

– ما يحدث في الضفة الغربية شمالا ووسطا، هو تأكيد على اننا بصدد حالة متدحرجة تتشكل من احداث متتالية تشهد حركة مقاومة مستدامة تعلمت من دروس التصفيات التي قام بها الاحتلال والتي سقط نتيجتها 160 شهيدا منذ بداية العام الجاري، والكثيرون منهم من عرين الاسود وكتيبة جنين، في مسعى احتلالي لتصفية بنية المقاومة وفقا لمفاهيمه.
– اعلنت المؤسسة الامنية في الضفة الغربية جهوزية قصوى، وذلك بعد أن حذرت المؤسسة الامنية الاستخباراتية في الامس وبعد العدوان المتعثر في جنين، من احتمالية عمليات فلسطينية انتقامية يحفزها نجاح المقاومة في جنين في تطوير عملها وتقويض اهداف عدوان جيش الاحتلال.
– تتميز الحالة المتدحرجة في تصعيد احتلالي عسكري واستيطاني، وفي تطور نوعي لعمل المقاومة المسلحة في شمال الضفة الغربية وفي استهداف الجيش والمستوطنين حصريا.
– تشهد الحالة الاسرائيلية انتقادات واسعة لمنظومة الاستخبارات، وبالذات الشاباك، في عدم توفير البنية الاستخباراتية التي توجه الجيش كما حدث في جنبن. بينما الانتقاد الاوسع بسبب نجاح المقاومة الفلسطينية في شمال الضفة في تطوير عملها ونمط الاشتباك من خلال حماية الذات وتضليل اجهزة الاستخبارات بإمكانياتها المحدودة. وهذا ما يفسر جزئيا تباين التقديرات بين جهاز الامن العام الشاباك الذي يرى بأهمية اجتياح لشمال الضفة والقضاء على بنية المقاومة الاخذة بالتطور النوعي، بينما يتحفظ الجيش الذي لا يريد العودة الى المدن والتجمعات الفلسطينية من منطلقات امن قومي اسرائيلي.
– تتدارس الحكومة الاسرائيلية عددا من الخيارات وفي مقدمتها بتر شمال الضفة عن وسطها وجنوبها والقيام باجتياح واسع، يشمل الاجتياح البري، وبمشاركة من سلاح الجو حتى وأن تدحرج الى اجتياح شامل او كما يطلقون عليه “الجدار الواقي2” اسوة بتسمية اجتياح العام 2002، حتى ولو ادى الى سقوط السلطة الفلسطينية كما يشتهي سموتريتش وحزبه المعني بقيادة عملية الضم؛ أو عدم الدخول في عدوان واسع وانما الاكتفاء بالنمط القائم في العامين الاخيرين وتعميق الاقتحامات؛ العودة الى سياسة التصفيات واغتيال القيادات في غزة وتحميل قيادات الفصائل وحصريا حماس والجهاد المسؤولية عما يحدث في الضفة.
– تقف اسرائيل في حالة ارباك أمني سياسي استراتيجي، اذ تفقد القيمة الاضافية لتفوق ترسانتها العسكرية الهائلة، وتقف عاجزة عن القضاء على المقاومة، بل تغذيها وتجعلها أكثر مناعة وأكثر قبولا شعبيا في الحالة الفلسطينية.
– من وجهة نظر الامن القومي سوف تدفع إسرائيل ثمنا اضافيا في تراجع وزنها الاقليمي ودورها وأثرها، وستجد نفسها امام تصدر قضية فلسطين لجدول اعمال المنطقة ولجدول الاعمال الدولي من جديد.
– في المدى القريب، هناك اتساع لذهنية الانتقام في الراي العام الاسرائيلي، وهناك غضب شعبي بين المستوطنين ضد سموتريتش وبن غفير المخفقين في دفع الحكومة نحو ضمان الامن والامان لهم. بينما للمدى البعيد يبدو ان المجتمع الاسرائيلي الذي تجاهل وجود الاحتلال سيعود ليصطدم بالواقع وبالثمن الذي يفرضه هذا الاحتلال.
– لا خيارات إسرائيلية في المدى المنظور، سوى القوة والعدوان، وحاليا كلما اتسع نطاقها تتصاعد المقاومة. وفي هكذا حالة لا بد من توقع عدوان أوسع مما شهدناه حتى الان.
(مركز التقدم العربي للسياسات)