الحقيقة أن السلطة الفلسطينية التي تصر على إدارة ملف الاعمار في قطاع غزة، وفشلت في إدارة ملفات عديدة لن يكون آخرها ملف جائحة كورونا وفضيحة صفقة تبادل اللقاحات مع الاحتلال الإسرائيلي، غير مؤهلة لإدارة الشان العام واعادة الاعمار في القطاع.

وهي مجرد إدارة مدنية لا تستطيع قيادة موارد اقتصادية، ولا تصلح أن تقود بلدية، واقتصرت مهمتها على ادارة المال العام بفشل يتبعه فشل من أشخاص متهمين بالفساد، ويلهثون خلف مصالحهم على حساب المصلحة العامة وقضايا الناس.

توهّمنا بعد العدوان اننا قد نستطع التخلص من ركام وآثار الدمار الذي خلفه الانقسام، واعادة الاعمار بالاتفاق وطنيا، ورفض السلطة الفلسطينية شروط دولة الاحتلال وأن السلطة هي التي يجب ان تدير ملف الاعمار وزعمها ان ذلك لتقوية التيار المعتدل في صفوف الفلسطينيين، وكأن السلطة وقيادتها كانوا ينتظرون من يمنحهم الفرصة للعودة للمشهد السياسي بعد تخليها عن مسؤولياتها تجاه الفلسطينيين اثناء هبة القدس والعدوان على غزة، وفرض سيطرتها وشروطها من بوابة أوجاع وآلام غزة.

وجاءت صفقة اللقاحات لتؤكد عدم أهلية السلطة الفلسطينية وعدم قدرتها على إدارة الفلسطينيين سياسيا وحتى إداريا، وراحت تنفي عن نفسها عبء المسؤولية عن الصفقة الفاسدة بانتهاء صلاحية اللقاحات ومؤكدة مهارتها في التدليس، وهي ليست المرة الأولى التي تفوح منها شبهات الفساد وغياب الشفافية في موضوع القاحات عندما وزعتها في شهر آذار الماضي على الحبايب والمقربين، ولولا اندلاع موجة الغضب في فلسطين والشعور بالعار والخزي، لأنَّ السلطة لم يستطع تقدير خطورة هذه الصفقة وغياب الاجابات ومن المسؤول عن هذه الكارثة؟؟

وحسب مصادر مطلعة أن قضية تبادل اللقاحات بين الحكومة الفلسطينية ووزارة الصحة من جهة ودولة الاحتلال من جهة أخرى مطروحة على طاولة البحث منذ شهر مارس/ اذار الماضي. وأن وزارة الصحة أجرت اتصالات وبذلت جهود مع شركة فايزر التي تنتج اللقاحات للحصول على اللقاحات المتوفرة لدى دولة الاحتلال، من خلال الشركة مقابل الحصول على اللقاحات التي ستحصل عليها السلطة التي كانت على علم بان صلاحيات اللقاحات لدى الاحتلال الاسرائيلي تنتهي خلال شهري يونيو/حزيران الجاري وتموز/ يوليو القادم. علما أن شركات انتاج اللقاحات التي بدات بانتاجه شركة فايزر كانت الاولى وصنعته للاستخدام الطارئ، يعني لمدة قد لا تتجاوز الاربعة اشهر،  ولم تحدد مدة صلاحية طويلة قد تصل لسنة او اكثر، وعليه فان اللقاحات التي تم التفاوض عليها مع دولة الاحتلال قد تكون انتجت خلال شهر ١٢ من العام الماضي وتم استيرادها مباشرة، وقد تكون صلاحيتها قد انتهت قبل التاريخ الذي اعلن عنه.

وعلى ضوء ذلك وفي حال تم اجراء عملية تبادل اللقاحات في شهر اذار/مارس الماضي، فإن هذه معضلة أيضاً في ظل احجام المواطنين الفلسطينيين عن اخذ اللقاح، وهل تسطيع السلطة الزامهم على تطعيم 90 الف مواطن خلال فترة قصيرة؟ وكيف كانت تسطيع  لو كان التبادل في حينه لما اثار هذا الجدل.واستلام اللقاحات بنفس شهر تاريخ انتهاء صلاحيتها.

وهناك تصريحات بعودة السلطة للتفاوض على لقاحات جديدة اكدتها تصريحات وزير الأمن إلامن الإسرائيلي بيني غانتس، الذي قال: انه سعيد أن السلطة الفلسطينية ستعود لاتفاق اللقاحات.

كل ذلك يثير الشك والتساؤلات والتأكيد والنفي والتخبط في ادارة الملف سياسيا واعلامياً، والاخطر هو مدى إمكان قيام السلطة بعملية التطعيم للمواطنين؟ إضافة إلى اداء السلطة الاعلامي ومن كشف الاتفاق وسائل الاعلام الإسرائيلية عن تاريخ انتهاء صلاحيتها، فالتخبط الاعلامي الذي جرى واعلان عن وزيرة الصحة، ومن ثم تصريح وزارة الخارجية بتكذيب دولة الاحتلال وصولا لقرار الغاء الصفقة.

الازمة ليست سياسية، اضافة الى انها ازمة فساد وغياب الشفافية هي أزمة اخلاقية وإعلامية. وهي دراسة حالة تدرس في الاعلام والتواصل وطريقة التعامل مع المواطنين باحتقار وغطرسة، تعبر عن عقلية ديكتاتوورية وحكم استبدادي في التعامل مع الناس.

لم يعتاد الفلسطينيون على هذا الحال من الانكسار الذي اوصلتهم اليه قيادتهم والذل الممارس بحقهم الى هذا الحد، واستمرار الفاسدين واصحاب المصالح في افقار المواطنين، وفشلت دولة الاحتلال بإذلالهم.

وفي ظل فقدان الثقة بالنظام السياسي وغياب المصداقية والشفافية، وان فضيحة صفقة اللقاحات الفاشلة الحقت اضرار فادحة بالفلسطينيين.

ومع ذلك أن تشكيل لجنة تحقيق مهم، الغرض منها إظهار الحقيقة، على ان تتوفر فيها ضمانات الاستقلالية والنزاهة والكفاءة.

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *