتختار بدل ذلك الحفاظ على ثبات الحال، وتتحول لشرطي لحفظ أمن القوة الاخرى، فهي قد ساهمت بشكل فعلي بإبقاء أسراها خلف القضبان مدى الحياة.

يقترح الصحفي رون بن يشاي ان تتم إعادة أسر “المخربين الهاربين”، على حد تعبيره، دون المساس بهم. ليس خوفاً على ارواحهم او على ارواح الجنود الذي قد يقعون في المواجهة، بل لكي يسجنوا من جديد في ظروفٍ أصعب فيعطون درساً للآخرين ويساهموا بقوة الردع.  هذا التوجه يلغي الكيان الإنساني للاسرى ويحولهم ل”اشياء”, في مفهوم يُعرف باللغة العالمية بال dehumanisation.

يمكن للعالم الآن أن يشاهد كيف تتم عملية الغدر وسحب صفة الإنسان عن آلاف الأسرى في السجون الاسرائيلية، ويمكنه في المقابل أن يشاهد كيف يكون الرد بأقوى صوره !

يكفى لهذه الفكرة ان تمنح الإلهام للعالم بأكمله….

ويكفي ان تذكرنا ايضاً بأسرى أخرين يقبعون في السجون الفلسطينية والسورية والمصرية وغيرها… تجعلنا نتذكر ونبحث عن الإنسان في جميع هذه القضايا…

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *