المأزق : بين ما يستطيع الفلسطيني قبوله وما يستطيع عرضه (مسبقا)

الفلسطيني ، كان ولا يزال في مأزق سياسي محكم. المأزق يكمن في المسافه بين ما يمكن ان يقبل به كحل في حاله تم عرض الحل عليه، وبين ان يبادر هو ان يضع حلا على الطاوله ويطرحه على إسرائيل ويجند العالم لهذا الحل. قد تكون هناك اغلبيه في الشعب الفلسطيني تقبل بحل الدولتين على حدود عام ١٩٦٧ والقدس الشرقيه عاصمتها، وعوده اللاحئين لهذه الدولة الفلسطينية وعودة محدودة للداخل لكن مع تعويضات. لكنها تستطيع ان تقبل بهذا الحل إذا عرض عليها، لكنها تجد من الصعوبة بمكان ان تبادر لتطرح هذا الحل وتتنازل مسبقا وبالمجان عن حقوقها في فلسطين وتجربة أوسلو تثبت ذلك.

كي تفرض فلسطين حضورها فهي بحاجة إلى كل التاريخ والرواية التي بمقدورها ان تستحضر عدالة قضيتها وتشحن همم مناضليها. لكن حتى تستطيع ان تترجم هذا الزخم والحماس النضالي وتحوله إلى مشروع سياسي محدد وواضح المعالم عليها ان تتوقف في حدود عام ١٩٦٧ لان هذه الحدود اصبحت جوهر الإجماع الدولي منذ عقود ( او مبدأ ثنائية القومية). تاريخيا واخلاقيا هذه الحدود هي حدود اعتباطية للغايه، لكنها سياسيا حدود ذات مغزى سياسي. في النظر للوراء تاريخيا فان كرميئيل في الجليل واريئيل في الضفه الغربيه هي مستوطنات أقيمت على أراض عربيه، اخلاقيا وتاريخيا لها نفس الموقع والدلالة، لكن عند النظر للأمام سياسيا يمكننا ان نرى الفرق.

الفرق بين بيان حماس في اليوم الاول وفي اليوم المئة هو الفرق بين الحاجة للتثوير وبين الحاجة لترجمة العمل العسكري لمشروع سياسي يتكلم لغه الدبلوماسية وياخذ بعين الاعتبار الموازين الدولية والإجماع الدولي. إلا ان حماس ستبقى تراوح بين الخطابين ولن يكون بمقدورها تبني خطاب الدولتين، وان كنت اعتقد انها مستعدة لقبوله في حال عرض عليها، لكنها لن تكون قادرة هي على عرضه ووضعه على الطاولة كما وضع السود جنوب أفريقيا مطلب ” شخص واحد صوت واحد”. المطلب في جنوب أفريقيا كان واضحا وجذابا وفي وضوحه كان قادرا مع الزمن- ومع تصاعد النضال- على محاصره نظام الأبارتهيد . لقد كان لهذا الوضوح اهمية في القدرة على تكثيف النضال وساهم في نجاحه. لكن ما استطاع السود الافارقه ان يصوغوه يجد الفلسطينيون صعوبة في صياغته. لان ما يشحن الفلسطينيين هو روايتهم وتاريخهم ووحده فلسطين وأراضيها وعداله سؤالهم التاريخيّ ، لكن هذه العدالة هي نفسها التي تقف حجر عثرة امام قدرتهم على صياغة برنامج مقبول اقليميا وعالميا. الفلسطيني مثقل بعداله قضيته. هذا الوضع انتج حالة من الانفصام: حركه مقاومة غير قادرة لطرح مشروع سياسي، وسلطة فلسطينيه ذات مشروع سياسي لكنها غير قادرة على النضال لتحقيقه. من لديه برنامج ليس لديه مشروع واضح للنضال ومن يناضل فهو بلا برنامج. اعتقد انه يمكن اعتبار هذا الوضع بأنه مأزق!!

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *