من الطبيعي أن يحاول كل حزب في المفاوضات الائتلافية ان يحصل على حقائب أكثر وأكثر اهمية بقدر ما يكون. متواتر لشدة الاسف هو ايضا الوضع الذي توعد فيه الاحزاب المختلفة بمبالغ مالية طائلة دون أن يعطى الرأي في الثمن البديل لهذا التبذير. غير ان المفاوضات الحالية تتميز بأمر آخر: اتخاذ قرارات غير منطقية على نحو واضح.

نبدأ بتغيير الاسم. وزارة الامن الداخلي ستسمى من الان فصاعدا وزارة الامن القومي. وبالفعل، لكل العالم، وفي اسرائيل ايضا، يتعلق الامن القومي بمسألة الخارجية والامن. ولهذا توجد في الكنيست لجنة خارجية وأمن. ولهذا توجد لجنة وزارة لشؤون الخارجية والامن (الكابينت) والتي تدير مداولاتها هيئة الامن القومي. مسائل مركزية في الامن القومي هي إذن كيف نتصدى لإيران، كيف نعزز العلاقات مع الولايات المتحدة وكيف نستعد للحرب مع حزب الله. ما لوزير الامن الداخلي وكل هذه؟ في الوزارة الثانية التي سيتلقاها حزب قوة يهودية، وزارة النقب والجليل، اضيفت المسؤولية عن “الحصانة”. فهل يعرف أحد كيف يشرح هذا؟

المعنى الذي ينطوي عليه تغيير الاسم هو ان قوة يهودية يعتزم القضم من مسؤولية وزارة الدفاع والهيئات الامنية الاخرى. هكذا مثلا تقرر نقل حرس الحدود في المناطق الى وزارة الامن الداخلي. وبالفعل، كل سرايا حرس الحدود تبنى وتمول من وزارة الامن الداخلي، لكن تلك السرايا التي تعمل في المناطق تخصص عمليا لقادة الالوية العسكريين. اليوم، في كل لحظة يحتاج فيها قائد لواء لان ينفذ مهمة او لان يستعد لأخطار، توجد تحت إمرته سرايا الجيش وسرايا حرس الحدود على حد سواء وهو يكلف هذه وتلك المهام وفقا لتفكره المطلق. ماذا سيحصل الان؟ هل في كل مرة يرغب فيها قائد لواء منشه تكليف سرية حرس الحدود بمهمة ما كجزء من حملة مركبة في جنين سيضطر الى إذن وزير الامن الداخلي. والاسوأ من ذلك، هل وزير الامن الداخلي (عفوا، الامن القومي) يمكنه أن يكلف هذه السرايا بمهام داخل منطقة اللواء، ودون أن يعرف قائد اللواء بذلك؟

موضوع آخر، بل وأكثر سخافة منه، يتعلق بطلب وزير المالية المرشح سموتريتش نقل الادارة المدنية في المناطق من وزارة الدفاع الى وزارة المالية. وبالفعل، الادارة المدنية في المناطق هي ذراع تنفيذي لـ “منسق اعمال الحكومة في المناطق”. وهذا الجسم يوجد داخل وزارة الدفاع لسببين: الاول كل ترتيب وتنسيق مع الفلسطينيين، مثلا كم عامل سيعمل في اسرائيل، هو جزء لا يتجزأ من التنسيق الامني والاعتبارات العسكرية. ببساطة لا يحتمل ان يقطع هذا الموضوع عن الجيش. والسبب الثاني مبدئي أكثر. فحكومات اسرائيل بما فيها حكومات بيغن، شمير ونتنياهو تعرف المناطق كمنطقة محتلة وبصفتها هذه فانه يديرها الجيش (قائد المنطقة الوسطى). امتنعت اسرائيل عن ضم هذه الارض لأسباب واضحة. من سينقل “منسق اعمال الحكومة في المناطق” الى وزارة المالية، كأن به أعلن عن ارض المناطق مضمومة لإسرائيل (بما فيها سكانها الفلسطينيون). من يريد أن يضم كل المنطقة ولكن أن يبقي الفلسطينيين كعديمي المواطنة يستدعي قرارا دوليا جارفا بما في ذلك من الولايات المتحدة فإننا دولة أبرتهايد يجب مقاطعتها. هذا هو معنى الخطوة الفنية ظاهرا لنقل منسق الاعمال الى وزارة مدنية.

لقد اعتدنا على وضع تختلق فيها وزارات حكومية زائدة، فتضخم الحكومات الى حجم سخيف وتنقل بيد سخية اقسام وسلطات حكومية من جهة الى جهة اخرى دون تفكر رسمي، لكن يبدو أننا هذه المرة نتجاوز خطوطا حمراء لم يسبق أن اجتيزت في الماضي.

عن أطلس للدراسات والبحوث

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *