الفلسطينيون والبحث عن الدولة المستقلة: المشوار الطويل نحو الحرية

تقدم السفير الفلسطيني لدى الأمم المتحدة، رياض منصور، وطلب من رئيسة مجلس الأمن الدولي لهذا الشهر، سفيرة مالطة، فانيسا فرايزر، تفعيل نفس الطلب الذي كان قد قدم عام 2011 للمجلس للاعتراف بدولة فلسطين، لكنه لم يصل إلى قاعة المجلس بعد أن تأكدت السلطة الفلسطينية أن الطلب لن يحصل على تسعة أصوات إيجابية آنذاك، كي يجبر الولايات المتحدة استخدام الفيتو. فعندما تأكدت السلطة أن ليس لديها إلا ثمانية أصوات أوقفت العملية كي لا تكون هزيمة معنوية كبرى.
تفعيل الطلب نفسه، لا يحتاج إلى تجديد. وكما قالت السفيرة المالطية في مؤتمرها الصحافي في الأول من نيسان/أبريل، إنها ستقوم بالخطوات الرسمية المطلوب اتخاذها في مثل هذه الحالة بما يفرضه القانون الدولي، حيث يتم عرض الطلب على لجنة خبراء من جميع أعضاء مجلس الأمن فإذا وجدت اللجنة أن طلب العضوية استوفى كل الشروط، سيتم عرضه على أعضاء مجلس الأمن. وإذا لم يكن هناك «فيتو» من إحدى الدول دائمة العضوية وحصل على الأقل على تسعة أصوات إيجابية فسيتم تحويل توصية إلى الجمعية العامة للاعتراف بدولة فلسطين. تعقد عندئذ جلسة خاصة للجمعية العامة ويتم التصويت على منح العضوية الكاملة لدولة فلسطين لتصبح الدولة رقم 194. وسيتم رفع العلم في مكانه الصحيح حسب الحروف الأبجدية، لا كما هو الحال الآن، حيث يرفع العلم الفلسطيني وعلم الفاتيكان أولا بصفتهما دولتين مراقبتين. وقالت فرايزر إنها تؤيد هذا الطلب وستصوت لصالح مشروع القرار، إذ أن مالطة اعترفت بالدولة الفلسطينية عندما تم الإعلان عنها عام 1988 وأن بلادها الآن تدرس مع إسبانيا وإيرلندا وسلوفينيا إمكانية الاعتراف بالدولة الفلسطينية قبل انتهاء الحرب.

لماذا الآن يتم تفعيل الطلب القديم؟

لماذا قررت السلطة الفلسطينية تجديد طلبها من مجلس الأمن الاعتراف بالدولة الفلسطينية؟ تعتقد القيادة الرسمية بأن الظروف الآن مواتية لتحريك طلب عام 2011 لأسباب عديدة أولها حرب الإبادة على غزة وارتفاع وتيرة المطالبة بالحل القائم على الدولتين بعد أن تبين حجم الجرائم التي ترتكبها عصابات الإجرام الصهيوني، من سياسيين وعسكريين ومستوطنين، ضد الشعب الفلسطيني. لقد رفعت الولايات المتحدة وحلفاؤها الأقرب، المشاركون عمليا في المجازر عبر التسليح والتمويل والتعاون الاستخباراتي والعملياتي والسماح للمتطوعين بالمشاركة، وتيرة الاعتراف بالدولة الفلسطينية، نوعا من تخدير الشعب الفلسطيني وقياداته الرسمية التي ظلت خارج معادلة المواجهة المصيرية. وارتفع الحديث عن حل الدولتين وضرورة التوجه بعد انتهاء الحرب (طبعا بعد القضاء على المقاومة) إلى حل الدولتين تحت قيادة السلطة الفلسطينية وربط الضفة بغزة. وبما أن السلطة لا تتعلم من أخطائها وتلدغ من نفس الجحر عشر مرات، تعتقد الآن أن الوقت مناسب لطلب الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية. وعلى رأي السفير منصور فهناك 140 دولة تعترف بفلسطين كـ»دولة مراقب» فلماذا لا يتحول هذا إلى اعتراف بدولة كاملة العضوية؟ وهو سؤال منطقي وصحيح إذا مرّ الاعتراف من عنق الزجاجة، أي من مجلس الأمن الدولي. فهل مجلس الأمن الأمن جاهز الآن لاعتماد الطلب والتصويت إيجابيا على الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة من دون استخدام الفيتو من قبل الولايات المتحدة؟

هل ستستخدم الولايات المتحدة الفيتو؟

تستخدم الولايات المتحدة ثلاثة أساليب لمنع الاعتراف بالدولة الفلسطينية آخرها الفيتو:
1-تحاول أن تضغط على الدول العشر ذات العضوية غير الدائمة لتجعل من الحصول على تسعة أصوات إيجابية أمرا صعبا، كما فعلت عام 2011 في موضوع الاعتراف و 2014 في تحديد موعد لإنهاء الاحتلال خلال ثلاث سنوات. عام 2011 كانت المفاجأة عندما اعتذرت دولة البوسنة والهرسك عن الوقوف مع الفلسطينيين للتصويت لصالح الاعتراف بالدولة. أبلغت البوسنة القيادة الفلسطينية أن وضعها حرج لأنها مكونة من ثلاث رئاسات وهم: المسلمون مع التصويت الإيجابي، والصرب ضده والكروات محايدون ولذلك لا يمكن لممثل الدولة في الأمم المتحدة إلا أن يصوت بـ«امتناع» لأسباب داخلية.
أما عام 2014 وكان التصويت على مشروع قرار لإنهاء الاحتلال خلال ثلاث سنوات. وكان الفلسطينيون واثقين من تسعة أصوات إيجابية «ولتستخدم بعد ذلك الولايات المتحدة الفيتو وهو ما يثبت أنها هي التي تعطل إنهاء الاحتلال». فوجئ الجميع تلك الليلة بأن نيجيريا قررت أن تصوت بـ«امتناع» بدون تعليل مقنع بعد أن وعدت بالتصويت مع مشروع القرار. كان رئيس البلاد آنذاك، غودلاك جوناثان، صديق الولايات المتحدة وليس محمد بخاري المتعاطف مع الفلسطينيين، الذي تمكن من هزيمة جوناثان وإخراجه من مقعد الرئاسة بعد ثلاثة أشهر.
إذن ستحاول الولايات المتحدة أولا أن تفشل المشروع عن الطريق الضغط على الدول الأعضاء كي لا يصل عدد المصوتين مع الطلب الفلسطيني إلى تسعة. هذا يبدو صعبا لكنه ليس مستحيلا. فهناك ست دول قد تصطف معا مطالبين بتأجيل التصويت أو التصويت بلا أو بامتناع على مشروع القرار بحجة أنه قرار أحادي من جانب واحد وهي: الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا واليابان وكوريا الجنوبية وإكوادور. بقي على الولايات المتحدة أن تقنع دولة واحدة فقط ليفشل المشروع. والدول المعرضة للضغط هي: سويسرا أو سيراليون. ولا نعتقد أن الضغط سيجدي مع موزامبيق ومالطة وسلوفينيا وغيانا، وبالتأكيد ليس الجزائر. الجزائر تستطيع أن تثير الحمية الأفريقية وتجذب سيراليون إلى جانبها، أما سويسرا فهي الأكثر هشاشة في هذه المجموعة. فإذا لم تضمن فلسطين تسعة أصوات إيجابية فقد تسحب مشروع القرار كما فعلت عام 2011 لتتجنب الإحراج.
2- ستعمل الولايات المتحدة على الضغط على السلطة الفلسطينية لسحب الطلب وعدم إحراج إدارة بايدن في سنة انتخابية حاسمة وأن الإدارة لا تريد أن تستخدم الفيتو إلا إذا أجبرت على ذلك وهو ما سيؤدي إلى مزيد من التعبئة الداخلية في الولايات المتحدة ضد المرشح الديمقراطي خاصة لدى الناخبين العرب والمسلمين وأنصار السلام وهذا سيعطي فرصة أوسع لفوز صاحب السلام الإبراهيمي والتطبيع والاعتراف بالقدس عاصمة أبدية موحدة لإسرائيل. وسيقول المفاوض السري مع السلطة: «هل هذا ما تسعون إليه؟ وهل تعرفون كيف سيتعامل ترامب في حال عودته مع الحرب في غزة؟ وهل سيبقى لكم من الرصيد كي توظفوه ضد ترامب؟ أما إدارة بايدن فمبجرد فوزها في دورة ثانية سيكون شاغلها الأساسي حل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس حل الدولتين. ولهذا ننصحكم بسحب مشروع القرار».
ومن تجربتنا الطويلة فالسلطة الفلسطينية تجد نفسها دائما «في وضع صعب» فتتراجع. والأمثلة على ذلك كثيرة، فقد تراجعت عن فريق التحقيق في مجزرة مخيم جنين عام 2002 مقابل إنهاء حصار المقاطعة. كما التصويت على تقرير غولدستون في مجلس حقوق الإنسان تم التراجع عنه في اللحظة الأخيرة في تشرين الأول/أكتوبر 2009 وبطريقة أثارت استغراب القريب والبعيد. والتراجع تم بناء على تعليمات من رئيس السلطة الفلسطينية حيث اتضح لاحقا أن ضغوطات أمريكية إسرائيلية مورست على السلطة لسحب التصويت في اللحظات الأخيرة. اتهمت السلطة الفلسطينية أن دولا عربية طلبت التأجيل لكن هذا الكلام مناف للصحة تماما. فقد أعلن رئيس منظمة التعاون الإسلامي، أكمل الدين إحسان أوغلو، أن التأجيل تم بناء على اتفاق أمريكي مع السلطة الفلسطينية وأن منظمة التعاون الإسلامي قبلت بالاتفاق.
كما قامت السلطة الفلسطينية بتجميد طلبها الذي قدمته لمحكمة العدل الدولية بعد قرار الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، الاعتراف بالقدس عاصمة موحدة دائمة لإسرائيل. وتم تجميد الطلب عام 2021 بعد انتخاب جو بايدين وبعد أن وعد السلطة بإعادة فتح ممثلية منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن وفتح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية. وكالعادة انصاعت السلطة للضغط وراحت تنتظر الوفاء بالوعود الأمريكية والتي تبخرت مع الأيام ولم يعد أحد يذكرها.
في رأينا أن هذا هو السيناريو الأكثر احتمالا.
3-استخدام الفيتو: تحاول الولايات المتحدة ألا تستخدم الفيتو إلا مضطرة، خاصة أن من يستخدم الفيتو الآن يجب أن يمثل أمام الجمعية العامة خلال أسبوعين ليقدم تبريرا أمام الدول الأعضاء جميعا.
لكن إذا أصر الفلسطينيون على طرح الموضوع للتصويت وضمنوا تسعة أصوات إيجابية (وقد يصل العدد إلى عشرة إذا شربت فرنسا حليب السباع وانضمت للمصوتين مع الطلب) فستقوم الولايات المتحدة بالتأكيد بقتل المشروع بالطلقة الحاسمة باستخدام الفيتو. وستأخذ الكلمة ليندا توماس غرينفيلد لتعلل تصويتها السلبي وتضع اللوم على الفلسطينيين الذين لم يسمعوا للنصيحة ورفضوا التريث حتى تكون الظروف ملائمة ويكون بالتراضي بين الطرفين وأن بلادها تدخل في حوار مع إسرائيل لتذليل العقبات والرد على مخاوفها. وستقول إن هذا القرار كان يجب أن يصدر نتيجة مفاوضات مباشرة بين الطرفين يتم فيها التوافق على جميع نقاط الوضع النهائي التي تشمل اللاجئين والقدس والاستيطان والدولة الفلسطينية وحدودها والموارد الطبيعية. وستؤكد أنها تمنت لو لم تستخدم الفيتو لكن الوفد الفلسطيني أجبرها على ذلك وستعد بأنها ستواصل الدبلوماسية الهادئة لإيصال الطرفين إلى طاولة المفاوضات.

من هدف التحرير إلى هدف الدولة

ظل الفلسطينيون منذ النكبة يسعون لإقامة دولة مستقلة على ما تبقى من أرض فلسطين. وذهب أحمد حلمي عبد الباقي إلى أبعد من الحلم فأعلن عن قيام «دولة عموم فلسطين» في 23 أيلول/سبتمبر 1948 عندما أعلنت بريطانيا نيتها في إنهاء الانتداب والرحيل. وخوفا من الفراغ قام المفتي، الحاج أمين الحسيني، بتقديم اقتراح لجامعة الدول العربية في تشرين الأول/أكتوبر 1948 للاعتراف بحكومة عموم فلسطين وحاول إقناع المؤتمرين على ضرورة المساعدة لإنشاء الدولة. واعترضت كل من الأردن والعراق (وكلتاهمكا محكومتان من الهاشميين وتحت السيطرة البريطانية) وهدد الأمير عبد الله بالانسحاب من الجامعة العربية إذا استمر الحاج أمين الحسيني بتنفيذ هذه الخطوة. وتدخلت السلطات المصرية فتبنت «حكومة عموم فلسطين» وحصرت مهمات الدول العربية بالاعتراف بتلك الحكومة. لكن المعارضين للمفتي عقدوا مؤتمرا في عمان برئاسة الشيح سليمان التاجي الفاروقي وأعربوا عن معارضتهم للجامعة العربية وأعلنوا أن الملك عبد الله هو ممثل الشعب الفلسطيني. ثم عقدوا في أريحا بتاريخ 1 كانون الأول/ديسمبر 1948 مؤتمرا برئاسة الشيخ محمد علي الجعبري، رئيس بلدية الخليل، وأعلن فيه عن التوجه لوحدة الضفتين وبايعوا الملك عبد الله ملكا على فلسطين وتمت الوحدة فعلا عام 1950. وانتهت فكرة حكومة عموم فلسطين، خاصة وأن الدول العربية تحت ضغوط خارجية لم تعترف بحكومة عموم فلسطين، حتى مصر التي تحمست لها في البداية تراجعت ومنعت أي نشاط لها في غزة.

إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية

بتشجيع من الرئيس المصري جمال عبد الناصر إنشئت منظمة التحرير الفلسطينية في القدس بتاريخ 28 أيار/مايو 1964 برئاسة أحمد الشقيري الذي قام بزيارات للدول العربية قبل الإعلان عن إنشاء المنظمة فوجد كل الترحيب حتى من الملك حسين. اختار 419 عضوا ممثلين عن الشعب الفلسطيني وعقد الدورة الأولى للمجلس الوطني الفلسطيني الذي افتتحه الملك حسين في فندق الكونتنانتل بالقدس وأقر المؤتمر الميثاق القومي لمنظمة التحرير في عام 1968 وبعد هزيمة حزيران/يونيو وصعود حركات المقاومة، تم تغيير الميثاق القومي إلى الميثاق الوطني الفلسطيني. والوثيقتان حددتا الهدف هو تحرير فلسطين من الاحتلال الصهيوني وإقامة دولة ديمقراطية لا مكان للتمييز فيها واعتبار الكفاح المسلح وسيلة حتمية استراتيجية. وأقر الميثاق أن الكيان الصهيوني باطل مهما مر عليه من زمن. وفي عام 1969 انتخب ياسر عرفات رئيسا للمنظمة بعد فترة انتقالية شغلها يحيى حمودة بعد استقالة الشقيري.
بدأت منظمة التحرير الفلسطينية تكتسب الاعتراف الدولي إلى أن اعترف بها مؤتمر حركة عدم الانحياز بالجزائر عام 1973 بأنها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وثبت هذا الاعتراف في قمة الرباط عام 1974. وبعدها دعيت المنظمة إلى الدورة التاسعة والعشرين للجمعية العامة للأمم المتحدة وخاطب ياسر عرفات تلك الدورة بتاريخ 13 تشرين الثاني/نوفمبر 1974 والذي أعلن فيه أنه جاء يحمل بندقية ثائر وغصن زيتون «فلا تسقطوا غصن الزيتون من يدي».
لقد كانت بداية التحول الفعلي من برنامج التحرير إلى البحث عن الدولة عن طريق التسوية والمفاوضات.
إن فكرة التسوية والتخلي عن نهج التحرير تم تمريرها ببطء من خلال المجلس الوطني الفلسطيني وليس من خلال حركة فتح. ففي عام 1974 أقر المجلس الوطني في دورته الثانية عشرة في القاهرة مشروع النقاط العشر الذي تضمن فكرة قيام «سلطة وطنية» على أي أرض يتم تحريرها. وفي دورته الثالثة عشرة عام 1977 في القاهرة أقر المجلس الوطني فكرة تحقيق الحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني.
وفي دورة المجلس الوطني الفلسطيني السابعة عشرة التي عقدت في عمان في تشرين الثاني/نوفمبر 1984 كادت أن تتبنى فكرة المملكة المتحدة التي كان قد طرحها الملك حسين في خطابه أمام المجلس، حيث تم تثمين مقترحات الملك حسين للتحرك المشترك للأردن مع منظمة التحرير.

الإعلان عن قيام دولة فلسطين من الجزائر

الانتفاضة الأولى، التي بدأت في 9 كانون الأول/ديسمبر 1987 شكلت فرصة للقيادة لتقديم تنازلات حقيقية بشكل غير مسبوق حين عقد المجلس الوطني الفلسطيني دورته التاسعة عشرة في الجزائر بين 12 و15 تشرين الثاني/نوفمبر1988 وأعلن ياسر عرفات «باسم الله وباسم الشعب أعلن عن قيام دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشريف». وفي صخب البهرجة الإعلامية تم الاعتراف بقرار 242 (1967) أساسا لحل الصراع، والاعتراف بحق جميع الدول في العيش ضمن حدود آمنة معترف بها ونبذ الإرهاب والعنف. لقد عبدت تلك الدورة الطريق لمؤتمر مدريد عام 1991 ثم لرسائل الاعتراف المتبادل واتفاقية أوسلو 1993 التي أغفلت كافة حقوق الشعب الفلسطيني وحولت السلطة إلى جهاز بصلاحيات محدودة تقوم أساسا على خدمة أمن إسرائيل، ذلك الجهاز أطلقت عليه إسرائيل إسم السلطة الفلسطينية، بينما أطلقت على نفسها اسم «دولة فلسطين».
بعد اتفاقيات أوسلو عام 1993 وإنشاء السلطة الفلسطينية عام 1994 بدأت مسيرة تثبيت الاحتلال وتوسيع الاستيطان وتهويد القدس ومصادرة المزيد من الأراضي وزج الآلاف في السجون، وعندما اكتشفت القيادة الخديعة الكبرى حاولت أن تتراجع وتعيد الاعتبار للمقاومة من خلال الانتفاضة الثانية لكنها فشلت فشلا ذريعا وانتهى الأمر بطريقة مأساوية كما هو معروف. وتجسد ذاك التراجع بهزيمة حركة فتح في انتخابات 2006 وصعود حركة حماس وانشقاق الساحتين الأساسيتين غزة والضفة سياسيا وأيديولوجيا وجغرافيا وإلى الآن.
في عام 2012 صوتت الجمعية العامة بغالبية 138 صوتا، ارتفع فيما بعد إلى 140 للاعتراف بفلسطين كدولة مراقب. بعد أن فشلت محاولة 2011 للحصول على الاعتراف الكامل. ها هي السلطة تحاول أن تعيد الكرة في ظل تطورات حرب الإبادة على غزة.
لكن السلطات الصهيونية سبقت الخطوة الفلسطينية بتحركين: حيث صوت مجلس الوزراء الإسرائيلي في شباط/فبراير الماضي على وثيقة ترفض الاعتراف أحادي الجانب بدولة فلسطينية. وجاء في بيان مجلس الوزراء: «ترفض إسرائيل رفضا قاطعا الإملاءات الدولية بشأن التسوية الدائمة مع الفلسطينيين، حيث لن يتم التوصل إلى مثل هذه التسوية إلا من خلال المفاوضات المباشرة بين الجانبين، من دون شروط مسبقة». وبعد قرار مجلس الوزراء عرض الموضوع يوم 19 شباط/ فبراير على الكنيست فصوت 99 عضوا ضد الإعلان الأحادي للدولة الفلسطينية وتغيب عن الجلسة 12 عضوا وعارضه تسعة نواب معظمهم من الكتل العربية.
فهل تستطيع إدارة بايدن أن تتحدى الغالبية الساحقة من ممثلي الكيان الصهيوني وحكومته واللوبيات العاملة لصالحه في الولايات المتحدة وخاصة الإيباك (اللجنة الأمريكية الإسرائيلية للشون العامة) وتسمح للقرار أن يمر؟ ننتظر الأيام المقبلة لنرى أي السيناريوهات الأقرب إلى الواقع.

عن القدس العربي

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *