الحكومة لم تتشكل بعد، لكن في الاتحاد الأوروبي يعدون روافع الضغط منذ الآن

الحكومة الجديدة لرئيس الليكود، بنيامين نتنياهو، لم تؤد اليمين بعد. ولكن المواجهة السياسية بينها وبين الاتحاد الاوروبي بدأت في اعطاء اشارات اولية. في يوم الجمعة الماضي ابلغ الاتحاد السفير الاسرائيلي فيه، حاييم ريغف، بأنه سيفتح من جديد بنود اتفاق سابق لتبادل المعلومات بين شرطة اسرائيل واليوروبول، الذي حتى الآن لا توجد أي خطة للعودة الى تطبيقه. الاتفاق تم وقفه بسبب الخلاف حول الاستخدام الذي يمكن لاسرائيل القيام به بالمعلومات في نشاطاتها في المناطق. ومصادر اسرائيلية ادعت بأنه كان لتغيير النظام في اسرائيل تأثير على هذا القرار.

ايضا خطوات اخرى دفعت بها الحكومة السابقة قدما يمكن أن تدخل الآن الى التجميد. احدى هذه الخطوات هو اتفاق ابداع اوروبي الذي كان يمكن أن يضخ ميزانيات ضخمة لمؤسسات ثقافية في اسرائيل، وتمت المصادقة عليه من قبل الحكومة السابقة وجمد بعد فترة قصيرة من ذلك بسبب فيتو فرضه رئيس الحكومة البديل في حينه، نفتالي بينت. في القدس يقدرون بأن هذا الاتفاق المهم لم يتم دفعه قدما ايضا بسبب معارضة قوائم الائتلاف الآخذ في التبلور لبند في الاتفاق يمنع استثمار للميزانيات في المستوطنات. في غضون ذلك، جهات سياسية قدرت بأن المشروع الرئيسي الذي بادر اليه رئيس الحكومة ووزير الخارجية يائير لبيد، استئناف الحوار السنوي بين وزير الخارجية ونظرائه الاوروبيين الذي توقف لسنين في عهد نتنياهو، سيتوقف الآن مجددا على خلفية اختلاف المواقف بين الطرفين.

الآن يقدرون في اسرائيل بأنهم في الاتحاد سيحاولون استخدام الاتفاقات المشتركة التي لم تتم المصادقة عليها بعد كأداة ضغط على الحكومة في حالة وجود خلافات حول الاستيطان في الضفة. “هناك ضغوط في اوروبا كي يكونوا اقل تسامحا مع اسرائيل الآن عند استبدال الحكومة فيها”، قال للصحيفة مصدر مطلع على العلاقات بين الطرفين. ولكن، كما قيل، هناك شك إذا كان الائتلاف المستقبلي ستكون له مصلحة في تبني هذه الاتفاقات أصلا، بسبب البند الذي يستبعد منها المستوطنات.

في سيناريوهات الرعب للمستوى السياسي فانه في حالة تدهور في العلاقات مع اوروبا ستظهر ايضا امكانية اجبار مستوطنين على اصدار تأشيرات دخول اليها، أو جهود لإبعاد رجال اعمال من اوروبا عن الاستثمار في اسرائيل. ولكن حسب دبلوماسي اسرائيلي فان احتمالية رؤية عقوبات دراماتيكية كهذه هي احتمالية ضئيلة. مشكوك فيه إذا كان الاتحاد الاوروبي قادر على تجنيد موافقة جميع الاعضاء فيه على مثل هذه الخطوات. وفي الاصل هو لا يتبع خطوات متشددة جدا حتى في حالة ازمات مهمة أكثر. نتنياهو يعرف جيدا خطوط اوروبا الحمراء. فهو زعيم حذر ومجرب ومن المرجح أنه لن يصل الى مواجهة بهذا الحجم.

عضو البرلمان الاوروبي، افين انسير، من السويد عبرت في هذا الاسبوع عن معارضتها للدفع قدما باليوروبول على خلفية استبدال الحكومة في اسرائيل. فهي تعتقد أنه محظور السماح للشرطة باستخدام المعلومات التي تنقل اليها من اوروبا وراء حدود الخط الاخضر. في محادثة مع “هآرتس” عبرت عن خوف آخر: “كاشتراكية ديمقراطية شاهدت نتائج الانتخابات وحقيقة أنه سيتم تشكيل حكومة يمينية متطرفة فيها سياسيين مثل ايتمار بن غفير”، قالت. “يبدو أنه سيكون الوزير المسؤول عن الشرطة التي تعتبر جزء من جهاز الامن. أي أنه ستكون لسياسي يميني متطرف قدرة على الوصول الى المعلومات الهامة التي تزودها اليوروبول، وهذه حقيقة خطيرة جدا”.

واضافت افين بأن الاتحاد يمكنه فرض الكثير من العقوبات اذا استمرت الحكومة في بناء المستوطنات وهدم بنى تحتية فلسطينية تحصل على التمويل من اوروبا، من بينها تطبيق قرار محكمة الاتحاد وسم منتجات المستوطنات، أو الزام اسرائيل بدفع التعويض عن كل هدم أو مصادرة لمباني فلسطينية. مع ذلك، اوضحت بأن “الاتحاد هو صديق اسرائيل مثلما هو صديق فلسطين وهو يؤيد حل الدولتين. نحن سنستمر في علاقاتنا الحميمية مع اسرائيل ومع فلسطين”.

نتنياهو لم يخف في أي يوم انتقاده الشديد للاتحاد الاوروبي وسياسته ضد اسرائيل. ففي العام 2017، في محادثة مغلقة تم بثها بالخطأ على المراسلين، قال إن “سلوك الاتحاد مع اسرائيل هو سلوك هستيري. الاتحاد الاوروبي هو المنظمة الدولية الوحيدة التي تربط علاقتها مع اسرائيل، التي تعطيها التكنولوجيا، بالاعتبارات السياسية”، قال رئيس الحكومة في حينه.

مصدر مطلع على سلوك رئيس الليكود قال للصحيفة بأن “نتنياهو يتعامل مع الاتحاد كعدو مهدد لإسرائيل”. وحسب اقوال مصدر دبلوماسي فان “نتنياهو لا يحترم المجلس الاوروبي ولا آلياته. وهو ايضا يعرف أنه لا يوجد لهذه الآليات أي دعم حقيقي من الزعامة العليا في هذه الدول. وهو يعرف أنه عند قطع العلاقات مع المؤسسة في بروكسل فان هذا لن يمس بعلاقته مع ميكرون الفرنسي أو شولتس الالماني أو رئيس الحكومة الايطالية. هو لم يدفع عن ذلك أي ثمن حتى الآن في العواصم الاوروبية. ولم يكن هذا يعني أي أحد في الاتحاد”.

من الاتحاد الاوروبي جاء: “نحن نتابع العملية الديمقراطية في اسرائيل ونتوقع تعاون وثيق مع الحكومة الجديدة في اسرائيل. الاتحاد الاوروبي سيواصل دعم التوجه الايجابي في العلاقات وفي الحوار بينه وبين اسرائيل بدون أي علاقة بهوية رئيس الحكومة والائتلاف. نحن نتقاسم مع اسرائيل قيم المجتمع المنفتح، الديمقراطي، الذي يقوم على سلطة القانون. هذه القيم يجب أن تواصل الوقوف في اساس العلاقات بيننا. في سلوكنا امام الحكومة الجديدة نحن سنواصل ضمان وجود سلام قابل للبقاء والذي يقوم على حل الدولتين وحث اسرائيل على العمل من اجل هذا الهدف”.

عن أطلس للدراسات والبحوث (المصدر: هآرتس)

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *