عقب انتهاء معركة سيف القدس اشتعل من جديد نقاش داخلي إسرائيلي حول دافعية القتال عند الجنود، يعود النقاش في خلفيته إلى الرأي القائل باستحالة حسم أي معركة عبر الجو، وان الانتصار يستلزم الاجتياح البري، وهنا تبرز الإشكالية المتمثلة في ضعف الدافعية للقتال في صفوف الجنود، فما هو سبب هذا الضعف؟

تنبه قادة العدو إلى ضعف الدافعية عقب حرب اكتوبر 1973، فقد اظهرت نتائج الحرب التغيرات البنيوية في المجتمع الإسرائيلي، مما دفع الجنرال عمرام متسناع (حزب العمل) للبحث عن مقاتلين يتمتعون بدافعية للقتال، ولم يجد ضالته إلا عند الجنود ذوي الخلفية الدينية خريجي المعاهد العسكرية، التي يقوم برنامجها على المزج بين العلوم العسكرية ودروس التوراة، مما ساهم بارتفاع نسبة الضباط من لابسي القبعات الدينية، لتصل فيما بعد في الوحدات القتالية إلى حوالي الربع…وهي نسبة عالية مقارنة بنسبة المتدينين “الوطنيين” من مجمل المجتمع الإسرائيلي.

يعزو بعض الباحثين الإسرائيليين ضعف الدافعية للقتال إلى التغير الحاصل نتيجة التحول باتجاه الاقتصاد الراسمالي الليبرالي، فعقب فوز الليكود بانتخابات 1977، والتحول التدريجي نحو لبرة الاقتصاد والانتقال من الاقتصاد المركزي ذو الصبغة الاشتراكية، حصل تحول اجتماعي عزز الفردانية لدى المجتمع الإسرائيلي، بمعنى ان القيم الاقتصادية الرأسمالية حفرت في المجتمع عميقاً لتعزز الطابع الفردي، وحرص الأفراد على تحقيق مصلحتهم الشخصية بعيداً عن المجموع، وذلك بعكس النظام الاشتراكي الذي يعزز الجمعانية والاهتمام بالمجموع….هذا التغير في المجتمع طغى على جميع الشرائح ولم ينجو منه سوى المتدينين، الذين استطاعوا سد الفراغ الناجم عن انسحاب الدولة التدريجي من رعاية الأفراد، عبر جمعياتهم الخيرية…مما أبقى على الطابع الجماعي في المجتمع المتدين “الحريدي”…إبقاء القيم الجماعية لدى شريحة المتدينين جعلهم الاكثر اهتماما بالمجموع والاكثر استعداد للتضحية من أجله، ومن ثم لم تتضرر دافعيتهم للقتل بفعل التغيرات الاجتماعية.

الخلاصة:

يمكننا الإدعاء بان دافعية القتال لدى الجنود الإسرائيليين في سنة 2021، مختلفة جذرياً عن دافعية اعضاء العصابات الصهيونية من الهاجاناة واتسل إبان تأسيس الكيان….يدرك ذلك قادة العدو، وهذه من الاسباب التي تجعلهم يفكرون ملياً قبل الاقدام على تنفيذ هجوم بري. ويحاولوا الاستعاضة عن الجنود بوسائل تكنلوجية متقدمة

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *