الزيارة الأمريكية: مناسبة جديدة لصورة إعلامية مع ابتسامة …

يستطيع الرئيس الأمريكي جو بايدن أن يختصر زيارته لبيت لحم لدقائق، يستطيع أن يقترح تقديم تسهيلات حياتية ودعم متواضع رمزي للقطاع الصحي الفلسطيني خصوصاً في مستشفيات القدس.

ولكنه للأسف لن يستطيع الحديث بوضوح عن انحياز الإدارة الأمريكية للعدالة وضرورة محاكمة قتلة الإعلامية القديرة شيرين أبو عاقلة، ولن يتحدث في ظل تصاعد التوترات الاقليمية والدولية والحرب في أوكرانيا وارتفاع أسعار الطاقة والغلاء العالمي عن ضرورة إزالة المستوطنات والحواجز وإنهاء الاحتلال انسجاماً مع القوانين والمعاهدات الدولية.

كان بإمكان الرئيس بايدن على الأقل تخصيص بعض من الوقت للاجتماع مع أمريكيين من أصل فلسطيني يقيمون في فلسطين المحتلة والاستماع منهم عن قيود الاحتلال المتواصلة على الحركة البشرية.

ومنها على الأقل حصار التعليم العالي في فلسطين عبر تحديد عدد الخبراء الأجانب القادمين من دول العالم للتعاقد والعمل في الجامعات الفلسطينية، وتحديد فترات إقامتهم في فلسطين المحتلة بما يعد انتهاك آخر لحق الفلسطيني في التعلم والتواصل مع الفلسطينيين.

كان بإمكان الرئيس الأمريكي الظهور بقوة عبر الحديث عن ضرورة تضافر الجهود الرسمية والشعبية من أجل تعزيز مفهوم العدالة والحرية التي ينص عليها الدستور الأمريكي، والتي لا تنفصل عن القيم الانسانية العالمية ولا تقتصر على شعب دون الآخر ولا تميز بين البشر.

كان بإمكانه ألا يتورط في مشهد ترقيع سياسي مُستهلك لدرجة لم يعد فيها مجدياً أو مقنعاً على صعيد أي خطاب سياسي يفتقد أي مضامين سياسية جدية، تخص الشعب الفلسطيني الذي يعاني من الاحتلال.

ربما تكون الزيارة بشقها الإعلامي والبروتوكولي والانساني المدروس بعناية ناجحة من حيث إبراز صورة محددة لنشاط السياسة الخارجية الأمركية إعلامياً في المنطقة غير أنه كما يبدو نجاح لزيارة الصورة، لا أكثر …

تبدو أهمية الزيارة متممة لأدوار سابقة في تعزيز طبيعة الرؤية الأمريكية في فلسطين والمتمثلة في “الحفاظ على استقرار الوضع القائم” والعمل على “منع أي انهيار في المشهد الحالي” مع تقديم “دعم انساني محدود” وتشجيع المزيد من الدعم الانساني عربياً ودولياً ليضفي بعض الحيوية على الأخبار ويغذي شهية الإعلام للحديث عن الدور الأمريكي النشط في المنطقة، ولكن على حساب الأبعاد السياسية الجادة، خصوصاً في ظل انفتاح أجندة الرئيس الأمريكي للاجتماع مع رئيس حكومة الاحتلال والمعارضة، في حين اقتصار الأجندة فلسطينياً على لقاء رسمي مقتضب في بيت لحم.

بهذا تكون نتائج الزيارة متوقعة سلفاً فهي تنتمي لذلك  النمط من الخطوات السياسية التي تسبق فيها النتائج الحدث نفسه، وربما في هذه الحالة تكون النتائج هي الحدث لا أكثر …

ملاحظة: قد يحتاج الرئيس بايدن في بيت لحم من يخبره عن المدينة المطوقة بالجدار والمستوطنات …

قد يحتاج لمن يخبره عن حاجز الكونتينر، الذي يفصل جنوب الضفة الغربية عن وسطها وشمالها والذي أُعدم خلال المرور منه العديد من الفلسطينيين دون تحقيقات جدية وعدالة تنتصر لحقوقهم الانسانية، ومنهم الشاب أحمد عريقات من بلدة أبو ديس قضاء القدس.

وقد يحتاج الرئيس بايدن لمن يسأله إعلامياً إن أمكن، هل انتبهت لجدار الفصل العنصري في طريقك إلى بيت لحم السيد الرئيس؟ وعليه ماذا يمكن فعله جدياً لتحقيق العدالة في فلسطين، بعد ما رأيت؟

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *