النضال الفلسطيني: من الحركة إلى الحراك إلى العرين


اشترك معنا في قناة تلغرام: اضغط للاشتراك حمل تطبيق الملتقى الفلسطيني على آندرويد: اضغط للتحميل

        بالنظر لمحددات وجود كل من الحركة، أو الحراك، بتفاصيلهما، وأسسهما، وشكلهما العام، يتضح جلياً أن ظاهرة عرين الأسود، لا تندرج بإطارها، وببعدها، وشكلها الحالي، تحت أي منهما، فهي فعل جديد، وسياق ثوري مستحدث، يحمل في ثناياه متغيرات خاصة به، لا تشبه سواه، صُنعت بظروفها، وبخصوصيتها من ذاتها، للوطن، فعرين الأسود حالة لم يعبر عنها لغاية الآن بدقة، ولم يتم توصيفها بواقعيتها، ومنافذها الحقة، بذواتها الفاعلة، وبعقلانيتها المتمردة، فهي ربما وإن صح التعبير مزيج من الحركة، والانتفاضة، ومن كل فعل اجتماعي وطني، هدفه التغيير، استلت منه، ما ترتئيه لخطابها، وشكلها، ومعاييرها.

        عادةً ما يتم توصيف حالة النضال الفلسطيني الثوري بشكل تراجيدي، مأساوي، مأسوف عليه، وتعزى كل الأسباب؛ لغياب قيادة وطنية، ثورية، نزيهة، وجامعة للكل الفلسطيني، توجهه نحو اتجاه صحيح، ومهيكل بقواعد ثابتة (ولا شك في ذلك الغياب)، الا أنه في سياقنا، فظاهرة عرين الأسود، تعتبر مثالًا جيدًا لإثبات الادعاء النقيض، فلولا غياب القيادة ما ظهر العرين بشكله، وثوريته، وكيانه، وهدفه، وتأثيره، فالقيادات حالياً ما هي إلا وسيلة لتفتيت النضالات كافة سلمية كانت، أم غير سلمية، مؤطرة بحركة، أو حراك، أو انتفاضة، أو عرين..

        يُنظر لظاهرة عرين الأسود بأنها فعلٌ غير مؤدلج، وبرأيي أن عرين الأسود ما وجدت بلا الأحزاب، وأيدولوجياتها، وبلا دعمها بالذخيرة، والمال (بمحدوديتها طبعًا)، وإن كان غير منظم، أو واضح المعالم، وعرين الأسود بأيدولوجياتها العابرة، والمرنة ما هي إلا أنموذج يُتحذى به على الوحدة الوطنية، الحزبية، العفوية في وضع الهدف، والمآل، والآمال، والوطن نصب الأعين، والتركيز على الجمع، أكثر من التركيز على الفروقات، وهذا الوعي الوطني الذي أدركه الشباب، وعمل به، لا يصلح إلا ليتفكر به “القادة بحجم وطن” فيما يجعلوننا نعايشه، ونعيه، وخيرَ مثال على عمق الشباب، وتنشئتهم الوطنية البطولية السليمة، التي أُثبتت من خلال عرين الأسود بعد محاولات كثيرة لترويج، وإظهار عكسها في الأوساط المجتمعية.

        في كل المجتمعات البشرية عادة ما تكون البيئة المحيطة بالأفراد أساس ذواتهم، وشخصياتهم، وفي فلسطين، بالرغم من غياب أي مرافق، أو أندية فعّالة، معبرة، مستقطبة للكل الفلسطيني من الشباب، باختلاف توجهاتهم، وأيدولوجياتهم، وأنماطهم، وبعد كل محاولات سحق الفلسطيني، ووعيه، ووجوده بممارسات متعددة، سواء من خلال الاحتلال، أو من خلال النخب المحلية، يبقى الفلسطيني ذاته، واضعًا وطنيته، ووطنه، وتوجهه الثوري أمام ناظريه، وفي أهم أولوياته، فها هم عرين الأسود، وبعد كل المحاولات تثبت كيان الشباب الفلسطيني، وذواتهم الوطنية، وفعلهم الجمعي النزيه.

يُعتقد أن ظاهرة كعرين الأسود، بطبيعتها الثورية المبتكرة، أعظم من التعبير عنها بسياق سياسي، أو اجتماعي محدد، وأي محاولة لتأطيرها، وحصرها بحركة، أو بحراك كلاسيكي تقليدي لا بد قاصر، وسيغفل أكثر ما يبين، فهي وضع لم نعيشه، أو نحياه بتفاصيله كافة، علاوة على عدم قدرتنا للحكم على حالة، ليس بإمكاننا معرفة استمرار وجودها من عدمه، وتظل الحقيقة الوحيدة، واليقينية الثابتة فيها، أنها وُجدت كرد فعل طبيعي على استعمار احلالي، يحاول اجتثاث الماضي، والحاضر، ويطمس أي معالم للمستقبل، بممارسات دموية، وبإرهاب دولة منظم، ومُمأسس، يتلائم وعقليتها الأبارتهايدية، وكولونياليتها المستشرية.

اشترك معنا في قناة تلغرام: اضغط للاشتراك

حمل تطبيق الملتقى الفلسطيني على آندرويد: اضغط للتحميل

مؤلف: براء ناجح العزة

1 thought on “النضال الفلسطيني: من الحركة إلى الحراك إلى العرين

  1. فخورةةةةةة❤️‍🔥❤️‍🔥❤️‍🔥❤️‍🔥❤️‍🔥❤️‍🔥❤️‍🔥❤️‍🔥❤️‍🔥

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *