الحرب ومخطط نكبة غزة 2023


اشترك معنا في قناة تلغرام: اضغط للاشتراك حمل تطبيق الملتقى الفلسطيني على آندرويد: اضغط للتحميل

طلبت إسرائيل في بداية الحرب من هيئة الأمم المتحدة اقناع الفلسطينيين شمال وادي غزة وعددهم 1.1 مليون نسمه بالنزوح الى جنوبه حفاظاً على أرواحهم من القصف التي تعمدت فيه إسرائيل أحياء وبيوت المدنيين.

لم يهدف هذا التوجه وحرب الإبادة الجماعية حماية الجيش المتوغل في مدينة ومخيمات لاجئين تعتبر الأكثر كثافة في العالم فقط, بل تنفيذاً لمخطط  “النكبة الثانية” والتي كشفت عنه ورقة سياسات صادرة عن وزارة الاستخبارات الإسرائيلية ,تترأسها الوزيرة قيلا قملائيل من حزب الليكود, تحت عنوان: خيارات التوجيه السياسي للسكان المدنيين في قطاع غزة وملخصها: “باتت دولة إسرائيل مطالبة بإحداث تغيير ملموس في الواقع المدني في قطاع غزة، على ضوء جرائم حركة “حماس” التي أدت إلى نشوب حرب “السيوف الحديدية”، ولهذا الغرض فإن على دولة إسرائيل أن تقرر الهدف السياسي المتعلق بالسكان المدنيين في قطاع غزة، والذي يجب أن تسعى إلى تحقيقه، بالتوازي مع إسقاط سلطة حركة “حماس”.. المطلوب إخلاء السكان خارج منطقة القتال وهذا في مصلحة السكان المدنيين من قطاع غزة.” وعرضت الوثيقة ثلاثة مسالك لتنفيذ هذه الاستراتيجية أولاً: القدرة على تنفيذها عملياً على الأرض. ثانياً : تأمين الناحية الشرعية- دولياً/ داخلياً / قانونياً. ثالثاً: القدرة على إحداث تغيير أيديولوجي وإدراكي في أوساط السكان، بما يتعلق باليهود وإسرائيل أوما اطلقت عليه الوثيقة “نزع النازية – “Denazification.

طرحت الوثيقة ثلاثة خيارات لحل مشكلة غزة بعد الحرب:

الأول : بقاء السكان في قطاع غزة، وإسناد الحكم إلى السلطة الفلسطينية.

 الثاني: بقاء السكان في قطاع غزة، واستحداث سلطة عربية محلية من أوساطهم مع تواجد عسكري اسرائيلي.

 الثالث: التهجير القسري من قطاع غزة إلى سيناء وغيرها من الدول.

استثنت الوثيقة الخيار الأول على أنه أكبر هزيمة لإسرائيل اذا ما كانت هذه نتيجة الحرب لأن هذا الخيار سيقيم في النهاية الدولة الفلسطينية المعادية لإسرائيل. ورفض الثاني لأنه سوف لا يوفر لإسرائيل أي عوائد استراتيجية طويلة الأمد. بل على العكس من ذلك، فقد يتحول إلى عبء استراتيجي في غضون سنوات قليلة.

من هنا أوصت الوثيقة على الخيار الثالث إخلاء السكان المدنيين من قطاع غزة إلى سيناء وغيرها من دول المنطقة والعالم. وعلل أصحاب هذه الوثيقة هذا الاختيار لأنه الممكن والأفضل لدولة إسرائيل والغرب ويمكن تنفيذه وفق المراحل التالية:

“المرحلة الأولى: تنفيذ عمليات القصف الجوية مع التركيز على شمالي القطاع، من أجل فسح المجال أمام المناورة البرية في المنطقة التي سيتم إخلاؤها لتجنب القتال في مناطق مكتظة بالسكان المدنيين.

المرحلة الثانية: مناورة برية تهدف إلى احتلال الأرض بالتدريج، ابتداء من الشمال وعلى امتداد الحدود الشرقية وصولاً إلى استكمال احتلال كل القطاع، وتطهير المخابئ تحت الأرض من مقاتلي حركة “حماس”.”

وتوصي الوثيقة بترك المحاور المرورية باتجاه الجنوب مفتوحة، لإتاحة الفرصة لاخلاء السكان المدنيين باتجاه رفح. وهذا دون أن تنسى التشديد على أن هذا الخيار سيقصر زمن الحرب البرية اذا ما قورنت بالخيارين الأول والثاني مما سيقلل من احتمالات المخاطرة بفتح الجبهة الشمالية، بالتوازي مع القتال في قطاع غزة.

وكل هذا منوط بإيجاد مظلة الشرعية الدولية بموافقة أمريكا الواجب عليها الضغط على مصر لقبول هذا المخطط مقابل حل أزمتها الاقتصادية. كذلك اقناع دول عربية وإسلامية مثل السعودية , تركيا, قطر الامارات والأردن ودول غربية مثل كندا, اليابان واسبانيا لاستيعاب جزء من اللاجئين. وتذكر الوثيقة ما يساعد على ذلك أنه ” كان هنالك سعي كبير بين سكان القطاع المحليين للهجرة إلى خارج قطاع غزة، ومن المتوقع أن تؤدي الحرب إلى زيادة هذه الظاهرة.”

من ناحية التداعيات الاستراتيجية اقليمياً وعالمياً تؤكد الوثيقة أن الإطاحة بحكم “حماس” والقضاء عليها عسكرياً سيحظى بدعم الدول الخليجية وسيمكن أمريكا من بلورة النظام العالمي من خلال خلق هذا الردع المؤلم مع اسقاطاته الجيوسياسية  والعسكرية على محور المقاومة ووحدة ساحاتها بما يشمل رسالة واضحة لحزب الله لإمكانية تنفيذ مخطط غزة في جنوب لبنان. ولا تنسى الوثيقة ضرورة الترويج الإعلامي المكثف لهذا المخطط اقليمياً وعالمياً بما يشمل سكان قطاع غزة أنفسهم، الذي يجب أن تتمحور الرسائل لهم حول فقدان الأرض واستحالة العودة للبيت بكلمات أخرى قبول النكبة الثانية لأن لا خيار لهم غير ذلك.

يذكر أن هذه الخطة بتفاصيلها  قديمة وسبق أن عرضها نتنياهو على الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك وقابلها هذا الأخير بالرفض القاطع.

أمريكا كانت على علم من هذا المخطط وعليه زار وزير خارجيتها انتوني بلينكن قبل الاجتياح الإسرائيلي البري وبعده المنطقة وروج للمخطط الاسرائيلي من خلال زيارات مكوكية شملت مصر والسعودية وقطر وتركيا والأردن وغيرهم من مسؤولين وقادة استخبارات وقيادات عربية في محاولة مضنية لإقناعهم باستيعاب سُكان غزة قبل قيام الجيش الإسرائيلي  بتسويتها بالأرض على حد تعبير بلينكن شخصياً. ونقل بلينكن تفاصيل الخطة بتهجير مليون مواطن من سكان قطاع غزة الى سيناء وتوزيع باقي السكان على كُلٍ من السعودية وقطر والأردن والإمارات بحيث تتكفل السعودية بتوطين نصف مليون فلسطيني و تتكفل باقي البلدان ومعها اسبانيا, اليونان كندا وغيرهم بالبقية المتبقية.

 إسرائيل بدورها شنت هذه الحرب وما تزال وفقاً لتفاصيل الخطة أعلاه معتبرة الرهائن والأسرى الإسرائيليين المتواجدين حالياً في قبضة المقاومة الفلسطينية من عداد الخسائر. وكل هذا  من أجل الهدف الأكبر تنفيذ “نكبة غزة 2023” على حد تعبير الوزير أفي ديختر رئيس “الشاباك” سابقاً.

غير أن رفض مصر ومعها الأردن وباقي الدول العربية وتركيا لهذا المخطط فرض على الامريكان موقف مغاير لمواقف الحكومة الإسرائيلية التي تتراوح, بعد التأكد من فشل مشروع التهجير القسري,  بين السيطرة العسكرية بدون الاستيطان ومعارضة رجوع السلطة الفلسطينية وموقف اخر مع اخلاء وتهجير شمال غزة وشريط حدودي يمتد حتى رفح مع اعادة الاستيطان.

الموقف الأمريكي اليوم ضد التهجير القسري او اخلاء شمال غزة ومع عودة السلطة الفلسطينية التي أعلنت بدورها أن غزة جزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية وهي جاهزة لبسط نفوذها وحكمها عليها. قوى المقاومة بدورها أكدت أن غزة لن تقبل كل قادم على ظهر دبابات الاستعمار خصوصاً بعد هذا الدمار وشلال الدم.

اشترك معنا في قناة تلغرام: اضغط للاشتراك

حمل تطبيق الملتقى الفلسطيني على آندرويد: اضغط للتحميل

مؤلف: عامر الهزيل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *