تتعرض القضية الفلسطينية لأزمة غير مسبوقة ، معقدة متعددة ، نتيجة تراكمات تاريخية ، موضوعية وذاتية ، دولية إقليمية ومحلية .
هيئت الصهيونية غير اليهودية واللاسامية، البيئة الحاضنة لنشوء الحركة الصهيونية اليهودية، التي لعبت البرجوازية الكبيرة اليهودية، الدور الرئيس في قيادتها وتمويلها، كحركة عنصرية لاسامية، في مرحلة تحول الرأسمالية إلى الإمبريالية، والاندماج بها، لا تستطع العيش خارجها، بهدف إقامة( وطن قومي لليهود) ، على أرض فلسطين، حسب تعبير بلفور وزير خارجية بريطانيا، تساوقا وانسجاما مع تشكيل البرجوازية الأوروبية دولها القومية، مستخدمة فقراء اليهود وقودا لها، لمنع اندماجهم في أماكن عيشهم، ولشق وإضعاف الحركة العمالية المتصاعدة، ولأهمية فلسطين والمنطقة ضمن الاستراتيجية العامة للإمبريالية، ( لقد دعى لينين -ستالين -في ثلاثينيات القرن المنصرم لإقامة حكم ذاتي لليهود في بيروبيدجان في مقاطعة أمورك في الإتحاد السوفيتي )، مستثمرة الخلل الهائل في توازن القوى الدولي- الإقليمي والمحلي، مسخرة ( عصبة الأمم- الأمم المتحدة )، لتسويق وتنفيذ رؤيتها ومشروعها، ثم التستر على تنفيذ أضخم عملية تطهير عرقي للشعب الفلسطيني، وتشريد غالبيته الساحقة خارج أرض وطنه التاريخي في أنحاء العالم، تحت غطاء استثمار واستعطاف الشعوب الأوروبية( ديماغوجيا )،المحرقة( الهولوكوست )، التي أقدمت عليها النازية الألمانية.
تشكل عودة اللاجئين الفلسطينيين من شعبنا الفلسطيني إلى أرض وطنهم التاريخي وتقرير مصيرهم عليه، للنضال المشترك مع كافة مكوناته الاجتماعية والاثنية والقومية للخلاص من الصهيونية العنصرية واللاسامية والحروب، لإقامة دولة مدنية ديمقراطية، يسود فيها القانون والمواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات، المدخل الحقيقي الوحيد، ومفتاح السلام والاستقرار في المنطقة العربية والعالم، والقضاء على الجهل والفقر والمرض، لاستثمار خيراتهم البشرية والمادية المتنامية، للمساهمة في تطور الحضارة الإنسانية المشتركة، بما يعود على سكان المعمورة بالرفاه والمساواة والعدالة والسلام.
فغالبية شعبنا الفلسطيني لاجئين، موزعين داخل الوطن التاريخي، والضفة الغربية والقدس وقطاع غزة، وفي الدول العربية المضيفة المحيطة، وشتات المهجر، تشكل عودتهم إلى أراضيهم في وطنهم وتقرير مصيرهم عليه بعد العودة، الحلقة الأساسية الرئيسة، تلبية لحقوقهم ومصالحهم الحقيقة الأولى، للخلاص من الصهيونية العنصرية واللاسامية والحروب، لتسود الحرية والديمقراطية والعدل والمساواة والسلام، تشكل الضمانة الوحيدة لإفشال مشاريع الاسرلة الجارية داخل الوطن التاريخي، ومشاريع التوسع والضم والاستيطان الاحلالي و… لتقرير مصير جميع مكوناته، والانتهاء إلى الأبد تهديد المنطقة العربية والعالم.
لقد جرت مياه كثيرة، استنزف فيها شعبنا وشعوب المنطقة والعالم، وازهقت أرواح لا حصر لها، بدون جدوى، لتؤكد على حقيقة تاريخية، انعدام قدرة أي طرف، أو أي قوى كانت مهما عظمت من شطب الآخرين من التاريخ والجغرافيا، ولن تستطع .
يعتقد الكثيرين استحالة ذلك، انطلاقا من الخلل الكبير في توازن القوى على كافة الصعد، وهم محقون في ذلك، لكن حركة التاريخ غير ساكنة ولا تتوقف، وفي حالة تغير دائم في التوازنات على كافة الصعد، الشعوب تزداد ثقافتها ووعيها لحقوقها ومصالحها، والعالم يزداد تفاعلا واقترابا، والتكنلوجيا والعلوم في تسارع مذهل، خاصة في هذا القرن المتميز عن كافة القرون الماضية .
أعتقد أن إعلان دولة الابارتهايد عن مسؤوليتها التاريخية عن عملية التطهير العرقي للشعب الفلسطيني، واستعدادها السماح لعودة اللاجئين الفلسطينيين من أبناء شعبنا إلى ديارهم على أرض وطنهم، وتعويضهم عن خسائرهم، ضمن فترة زمنية محددة بإشراف الأمم المتحدة، يمكن أن يشكل ويفتح المجال واسعا لنزع فتيل التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة والعالم.