المشرعون الأمريكيون يحذفون الفلسطينيين وحل الدولتين من القرار  الخاص “بيوم الاستقلال الإسرائيلي

تتكشف  المقاصد   الحقيقية لمقال فورين افيرز  المعنون “حقيقة دولة إسرائيل الواحدة. حان الوقت للتخلي عن حل الدولتين”. الذي سبق  نشر ترجمته الأسبوع الماضي واتبعته بمقال نشرته صباح اليوم بعنوان “الدولة الواحدة التي تنطلق من الحقائق، نقيض للدولة الواحدة التي تنطلق من الحقوق” ضمنته  الشكوك التي يثيرها المقال الذي اسهب في تحليل واقع  إسرائيل، وسيطرتها على كامل فلسطين الانتدابية ، وانتهاجها نظاما عنصريا ضد الشعب الفلسطيني ، وحمل الولايات المتحدة الامريكية المسؤولية عن تشكل هذا الواقع ، ودعاها الى تغيير نهجها ازاء الصراع الفلسطيني – الاسرائيلي ليكون اكثر توازنا ، وتقدم بمجموعة توصيات بجعل المساعدات الامريكية لإسرائيل مشروطة وخاضعة للمساءلة ، وطالب برفع الحماية الاستثنائية  الامريكية الممنوحة لإسرائيل في المحافل الدولية ، كي تتحمل تبعات سياساتها وممارساتها العنصرية ضد الشعب الفلسطيني ، ودعا الولايات المتحدة الامريكية للتوقف عن قيادة عملية تطبيع علاقاتها مع الدول العربية.

غير انه بالرغم  من كل ذلك  خلص إلى نتيجة مناقضة ، فدعا  لإضفاء الطابع الرسمي لسيطرة دولة اسرائيل الواحدة من النهر إلى البحر ، وبالتخلي عن حل الدولتين. ما يصدق عليه القول ” دس السم في العسل “.

فلم يكد يمض أيام على نشر فورين افيرز المقال ،حتى نشرت صحيفة هارتس خبرا حول  توافق الحزبين الجمهوري والديموقراطي على إسقاط الموضوع  الفلسطيني وحل الدولتين( خلافا لما كان معتادا )من القرار الخاص بيوم الاستقلال الإسرائيلي الذي يصدره الكونغرس الأمريكي كل خمس سنوات بهذه المناسبة .

وفيما يلي ترجمة للمقال التي نشرته صحيفة هارتس اليوم 25/4/2023 حول مشروع القرار المقدم للكونغرس بهذه المناسبة.

عنوان المقال:

المشرعون الأمريكيون من الحزبين الجمهوري والديمقراطي يحذفون  الفلسطينيين من القرار  الخاص “بيوم الاستقلال الإسرائيلي

‎ يعكس استبعاد حل الدولتين والتركيز على توسيع اتفاقيات أبراهام ، تطور موقف  الحزب الجمهوري تجاه إسرائيل . ويتعارض مع جهود الديمقراطيين لاتخاذ موقف أكثر تشددا، وسط مخاوف حول مكانة إسرائيل كدولة ديمقراطية.

‎بن صموئيل جوناث

 25/4/2023

‎ واشنطن – من المقرر أن يقدم المشرعون الأمريكيون من الحزبين الجمهوري والديمقراطي اليوم الثلاثاء  قرارا تكريما  للذكرى 75 لتأسيس إسرائيل، يستبعد الصياغة المتعلقة بالفلسطينيين وحل الدولتين.

‎ يتم تقديم قرارات مماثلة من كلا الحزبين كل خمس سنوات للاحتفال بالذكرى السنوية لعيد استقلال إسرائيل. تحتوي على تعابير محددة وإشارات صريحة إلى الفلسطينيين ، والرغبة في التوصل إلى حل الدولتين ،وتمثل القرارات  التي تصدر بهذه المناسبة ، فرصة للتأكيد على العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وعادة ما تحظى بدعم كبير من الحزبين.

‎يعكس حذف القرار هذا العام  لحل الدولتين، دور إسرائيل كإسفين بين الحزبين الجمهوري الديمقراطي،كما  يعكس تنصل الجمهوريين الكامل من حل الدولتين.

‎ يدور  فحوى القرار التشريعي- الذي قاده النائبان الجمهوريان آن واجنر ومايكل ماكول والنائبان الديمقراطيان كاثي مانينغ وبراد شنايدر – ظاهريا حول اتفاقيات أبراهام،  واستمرار عملية  التطبيع الإسرائيلي في الشرق الأوسط الكبير . ينعكس ،ذلك، في عنوان القرار  الذي تم تقديمه: “تشجيع توسيع وتعزيز اتفاقيات أبراهام لحث الدول الأخرى على تطبيع العلاقات مع إسرائيل، والتأكد من أن الاتفاقيات الحالية تحقق فوائد أمنية واقتصادية ملموسة لمواطني تلك الدول ولجميع الشعوب في  المنطقة”. يتماشى هذا التركيز على التوسع  في التطبيع  مع الموقف المركزي المتنامي في الحزب الجمهوري، الذي  تحدث عنه السناتور ليندسي جراهام خلال زيارته الأخيرة للشرق الأوسط ، من أجل تحسين العلاقات الأمريكية مع المملكة العربية السعودية، على أمل أن يؤدي في نهاية المطاف. إلى التطبيع الإسرائيلي السعودي.

‎ يتعارض القرار التشريعي مع جهود إدارة بايدن الحثيثة  للبناء على التكامل الإقليمي لإسرائيل، مع  التأكيد على أن مثل هذه الجهود ليست تجاوزا لجهود السلام مع الفلسطينيين، ولكنها وسيلة أفضل لتطوير العلاقات.

‎علاوة على ذلك ، هناك بند واحد فقط من البنود الأربعة “التي تم حلها” التي تنتهي بالقرار تذكر  اتفاقات أبراهام. وتختلف هذه الفقرة عن عنوان القرار، حيث تقرأ بدلا من ذلك، أن الولايات المتحدة “تشجع  توسيع وتعزيز اتفاقيات أبراهام، لحث الدول الأخرى على تطبيع العلاقات مع إسرائيل والتأكد من أن الاتفاقيات الحالية تجني فوائد أمنية واقتصادية ملموسة لمواطني تلك الدول”ولجميع شعوب المنطقة”.

في حين تركز بقية البنود التي تم حلها بشكل صريح على تعزيز العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل، في الوقت الذي يشهد تحولا جوهريا في واشنطن اتجاه مكانة إسرائيل كدولة ديمقراطية  والطريقة لأمثل لمساءلة إسرائيل عن تحديها لأهم رغبات حليفها.

‎ البند الأول “تشجع الولايات المتحدة وإسرائيل الاستمرار في تعميق وتوسيع التعاون الثنائي عبر مجموعة كاملة من القضايا الاقتصادية والأمنية والمدنية”. في حين أن الآخر  “يعرب عن الدعم المستمر للمساعدة الأمنية لإسرائيل على النحو المبين في مذكرة التفاهم الأمريكية  – الإسرائيلية ، لضمان تمكن إسرائيل من الدفاع عن نفسها بنفسها “.

‎يتعارض هذا بشكل مباشر مع  موقف الديمقراطيين التقدميين الذين دعوا صراحة إلى إعادة التفكير بشكل جوهري في العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل ، والتي تتعلق أساسا بضمان عدم مساهمة المساعدة العسكرية الأمريكية لإسرائيل في انتهاكات حقوق الإنسان. في حين ينص البند الأخير على  ” دعم المشاركة القوية لإسرائيل كعضو نشط في مجتمع الدول لصالح  إسرائيل والولايات المتحدة كشريكين يتشاركان القيم  والالتزام بالديمقراطية”.

يبدو  أن ذلك يمثل انتكاسة ضد العشرات من الديمقراطيين – بما في ذلك بعض أكثر الديمقراطيين الموالين لإسرائيل في تاريخ الولايات المتحدة – الذين أعربوا عن قلق غير مسبوق حول مكانة إسرائيل كدولة ديمقراطية، في ظل الإصلاح القضائي الذي اقترحه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

اتخذ الجمهوريون موقفا هادئا إلى حد كبير بشأن الإصلاح القضائي ، ولم يعبروا إلا عن قلقهم بشأن الآثار السلبية المحتملة على أمن إسرائيل . كان خط الحزب حاسما بأن هذا أمر يجب على الإسرائيليين اكتشافه فيما بينهم. حيث لا يحق للرئيس الأمريكي جو بايدن توبيخ نتنياهو بشأن خططه.

وتم تجسيد هذا الموقف من قبل رئيس مجلس النواب كيفين مكارثي ، الذي سيصبح ثاني رئيس لمجلس النواب  الأمريكي على الإطلاق، الذي يلقي كلمة أمام الكنيست عندما يزور إسرائيل للاحتفال بعيد استقلال في وقت لاحق هذا الأسبوع.

عارضت مانينغ – الديموقراطية التي أعطت ختم الحزبين بالموافقة على هذا القرار – العديد من زملائها الديمقراطيين الذين أعربوا عن قلقهم، واعتبرت مثل هذه الانتقادات بمثابة معيار مزدوج وسط الأزمات المحلية الأخرى في جميع أنحاء العالم.

علمت صحيفة هآرتس أن الغياب الصارخ للغة حول حل الدولتين، لفت انتباه القيادة الديمقراطية، والجماعات الموالية لإسرائيل، والسفارة الإسرائيلية في واشنطن ، الذين أثاروا الأمر مع أولئك الذين يقفون خلف القرار باعتباره مشكلة محتملة في الحصول على دعم الحزبين. ورفضت السفارة الإسرائيلية التعليق.

على الرغم من ذلك ، ما يزال الجمهوريون يختارون عدم إدراج مثل هذه اللغة، مما يرسم فعليا خطا يتعذر تجاوزه في تطور المؤتمر الجمهوري، والموقف الجديد من الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني.

السؤال المطروح الآن هو ما إذا كان الديمقراطيون سيصادقون على قرار يتعارض مع عقود من العقيدة الحزبية ، من أجل تجنب انتقادات الجمهوريين  لهم لعدم دعمهم الكافي للعلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل.

في غضون ذلك ، استغل زعيم الأقلية في مجلس النواب ، حكيم جيفريز ، رحلته الأخيرة إلى إسرائيل لتأكيد دعم الحزبين للعلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل في تصريحات قُرئت كما لو كانت مكتوبة دون أي علاقة بالنقاش الحزبي الحالي حول إسرائيل، أو النقاش الجاري داخل إسرائيل نفسها.

‎ يشك المسؤولون المطلعون على الأمر في أن كبار الديمقراطيين قد يؤيدون صراحة حل الدولتين من قاعة مجلس النواب، على أمل حفظ ماء الوجه ، وربما يتبعون ذلك بخطاب منفصل.

(المصدر: هآرتس)

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *