الهزيل:المطلوب استراتيجية “معاً ووحدنا ” تجمع الفلسطينيين في الوطن والشتات
يؤكد أكاديمي بارز من أراضي 48 أن منظمة التحرير الفلسطينية قد طعنت طعنة خطيرة جدا عندما قبل قادتها بتعديل ميثاقها وبالاعتراف بإسرائيل مقابل اعترافها بالسلطة الفلسطينية بدلا من اعترافها بمنظمة التحرير وبدولة فلسطينية حقيقية على مبدأ الندية. ويقول ابن منطقة النقب الدكتور عامر الهزيل الخبير في شؤون علم الاجتماع والسياسة، إن ما يجري ليس سوى عملية استنساخ لواقع الشرذمة والانقسام وإن عمليات تسمين الاستيطان لن تتوقف خلال فترة إدارة الرئيس جو بايدن بل سيتم تقنين الاستيطان. معتبرا أن الفلسطينيين بحاجة لاستراتيجية عمل جديدو تقوم على فكرة “معا ووحدنا” وبتجديد التحالف مع الشعوب العربية. ويتابع في قرائته للواقع الراهن والمستقبلي المأمول “إذا كانت نتيجة الانتصار قيام دولة إسرائيل الكبرى بين النهر والبحر، فإن هزيمة النخب الفلسطينية وحدت الشعب الفلسطيني أرضاً، تاريخا وقضية وعادت به لمشروعه الأول، الدولة الديمقراطية الواحدة بين النهر والبحر”. وفيما يلي الحديث كاملا مع الدكتور عامر الهزيل.
*كيف تقرأ مرسوم الانتخابات الفلسطينية هل هو بشير خير من ناحية الدمقرطة وإعادة البناء واستعادة الوحدة أم مختلف؟
**كما تقمص المرسوم في توقيعه صفة رئيس دولة فلسطين في ظل حقيقة ان الانتخابات تتم وفقاً للهامش القانوني لسلطة الحكم الذاتي على السكان وليس على الأرض الذي سمح به الاستعمار الإسرائيلي، تنكر أيضاً بتوقيع أبو مازن كرئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية لواقع دفن وشطب فيه أبو مازن نفسه مع عرفات منظمة التحرير الفلسطينية في الرسالة التي بعث بها لرابين معترفاً بإسرائيل بعد ان التزم بشطب كل بنود الميثاق الوطني التي تتناقض مع هذا الاعتراف وفعل. وبذلك شطب شرعية ولادتها وتمثيلها التاريخية واختزلها في سلطة الحكم الذاتي على أصغر جزء من الشعب ورقعة من الوطن. وكهذه التزييف في توقيع المرسوم ستكون الانتخابات زيفا للديمقراطية في تطبيقها، إذا تمت، وحالة استنساخ لواقع الشرذمة والانقسام. بمعنى ما الذي سيجمع بين حضور واستمرار سلاح المقاومة في غزة وحقيقة التنسيق الأمني بين السلطة في رام الله ومخابرات الاستعمار الإسرائيلي الحاكم الرقيب الذي لا يرضى بأي نتيجة انتخابات إلا إذا كرست وعمقت وجوده واستمراره كدولة فصل عنصري واحدة بين النهر والبحر؟ من هنا فمرسوم الانتخابات ليس أكثر من ذر الرماد في العيون ومحاولة فاشله للهروب إلى الأمام من الطرفين. وان تم اللقاء والاتفاق بين حماس وفتح إلا ليعود الانقسام أعمق وأخطر إلا أذا انسجمت تنظيمات المقاومة في غزة مع المرحلة وغدت جيش جنوب لبنان الثاني أسوة بسلطة رام الله.
*هل تعتقد أن القضية الفلسطينية ستشهد أي تحول في ظل إدارة جو بايدين ونهاية فترة ترامب؟
**العلاقة بين إسرائيل وأمريكا تحكمها اتفاقيات تفاهم بين مؤسسات الدولة العميقة ولا تتأثر بهذا الرئيس أو ذاك إلا بقدر ما تفكر إدارته كم هي قريبة أو بعيدة عن نيل الهدف النهائي التي وضعته المؤسسة. تفاهمات تلخصت بـ: محادثات ثنائية مباشرة مع الدول العربية بكل ما يخص الصراع العربي الإسرائيلي. وبما يخص القضية الفلسطينية إدارة الصراع خطوة خطوة وتنفيسه في كل مرحلة احتقان تهدد بالانفجار أما بخطوات دبلوماسية أو بضربات عسكرية. والهدف منع، بأي حال من الأحوال، إقامة دولة فلسطينية مستقلة بين الأردن وإسرائيل تهدد حلفاء أمريكا إسرائيل والنظام الملكي الهاشمي. على المدى البعيد الحل المتفق عليه حكم ذاتي للفلسطينيين في نطاق دولة إسرائيل الكبرى بين النهر والبحر. إدارة ترامب حاولت حسم الأمر نهائياً في هذه المرحلة لطلب إسرائيل منها، ولم تستطع لظروف لا تتعلق في قوة الرفض الفلسطيني بل لأسباب تكتيكية تطلبتها هرولة عملية التتبيع والتطبيع العربية وفق فهم اليمين الإسرائيلي السلام مقابل السلام، وكذلك رفض الأحزاب على يمين نتنياهو لها. إدارة بايدن ستعود إلى معادلة إدارة الصراع وفق منطقه المتفق عليه بأدوات أقل صداما وأكثر تنسيقا مع الطرف الفلسطيني بما ينطبق ومنطق مثلنا الشعبي الصحراوي “لا يموت الذيب ولا تهفى الغنم”.
*هل تسوية الدولتين فعلا ما زالت قائمة أم تبخرت ؟ ولماذا؟ وما هي الاستراتيجية الفلسطينية الأفضل للحفاظ على ما هو موجود واستعادة الحقوق المسلوبة؟
**انتهى مشروع الدولتين لأنه اصلاً لم يكن خيارا للحل تبحث عنه أمريكا وإسرائيل. المطروح اليوم دولة إسرائيل الكبرى بين النهر والبحر ذات طابع نظام ديمقراطية الشعب السيد والفصل العنصري. انتصرت إسرائيل بهزيمة النخب الفلسطينية وليس الشعب الفلسطيني وعمقه العربي الشعبي. وإذا كانت نتيجة الانتصار قيام دولة إسرائيل الكبرى بين النهر والبحر فأن هزيمة النخب الفلسطينية وحدت الشعب الفلسطيني أرضاً، تاريخا وقضية وعادت به لمشروعه الأول، الدولة الديمقراطية الواحدة بين النهر والبحر. وكذلك لمنطق ان تحرير فلسطين منوط بعمقها العربي من خلال التحالف مع الشعوب العربية وحركاتها لأسقاط الأنظمة المستبدة ومعها سلطة رام الله التي غدت جزءا من النظام العربي الفاسد.
*هناك من يرى أن الاستراتيجية الأفضل للفلسطينيين هي النضال كي تكون هناك دولة واحدة على مبدأ صوت واحد لكل شخص وتبقي المستوطنين في مستوطناتهم وتتيح عودة اللاجئين لديارهم؟ ألا يبدو هذا أصعب المنال من فكرة الدولتين؟
**هذا كلام مضيعة للوقت. نحن نتحدث عن أشرس استعمار احلالي عرفه التاريخ ينطلق من رؤية استراتيجية ان طبيعة الصراع هي وجود وليس حدود.
*تضاعف الاستيطان منذ توقيع أوسلو ثلاث مرات. ألا تعتقد أنه من شأن تسمين الاستيطان وتعزيزه أن يتكرر في فترة بايدين أيضا وإن بأقل حدة، كما حصل في فترة باراك أوباما؟
**نعم ولكنه سيقنن وفق ترتيبات متفق عليها مع الأمريكان بما يشبه ما حصل في فترة باراك أوباما.
*هل ترى أن هناك احتمالا حقيقيا بوجود من يرغب ويستطيع إخلاء المستوطنات في أي تسوية مستقبلية؟
**كما ذكرت إسرائيل ليست بصدد التفكير في إخلاء المستوطنات، هي مشغولة في تعزيز وشرعنة دولة الفصل العنصري بين النهر والبحر بما يعزز المستوطنات والاستيطان.
*هل مشروع الضم قد تم إلغاؤه أم إرجاؤه ولماذا؟
**ذكرت انه تم إرجاؤه لتتقدم إسرائيل في إنجاز مهمة القضاء نهائيا على عمق القضية الفلسطينية العربي، مشروع بدأت فيه أمريكا مع الأنظمة العربية منذ قرار فلسطنة القضية في قمة الجزائر عام 1974 حيث قطفت ثمارها إسرائيل في اتفاق كارثة أوسلو وتستكمله اليوم مع هرولة الأنظمة العربية للتتبيع والتطبيع وفق معادلة اليمين الإسرائيلي السلام مقابل السلام. أو إلى وقت يحكم فيه يمين اليمين في إسرائيل وحينها لا أستبعد “ترانسفيرا” جماعيا وسيتعلق هذا بالظروف الدولية والعربية والإسلامية في المنطقة.
*على المستوى الفلسطيني داخل أراضي 48 كيف تقيم مسيرة فلسطينيي الداخل في مواجهة الأسرلة والتهويد؟
**انعكست كارثة أوسلو على كل قطاعات الشعب الفلسطيني وأول الضحايا عرب الـ 48 واللاجئين، حتى غدت الصهينة خيارا لعرب الداخل تعبيراً عن حالة (وجوه فلسطينية أقنعة إسرائيلية) وعلاقة المُستعمِر مع المُستعمَر بكارثيتها المعروفة.
*وهل تمكن فلسطينيو الداخل بفعالياتهم السياسية البرلمانية والميدانية تحقيق مطالب مدنية حقيقية؟
**في الجوهر لم تتحقق معظم الحقوق المدنية في ظل استمرار نهب الأرض واستمرار تخطيط التهويد الجاري على قدم وساق وعدم إلغاء قوانين عنصرية. المجتمع يتفكك عمودياً وأفقياً والعنف الذي يفتك فينا تعبير عنه. الوعي لدى معظم الأجيال الصاعدة بعيد عن كل شي اسمه وطني وفلسطين. نخبنا نعم برجوازيتنا الصغيرة استقطبت من خلال الدمج الانتقائي والمعارض مارسوا عليه العزل الانتقائي إلى حد السجن نموذج رائد صلاح. نحن رعايا بدون مواطنة ونحن بدون دولة لأن الدولة لليهود. الآن يهندسون لنا قياداتنا برؤية 2048 أمثال نجوم الصحراء وعتيدنا، وغيرها من مشاريع. وفوق كل هذا نحن في واقع جديد دولة الفصل العنصري بين النهر والبحر. مع هذا أقول إذا كان للكنيست هدف هو استغلال ميزانياتها ومنصاتها الإعلامية لإعادة بناء الحركة الجماهيرية. السلطات المحلية العربية تحصل بطبيعة الحال على ميزانيات وليست بحاجة للأحزاب.
*ما هو الدور الأفضل وربما المفقود لفلسطينيي الداخل على مستوى شعبهم والقضية الأم في رأيك؟
**عليهم التأكد من حقيقة انهم رعايا بدون مواطنة حقة في دولة نظام ديمقراطية الشعب السيد وانهم بدون دولة لأن الدولة لليهود وفقط لليهود كما شدد على ذلك قانون القومية. وأبعد في واقع دولة إسرائيل الواحدة بين النهر والبحر ذات الطابع العنصري سقط شعار أحزابهم حل الدولتين. من هنا عليهم بناء نضالهم من خلال فهم ان الهزيمة وحدت الشعب الفلسطيني أرضا، قضية وتاريخا. لهذا عليهم بلورة فكرة استراتيجية “معاً ووحدنا”. ديالكتيك الحالة كان يفترض ان في وحدة الصراع الواحدة المطلبي والوطني المبلور الصدامي مع الصهيونية من قلبها والمكون الآخر لوحدة الصراع هذه الدولة اليهودية الصهيونية. حتى يقود التراكم لنقلات نوعية باتجاه الوطني وهذا ما لم يكن. ركزت الأحزاب على المطلبي دون الوطني واستفرد بالمجتمع استعمار إحلالي متوحش مبرمج دمره على مستوى العمودي والأفقي حتى وصلنا حالة التأكل الذاتي، نعم نقتل بَعضُنَا البعض كتجلي لعلاقة القاهر والمقهور، وهي حاله فعلها الاستعمار الفرنسي في أفريقيا والجزائر إلى ان وحدت الثورة الشعب مجددا نحو مقارعة الاستعمار. هذا ما نحتاجه، إعادة صياغة رؤيتنا بما يبني وحدة الصراع بتقديم الوطني على المطلبي أو على الأقل بما يوازيه.
*وعلى المستوى الفلسطيني العام ما خلاصة رؤيتك؟
**تخطت الأحداث ان يفكر كل واحد منا لوحده. يعني عرب الـ 48 لحال والضفة وغزه لحال وهكذا. الاستعمار وهزيمته للنخب (وليس الشعب) وحدنا. وعليه أي تفكير يجب أن يكون من موقع “معاً ووحدنا”. وهذا يحتاج وضع خطة يلحقها المثقف لتطبيقها على الأرض مع الشعب، زي ما كان دور المثقف قبل البرنامج المرحلي ودولة الفكهاني. المرحله تتطلب منا صياغة استراتيجية الواحد مع الاعتراف باختلاف وخصوصيات المواقع. الدعوة لصياغة استراتيجية معاً ووحدنا بشكل عقلاني بشرط ان يكون خطابنا لشعبنا في فلسطين والشتات معاً.
عن القدس العربي