القضية الفلسطينية: النظر إلى ما يوجد في الكأس الفارغ من نقاط ماء …!


اشترك معنا في قناة تلغرام: اضغط للاشتراك حمل تطبيق الملتقى الفلسطيني على آندرويد: اضغط للتحميل

الاستسلام ليس خيارًا متاحًا أمام الشعب الفلسطيني، واليأس ترفٌ لا يستطيع أن ينعم به.

منذ عام 1948، تعرضت القضية الفلسطينية لضربات متلاحقة بدا عددٌ منها مميتًا أو أشبه بالضربة القاضية. ولا يقتصر الأمر على الأحداث العسكرية (هزيمة 1967، أيلول الأسود عام ۱٩٧٠، اجتياح 1982، إلخ) ونتائجها السياسية، بل امتد إلى الأحداث السياسية (معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية 1979، اتفاقية أوسلو، تطبيع عدد من الدول العربية العلاقات مع إسرائيل ومحاربة الفلسطينيين أو محاصرتهم أو التضييق عليهم إلخ). ومع ذلك، ما زالت هذه القضية قائمة، ومن المرجح أنها ستبقى كذلك إلى وقتٍ طويلٍ. فما معنى بقاء هذه القضية حية، وكيف يمكن تفسير مقاومتها لكل محاولات التصفية؟

لن يكون ممكنًا تصفية القضية الفلسطينية على الرغم من فائض القوة الهائل الذي يتمتع به أعداؤها، والضعف الهائل الذي يعاني منه الشعب الفلسطيني ومناصروه.

لن يكون ممكنًا تصفية القضية الفلسطينية على الرغم من استغلال هذه القضية أبشع استغلال من قبل ما يسمى بمحور المقاومة، ومن قبل أنظمة سياسية كثيرة في العالم العربي- الإسلامي، وعلى الرغم من تخلي كل قيادات العالم عمومًا، والعالم العربي والإسلامي خصوصًا، عن دعم هذه القضية أو تجاهلهم لها وعجزهم الإرادي أو غير الإرادي، عن مساندتها فعليًّا.

لن يكون ممكنًا تصفية القضية الفلسطينية على الرغم من تزايد عدد الناس اليائسين الذين يقولون بوجوب الخضوع لمنطق القوة والاستسلام للواقع وعدم مناطحة الصخر، والسعي وراء أوهام لا قيمة لها، وعلى الرغم من تزايد أعداد العرب القائلين بأن هذه القضية لا تخصهم وأنه ينبغي لهم الاهتمام بالقضايا والمصالح الخاصة بشعوبهم وبلدانهم بغض النظر عن القضية الفلسطينية أو على حساب تلك القضية.

لن يكون ممكنًا تصفية القضية الفلسطينية لأنها قضية حق شعبٍ وفقًا للقانون الدولي والشرعة الدولية. وهذا أمر بالغ الأهمية. فقد تم وصف الإعلان عن التطبيع الرسمي مع الإمارات اليوم بانه تاريخيٌّ، لانه يتضمن اعترافًا علنيًّا بإسرائيل ويعطي التطبيع معها شرعية ما. وسيصعب كثيرًا جدًّا أن يحظى الاحتلال الإسرائيلي بالشرعية التي يتوق إليها. فعلى الرغم من فائض القوة الهائل لدى إسرائيل وداعميها وحلفائها، لن يكون بإمكانها بان تحظى بهذه الشرعية، في المستقبل المنظور، على الأقل.

لن يكون ممكنًا تصفية القضية الفلسطينية، طالما أن معظم الفلسطينيين، ومن يؤيد قضيتهم، لم يرضخوا، رضوخًا تامًّا، لمنطق القوة الإسرائيلي، ولم يقبلوا التوقيع على صكوك الاستسلام وتصفية هذه القضية.

لن يكون ممكنًا تصفية القضية الفلسطينية، ما دام هناك شعب يعاني من احتلال، ومن نتائج هذا الاحتلال، في فلسطين، وفي دول المحيط وفي كل بقاع العالم. وإذا كانت تصفية القضية الفلسطينية تتضمن إنهاء تلك المعاناة، وتمتع الفلسطينيين بحقوقهم وحرياتهم وبحياةٍ كريمةٍ، فعندها قد لا تكون تلك التصفية أمرًا سلبيًّا بالضرورة.

لن يكون ممكنًا تصفية القضية الفلسطينية لأن الإسرائيليين أقوى من أن يعطوا الفلسطينيين الحد الأدنى من حقوقهم، ولأن الفلسطينيين أضعف من ينالوا ذلك الحد الأدنى، ولان الإسرائيليين أضعف من أن يحصلوا على الاعتراف القانوني الدولي بشرعية احتلالهم.

لن يكون ممكنًا تصفية القضية الفلسطينية لأن القضية الفلسطينية ليست (مجرد) أيديولوجية فكرية، ولا موضة ثقافية، ولا رأيًًا قابلًا لأن يكون صحيحًا او باطلًا، ولانها لا تقتصر على أن تكون موقفًا سياسيًّا، ولا قناعةً أو إشكاليةً فكريةً، ولا مشكلة أخلاقيةً.

باختصار، لن يكون ممكنًا تصفية القضية الفلسطينية، لأنها قضيةٌ وجوديةٌ، وقضيةٌ حقوقيةٌ، وقضيةٌ حياتيةٌ، لشعبٍ ليس لديه خيار آخر غير التمسك بتلك القضية. وبهذا المعنى، الاستسلام ليس خيارًا متاحًا أمام الشعب الفلسطيني، واليأس ترفٌ لا يستطيع أن ينعم به.

اشترك معنا في قناة تلغرام: اضغط للاشتراك

حمل تطبيق الملتقى الفلسطيني على آندرويد: اضغط للتحميل

مؤلف: حسام الدين درويش

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *