الصيد في البحر السويدي: لا تنتظر المرأة.. ولا تنتظر السمكة!
تورطت وعملت بنصيحة صديق لئيم بممارسة هواية صيد السمك..
ثلاث ساعات وصنارتي منكسة بخنوع في الماء، ولا سمكة بنت حلال او بنت حرام تقترب من طعمها الصابر..
على الشاطئ الاسكندنافي بعض النوارس الحائرة تحوم فوق رأسي بحركات بهلوانية، وريح باردة تلفح صبري الذي نفد احتياطه الاستراتيجي بانتظار سمكة “مقصوفة العمر” تعلق في صنارتي..
لا جدوى.. سأعود خائبا خالي الوفاض، وسيسخر مني حفيدي الذي وعدته بصيد سمكة ملونة له..
ولتكتمل المهزلة، كان يجلس بقربي عجوز سويدي صيّاد، كل عشر دقائق يصطاد سمكة فضية، “تتبلعط” أمام نظري بكل قلة حياء..
وينظر اليّ الصيّاد السويدي العجوز نظرة ماكرة، تعقبها ابتسامة شامتة أو مزهوة.. لا يهم..
اقتربت منه أكثر، ربما المنطقة التي يصطاد بها أوفر حظا، ولا فائدة؛ صنارته تصيد وصنارتي “لا من تمها ولا من كمها”!..
الله يغضب على الصيد والساعة التي سمعت فيها نصيحة صديقي اللئيم: ماذا اقول لحفيدي الذي ينتظر جده الصيّاد ليعود له بخفي حنين؟!..
قال لي الصيّاد السويدي العجوز مواسيا: عليك بالصبر؛ الصيد هو ترويض روحك، ليس المهم ان تصطاد او لا تصطاد..
يا سلام! وحفيدي ينتظر ترويض روح جدّه، لأعود اليه فاشلا! قلت في نفسي، وابتسمت لحكمة الصيّاد العجوز..
أكمل الصيّاد العجوز كلامه: أمران لا تحاول انتظارهما، المرأة والسمكة، كلاهما يأتيان في الوقت الذي تكون قد نسيتهما..
ماذا أردّ على هذا العجوز السويدي الذي يمارس حكمته علي في هذا اليوم “المطين”.. غير: معك حق..
غابت الشمس، وغاب معها أي أمل بالعودة الى حفيدي ولو بسمكة واحدة، وبدأت أروّض نفسي على العودة الى بيتي. أخرجت صنارتي الفاشلة من الماء، وبدأت أرتب حقيبتي للرحيل حين اقترب مني الصيّاد العجوز وقال بصوت حزين: أنا لا أحتاج هذا السمك الذي اصطدته.. أنا لا آكل السمك، لدي حساسية منه، تستطيع ان تأخذه او اني سأرميه في البحر..!
أخذت سمكات العجوز.. وأنا أقول: العودة الى حفيدي كصيّاد كاذب ربما أسهل من العودة اليه كصيّاد فاشل!..
بقي شيء واحد يقلقني، هي المرأة التي تحدث عنها الصيّاد السويدي العجوز..