الضغط على السنوار، الادارة وتوزيع المساعدات: أهداف العملية المفاجئة شمال قطاع غزة

يوجد للعملية التي بدأها الجيش الإسرائيلي في شمال قطاع غزة تحت قيادة الفرقة 162 ثلاثة أهداف : واحد معلن واثنان مخفيان، ولكن يتم العمل لتنفيذهما . الهدف المعلن هو السيطرة على مناطق مثل جباليا وبيت حانون وبيت لاهيا – وخاصة جباليا – حيث تحاول حماس إعادة بناء حكمها المدني ومواقعها العسكرية . والغرض من القوة الخاصة التي طوقت جباليا من جميع الاتجاهات هو منع ذلك، وتحييد أكبر عدد ممكن من المسلحين .

تقريبا لم تبق في جباليا أي بني تحتية هامة تحت الأرض، وما زال بها مئات الآلاف من المدنيين . وفي كامل شمال القطاع، من ممر نيتسريم إلى منطقة بيت حانون وبيت لاهيا والعطاطرة، لا يزال هناك نحو 300 ألف من سكان غزة الذين يُعرفون بأنهم غير متورطين، والمساعدات الإنسانية التي يتلقونها تمنع الجيش الإسرائيلي من الاشتباك كما ينبغي وتمنعه من تطهير المنطقة من أوكار المسلحين . ولهذا السبب، قام الجيش الإسرائيلي بوضع فرقة ذات خبرة عالية في القتال في غزة، الفرقة 162، تحت قيادة العميد إيتسيك كوهين، لمعالجة هذه المشكلة.

في البداية تم إطلاق نيران تمهيدية ونيران استباقية والقوات التي تطوق مخيم اللاجئين وجباليا تتقدم ببطء. وهذا البطء مقصود، لأن الجيش الإسرائيلي يريد ويدعو المدنيين عبر جميع وسائل الإعلام إلى المغادرة والانتقال جنوبًا . وقد فتح الجيش الإسرائيلي لهذا الغرض معابر للسكان – أحدها على محور صلاح الدين، ويؤدي من شمال قطاع غزة إلى معبر رفح . والمحور الآخر هو محور الرشيد الساحلي، حيث يتم فيه فرز المارين جنوباً لمنع هروب المسلحين من المنطقة.

كما ذكرنا سابقًا، يحاول الجيش الإسرائيلي حاليًا نقل السكان المدنيين غير المقاتلين، الذين تحرمهم حماس من المساعدات الإنسانية التي تتلقاها ، جنوبًا إلى منطقة المواصي ، فوجودهم يجعل من الصعب على الجيش الإسرائيلي أن يفتح النار وأن يتحرك بشكل كامل .
كما قام الجيش الإسرائيلي، من خلال منسق عمليات الحكومة في المناطق، بتوسيع مناطق الإيواء الإنساني لاستقبال المدنيين المتجهين جنوبا . ويهدف تقدم القوات والنيران الاستباقية التوضيح للمدنيين بأنه من الأفضل لهم الاستجابة لنداء المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي باللغة العربية اللواء أفيخاي أدرعي للإخلاء، وعدم الإصرار والبقاء في منازلهم كما فعلوا عندما بدأ الجيش الإسرائيلي مناوراته في شمال قطاع غزة .
هذه التفاصيل مهمة لأن الهدف الآخر من المناورة القوية هذه هو من ناحية، منع الحاجة إلى دخول الجيش الإسرائيلي مرارا وتكرارا لتطهير شمال القطاع من مسلحي حماس والجهاد الإسلامي، الذين يحاولون العودة والتمركز هناك، وكذلك من أجل خلق وضع لا تستطيع فيه حماس السيطرة على المساعدات الإنسانية .
وعن طريق عملية عسكرية قوية نسبيا، يقوم فيها الجيش الإسرائيلي بإعادة تفكيك جميع مراكز ثقل حماس في شمال قطاع غزة، سيتم في الواقع إنشاء منطقة نظيفة هناك يمكن إدخال المساعدات الإنسانية إليها دون خوف من سيطرة حماس عليها.

كما سيتمكن السكان المدنيون من شمال القطاع نفسه أو من مناطق الإيواء في المواصي من الدخول عبر الممرات التي تقطع معبرر نيتسريم ، واستلام المساعدات الإنسانية – كما ذكرنا، دون أن تتمكن حماس من السيطرة عليها . و سيتم توزيع المساعدات من قبل المنظمات الدولية المسؤولة أيضا الآن عن جلبها وتوزيعها، إلا أن المساعدات ستدخل حاليا مباشرة إلى شمال القطاع وسيتم توزيعها تحت إشراف الجيش الإسرائيلي على المدنيين الذين يحتاجون إليها فقط .

إن العملية الرامية إلى إفراغ شمال قطاع غزة بشكل شبه كامل من المسلحين ، ومنع قدرتهم على إعادة تأهيل أنفسهم ، قد يشكل البنية التحتية المطلوبة لبدء الادارة المدنية التي ستحل محل حماس – التي تضررت بشدة مثلها مثل الكتائب المحلية – والتي كما ذكرنا تحاول باستمرار إعادة تأهيل نفسها .
أما الهدف الثالث الذي يحاول الجيش الإسرائيلي تحقيقه من خلال المناورة الجديدة شمال قطاع غزة، فهو الضغط على زعيم حماس يحيى السنوار. ولا يزال من غير الممكن معرفة ما إذا كان السنوار حيا أم ميتا. وربما يكون هو وربما يكون شقيقه موجودان في قطاع غزة ، ومن المحتمل أنه قُتل عندما قصف الجيش الإسرائيلي نفقاً كان يقيم فيه منذ وقت ليس ببعيد، قبل أكثر من شهر .
وفي كل الاحوال ، فإن تطهير شمال قطاع غزة من المسلحين سيوضح للسنوار، إذا كان لا يزال على قيد الحياة، أو لأخيه، الذي من المحتمل أنه يحاول وراثة زعيم حماس، أن اللعبة قد انتهت – و أنه ليس لديهم فرصة للتعافي، ومن الأفضل لهم أن يتوصلوا إلى صفقة مخطوفين تؤدي إلى إنهاء القتال والمعاناة في القطاع.
ويجدر الذكر أن هذه المعاناة تتزايد، والسنوار يعرف أنه عندما يتم تحويل حوالي 300 ألف من سكان غزة إلى لاجئين ويجدون لهم مأوى في منطقة المواصي، فإن ذلك يزيد من غضب وإحباط السكان ومعارضتهم لحماس، هذا الأمر الأخذ بالتفاقم فعلا .
السنوار يرى الحرب في لبنان ويعتقد أن الضغط في القطاع تراجع . وهدف المناورة هو أن تثبت لزعيم حماس أنه مخطئ. في ظل هذه الظروف، تود إسرائيل أن يفهم السنوار أنه ليس لديه الوقت للانتظار حتى تندلع حرب إقليمية قد تؤدي إلى تخفيف الضغط عليه ، لأن الجيش الإسرائيلي يعرف كيف يقاتل على جبهتين في نفس الوقت. وأن الضغط العسكري على زعيم حماس، وخاصة على السكان، لن يتراجع، بل سيزداد ويصبح أكثر قوة .

يديعوت أحرونوت

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *