اللباس الأسود
عندما قتل ابنها بضربة على رأسه… وقفت أمام النساء في بيت العزاء وأعلنت الحداد عليه بأن قررت ارتداء اللباس الأسود طيلة حياتها…
ومع أني كنت لا أراها إلا خلال موسم قطف الزيتون تجلس على عتبة بيتها كل الوقت..إلا أنني لاحظت كيف أن دموعها قد توقفت مع الأعوام …
تبدى لي حينها كيف أن الدموع هي مبتدأ الحزن وأولى خطواته… وكيف يتحول هذا الحزن إلى اكتناز داخلي نتقن تفاصيله ونربيه بدواخلنا، ثم نعتاد به الصمت والعزلة..
إن العزلة تقتل تماماً كما الرفقة تخنق!..
كانت هذه المرأة من هذا النوع..كُثر هنَّ النساء اللواتي “يعاقبن” أنفسهن بارتداء الأسود رفضاً لفعل الموت..
إنه حقا لعقاب شديد بألا تكون قادراً على الشعور بأي مظهر من مظاهر الفرح قهراً! ثم كُثر هؤلاء من يمارسون فعل إماتة الآخرين بتوحش وجمود فيما يصممه الآخرون لهم!
ثم بالأحرى كيف يخلق الموت في فلسطين! أليس مفيداً أن يقوم أحدنا يوماً بجرد لهذا الموت الفلسطيني! ليكن ذلك إكراماً لهؤلاء النساء اللواتي قررن ارتداء الأسود رفضاً لهذه الإماتة!