الحرب الإسرائيلية في الضفة الغربية ما زالت مستمرة


أطلق عليها بعض الصحافيين اسم “الحرب المنسية”، أو “الحرب الصامتة” أو “الحرب الثانية”، وهي تتخذ أشكالاً مختلفة: تعزيز الوجود العسكري الاحتلالي؛ عمليات قتل ومداهمات واعتقالات يقوم بها جنود جيش الاحتلال؛ تدمير المخيمات وتهجير سكانها وهدم المنازل؛ توسيع عمليات الاستيطان وإقامة البؤر الاستيطانية وتسارع الضم الزاحف؛ توسع اعتداءات المستوطنين على القرى والمواقع البدوية، ومنع الفلسطينيين من الوصول إلى مواردهم المائية وحرق ممتلكاتها وتدمير محاصيلهم، وخصوصاً محصول الزيتون، ناهيك عن سلب أموال الضرائب العائدة إلى السلطة الفلسطينية ومنع عشرات الآلاف من العمال الفلسطينيين من العمل داخل إسرائيل.
عمليات القتل والاعتقالات التعسفية
منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، عزز جيش الاحتلال الإسرائيلي وجوده في الضفة الغربية المحتلة، وأقام فيها نحو ألف حاجز وبوابة حديدية. وفي أيار/مايو 2024، أفادت منظمة “هيومن رايتس ووتش” بأن “عدد الفلسطينيين الذين قتلوا على يد قوات الأمن الإسرائيلية قد تضاعف مقارنة بأي عام آخر منذ بدء جمع البيانات المنهجي في سنة 2005”. ووفقاً لأحدث تقرير لـ “مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية” في الأراضي الفلسطينية المحتلة، “قُتل 996 فلسطينياً وفلسطينية في الضفة الغربية في هجمات نفذها الجيش الإسرائيلي والمستوطنون بين 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 و22 أيلول/سبتمبر 2025، وجُرج نحو 10 آلاف[1]. وفي السابع من تشرين الأول الفائت، ورد في تقرير مشترك، صادر عن “نادي الأسير الفلسطيني”، و”مؤسسة الضمير” و “هيئة شؤون الأسرى” التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي اعتقل خلال عامين، في الضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس الشرقية، أكثر من 20 ألف فلسطيني وفلسطينية، وأن عدداً كبيراً منهم خضع لشتى أنواع التعذيب الجسدي والنفسي[2].
تدمير المخيمات الفلسطينية وتهجير سكانها وهدم المنازل
في مطلع هذا العام، شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي حملة عسكرية واسعة على المخيمات الفلسطينية في مدينتَي جنين وطولكرم الواقعتين في شمال الضفة الغربية، بدأت بعمليات قصف جوي ومدفعي، أعقبها هجوم بري اعتُبر الأكبر في الضفة الغربية منذ الانتفاضة الثانية (2000-2005). وقد أسفرت هذه الحملة عن تدمير هذه المخيمات وجعلها مناطق غير صالحة للسكن. ووفقاً للأمم المتحدة، أجبرت هذه الحملة أكثر من 40,000 فلسطيني وفلسطينية على الفرار من مساكنهم. وبعد تسعة أشهر، لا يزال أكثر من 32,000 منهم نازحين، وفقاً لوكالة “الأونروا”، وهو أكبر نزوح للسكان الفلسطينيين في الضفة الغربية منذ عدوان حزيران/يونيو 1967[3].
في 28 تشرين الأول/أكتوبر الفائت، أقدمت قوات الاحتلال على هدم خمسة منازل ومزرعة في قرية الفندق الواقعة إلى الشرق من مدينة قلقيلية، وذلك بذريعة أنها بُنيت من دون تصاريح في مناطق مصنفة “ج”، وهي تصاريح ترفض سلطات الاحتلال، غالباً، منحها للفلسطينيين. وكانت هذه السلطات قد هدمت، في أريحا، منزلين في قرية مرج غزال، متذرعةً بالسبب نفسه. كما هدمت منزلاً آخر في بلدة فروش بيت دجن، إلى الشرق من مدينة نابلس، بعد إخلاء سكانه. وهدمت أيضاَ، في بلدة دير بلوط، إلى الغرب من مدينة سلفيت، منشأة زراعية. ووفقاً لـ “هيئة مقاومة الاستيطان والجدار”، نفذت سلطات الاحتلال 1014 عملية هدم في الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023، طالت 3679 مبنى، منها 1288 منزلاً مأهولاً، و244 منزلاً غير مأهول، و962 منشأة زراعية[4].
توسيع عمليات الاستيطان وتسارع الضم الزاحف
تنتهج حكومة بنيامين نتنياهو، من خلال توسيع عمليات الاستيطان، استراتيجية ضم أراضي الضفة الغربية بحكم الأمر الواقع، وذلك استناداً إلى إيديولوجية تنظر إلى الضفة الغربية – أو “يهودا والسامرة” – على أنها “أرض توراتية يجب “استردادها” من خلال الاستيطان. وهذه الإيديولوجية لا يقتصر تبنيها على ممثلي حزبَي الصهيونية الدينية في هذه الحكومة، بل يتنباها كذلك رئيسها الذي أكد، في 11 أيلول/سبتمبر المنصرم، دعمه التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية، معلناً أنه: “لن تكون هناك دولة فلسطينية؛ هذه الأرض لنا”. وكان الكنيست الإسرائيلي قد اعتمد في تموز/يوليو الماضي اقتراحاً غير ملزم لصالح ضم الضفة الغربية، ثم صوّت بالقراءة التمهيدية، في 22 من تشرين الأول/أكتوبر الفائت، على مشروعَي قانونين ينصّان على فرض السيادة الإسرائيلية على مناطق في الضفة الغربية، وعلى مستوطنة “معاليه أدوميم”، وذلك بأغلبية 25 صوتاً، في مقابل 24 صوتاً معارضاً. وفي آب/أغسطس الماضي، وافقت الحكومة الإسرائيلية على خطة الاستيطان في منطقة E1، وهو مشروع قائم منذ عقود لبناء أكثر من 3400 منزل للمستوطنين الإسرائيليين، يربط القدس الشرقية المحتلة بمستوطنة “معاليه أدوميم” ويفصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها. وفي 13 من ذلك الشهر، صرّح وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، قائلاً: “إن الموافقة على خطط البناء في المنطقة E1 تطمس فكرة الدولة الفلسطينية وتُقرّ الإجراءات العديدة التي نتخذها على أرض الواقع، كجزء من خطة السيادة الفعلية”. بل ذهب إلى أبعد من ذلك في 30 من الشهر نفسه، مُقترحاً ضم 82% من أراضي الضفة الغربية إلى إسرائيل. وأكد سموتريتش أن السلطة الفلسطينية ستُفكّك بموجب هذه الخطة، “ليس بالشعارات، بل بالأفعال”. بينما صرّح رئيس الحكومة في الشهر ذاته بأنه يتماهى “بشدة” مع رؤية “إسرائيل الكبرى”، التي تشمل فلسطين، بالإضافة إلى أجزاء من الأردن وسورية ولبنان ومصر. وبحسب بعض التقارير، بلغ عدد المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، في مطلع شهر أيلول/سبتمبر الفائت، 141 مستوطنة، فضلاً عن 224 بؤرة استيطانية[5].
في الخامس من الشهر المنصرم، نشر “مرصد الأخبار البلجيكية والدولية الراهنة” تقريراً من داخل مستوطنة “شيلو”، الواقعة إلى الشمال الشرقي من رام الله، ورد فيه أن الدخول إلى هذه المستوطنة “متاح بدعوة فقط”، ويصف معد التقرير الواقع، فيكتب: “على بُعد بضع مئات الأمتار من قرية فلسطينية، استقرت 400 عائلة إسرائيلية، إلى جانب 2500 مستوطن منتشرين على بضعة تلال”. وبحسب يسرائيل مِداد، وهو من أشدّ المؤيدين للاستيطان في الأراضي الفلسطينية: “نحن هنا في يهودا والسامرة، إذ لا وجود للضفة الغربية، وعلينا أن نكون في كل مكان، إذ لا توجد أرض في العالم لا يستطيع الشعب اليهودي العيش فيها، وخصوصاً في أرض إسرائيل”. ويتابع معد التقرير وصفه، فيضيف: “مجتمع شيلو متدينٌ للغاية؛ في مقهاها الصغير، تتضرع شيلات إلى الله لتبرير تطوير المستوطنة، وتقول: أشعر أننا محميون، الله يحمينا”؛ بالنسبة لها، “ليس هناك مجالٌ لتصور دولة فلسطينية، فلا وجود لفلسطين، هذه هي أرض إسرائيل، الموعودة للشعب اليهودي”. ويلاحظ معد التقرير أنه “غالباً ما يكون مستوطنو شيلو مسلحين”، وأنه عندما طلب دونالد ترامب من بنيامين نتنياهو عدم ضم الضفة الغربية، كانت ردود الفعل شرسة، إذ قال يسرائيل مداد: “إنه مخطئ؛ فبعد ما حدث في السابع من أكتوبر، لا يمكن مطالبة إسرائيل بالانسحاب من ساحة المعركة”، وأضاف: “الأمر لا يقتصر على عدم الضم، بل هو يوجه رسالة إلى العرب مفادها: افعلوا ما هو أسوأ في المرة القادمة”[6].
اعتداءات المستوطنين تتصاعد بصورة لا سابق لها
في مطلع تموز/يوليو الماضي، اقتحم مستوطنون قرية المعرجات، الواقعة بالقرب من أريحا، وأجبروا سكانها على الفرار، وذكرت صحيفة “فاينانشال تايمز” أنه: “على مدار العامين الماضيين، أضرم المستوطنون الإسرائيليون النار في مسجد المعرجات، وهاجموا مدرستها، وسرقوا مواشيها”. لكن نقطة التحول جاءت يوم الخميس، في 3 تموز/يوليو، وذلك بعد أن أجبر المستوطنون، بعد أيام من المضايقات وتدمير الممتلكات وإقامة بؤرة استيطانية والتهديد بالإخلاء، السكان على المغادرة، وهددوهم ودمروا ممتلكاتهم. وفي غضون ساعات، فرت أغلبية السكان البالغ عددهم 200 نسمة من القرية. وكانت جماعة من المستوطنين قد شنت، في 21 حزيران/يونيو الفائت، هجوماً قاتلًا على قرية كفر مالك الواقعة إلى الشمال الشرقي من رام الله، ما أسفر عن مقتل ثلاثة فلسطينيين، بتواطؤ من جنود إسرائيليين على الأرض. لكن “في تطور دراماتيكي، وبعد اعتقال عدد من أعضائها، وجّه المتطرفون أسلحتهم نحو الجيش الإسرائيلي: تخريب موقع عسكري وإشعال النار في مركز شرطة”، علماً أن السلطات الإسرائيلية هي التي تقوم بتسليح هذه الميليشيات وشرعنتها[7].
في قرية الطيبة الواقعة في محافظة رام الله، وتقطنها أغلبية من المسيحيين، قام المستوطنون، في السابع من تموز/يوليو الماضي، بإحراق كنيسة القديس جورج فيها، التي تعود للقرن الخامس الميلادي، الأمر الذي دفع رئيس بلديتها ورجال الدين فيها إلى دعوة بطريرك اللاتين في القدس ودبلوماسيين أجانب إلى زيارتها. يقول الأب بشار باسيل، واصفاً الأراضي التي تضررت بسبب قطعان الماشية التي يملكها المستوطنون، أو المداهمات العدوانية التي يقومون بها بالقرب من المنازل: “نعاني من استفزازاتٍ يومية”. ويتساءل: “إلى متى ستستمر هذه الهجمات؟” كما يتساءل الكثيرون في دهشة: “كيف وصلت الأمور إلى هذا الحد في قرية معروفة بشوارعها الساحرة ومهرجان البيرة السنوي، لكنها ليست معروفة بجماعاتها المسلحة أو اشتباكاتها مع الجيش الإسرائيلي؟”. يكمن وراء هذا سؤال آخر، سؤال لا يجرؤ على طرحه سوى قلة من السكان: سؤال اختفائهم المحتمل من القرية[8]. وفي قرية المغير، إلى الشرق من مدينة رام الله، كشف الفلسطيني محمد أبو عليا، جانباً من تفاصيل اعتداء طال منزله خلال هجوم شنه مستوطنون إسرائيليون، إذ قال إن نحو 50 مستوطناً هاجموا منزله، في 24 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، و”حطموا الأبواب الرئيسية وأبواب كراج السيارات، وأضرموا النار في أربع مركبات تعود له ولأفراد العائلة”، وأشار إلى أن الهجوم ليس الأول من نوعه، موضحاً أن المستوطنين “أقدموا العام الماضي على إحراق 18 مركبة في القرية ذاتها”، وحذر من أن الاعتداءات الإسرائيلية على المغير “تتكرر بشكل يومي، وباتت ممنهجة ومنسقة بين الجيش والمستوطنين”. وأضاف أنه أبلغ شباب القرية بالهجوم، “فهبّوا لصد المستوطنين، وأجبروهم على الفرار نحو مستوطنة قريبة مقامة على أراضي المغير”، بينما اقتحمت قوات من الجيش الإسرائيلي القرية بالتزامن، و”أطلقت قنابل الصوت والغاز المسيل للدموع، ما أدى إلى اندلاع مواجهات”. ووفق معطيات “هيئة مقاومة الاستيطان والجدار”، نفذ المستوطنون 7 آلاف و154 اعتداء ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم بالضفة الغربية خلال عامي حرب الإبادة في قطاع غزة[9].
المستوطنون يمنعون الفلسطينيين من الوصول إلى المياه
إنها حرب مائية يشنها المستوطنون على فلسطينيي الضفة الغربية، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة “لوبينيون” الفرنسية على موقعها، في 21 تموز/يوليو 2025؛ ومما جاء فيه أن المستوطنين الإسرائيليين هاجموا، في منتصف ذلك الشهر، محطة الضخ التي يغذيها نبع “عين سامية” بالقرب من قرية كفر مالك، والذي يُعتبر المصدر الرئيسي للمياه لنحو 110 آلاف شخص. وأوضح صبحي عليان العامل في المحطة: “وصل المستوطنون وبدأوا بكسر خط الأنابيب الرئيسي، وعندما يُكسر، نضطر تلقائياً إلى إيقاف ضخ المياه إلى القرى”، وأضاف: “ثم تتدفق المياه إلى الأرض وتتسرب إلى التربة”. وبعد يومين، شوهد المستوطنون – وكان بعضهم مسلحاً – يستحمون في البرك الواقعة أسفل النبع، ولم يجرؤ أفراد طواقم الصيانة على الاقتراب من المحطة خوفاً على سلامتهم. وبحسب عيسى قسيس، رئيس مجلس إدارة مصلحة مياه محافظة القدس، التي تدير نبع “عين سامية”، فإن هذه الهجمات أداة للسيطرة على الأراضي، وقال في حديثه لوكالة “فرانس برس”: “عندما تُقيّد إمكانية الوصول إلى المياه في منطقة ما، فإن السكان يغادرونها في النهاية إلى المناطق التي تتوفر فيها المياه؛ المياه هي أبسط وأسرع طريقة لتهجير السكان”. ولم تكن حادثة الهجوم على محطة ضخ نبع “عين سامية” حالة معزولة، بل كانت فصلاً من سلسلة حوادث حديثة، قام خلالها المستوطنون بإتلاف موارد المياه الفلسطينية أو تحويل مسارها أو محاولة الاستيلاء عليها. ففي وادي الأردن، قاموا مؤخراً بتحويل المياه من نبع العوجا، وفقاً لفرحان غوانمة، ممثل تجمع رأس عين العوجا، وعانى نبعان آخران في المنطقة من المصير نفسه. وفي قرية دورا القرع، وهي قرية أخرى تستخدم نبع “عين سامية” كمصدر احتياطي للمياه، يخشى السكان من تفاقم الجفاف، ويوضح رفيع قاسم، عضو المجلس المحلي: “لم يزرع أحد هنا منذ سنوات؛ فقد انخفض منسوب المياه الجوفية بشكل كبير”. ويضيف أن الأرض الآن “مهجورة تقريباً”. ولا يستطيع سكان القرية حفر الآبار، رغم وجود ينابيع محلية، لأن سلطات الاحتلال تمنع حفرها. ووفقاً لمنظمة “بتسيلم” الإسرائيلية المدافعة عن حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة، يُؤدي الإطار القانوني الحالي إلى تفاوتات صارخة: إذ “يحصل 100% من الإسرائيليين – بمن فيهم سكان المستوطنات – على مياه جارية يومياً، مقارنةً بـ 36% فقط من الفلسطينيين في الضفة الغربية”[10].
المستوطنون يعطلون بالقوة جني محصول الزيتون
يُعدّ موسم قطف الزيتون من المواسم التراثية التي يُحتفل بها على نطاق واسع في الضفة الغربية، ويُعدّ إنتاج الزيتون وزيت الزيتون مصدراً رئيسياً لمداخيل آلاف العائلات. وقد منعت القيود العسكرية الإسرائيلية، بالإضافة إلى أكثر من 150 اعتداءً للمستوطنين خلال الأسبوعين الماضيين، العديد من الفلسطينيين من قطف الزيتون هذا العام؛ هذا ما جاء في تقرير أعدّه، في الرابع والعشرين من الشهر الفائت، الصحافيان أورين زيف وباسل عدرا. ومما ورد فيه، أنه “في ساعة مبكرة من صباح الأحد، كانت عفاف أبو عليا، البالغة من العمر 53 عاماً، تقطف الزيتون مع شقيقها وأطفالها وعائلات أخرى ونشطاء دوليين كانوا هناك لحمايتهم في بستان زيتون قرب بلدة ترمسعيا، الواقعة إلى الشمال من رام الله؛ وما أن ملأت سلة واحدة حتى نزل حوالي 100 مستوطن من بؤرة أور ناخمان الاستيطانية القريبة، وبدأوا بمهاجمة قاطفي الزيتون والنشطاء، بالعصي والحجارة، وأشعلوا النار في عدة مركبات”، وتقول هذه السيدة: “”تركنا معداتنا في سيارة أخي وتراجعنا عندما اقتربوا، ولكن عندما عدنا إلى السيارة للفرار، كانت إطاراتها مثقوبة؛ وصل الجنود، واعتقلوا شقيقي، وأطلقوا علينا قنابل الغاز المسيل للدموع”. وبينما جلست تحت شجرة تنتظر شقيقها، مختنقة بالغاز، رأت مستوطنين يركضون نحوها؛ حاولت الفرار، لكن أحدهم أمسك بها وضربها على رأسها وذراعها بعصا، فتم نقلها إلى المستشفى الاستشاري في رام الله، حيث قضت الليل في العناية المركزة، وهي تعاني من نزيف في المخ، وتلقت 18 غرزة في رأسها. وبينما يُدمر المستوطنون بساتين الزيتون، ويقطعون الأشجار ويُشعلون فيها النيران، وتتزايد اعتداءتهم على قاطفي الزيتون من حيث الوتيرة والوحشية، تمنع قوات الاحتلال المزارعين الفلسطينيين من الوصول إلى بساتين الزيتون الخاصة بهم، حتى في المناطق التي سُمح بالوصول إليها خلال موسم الحصاد في الموسم الماضي، كما أنهم يعتقلون ويطردون الناشطين الدوليين الذين جاءوا لمساعدة المزارعين. ووفقاً لـ “هيئة مقاومة الاستيطان والجدار”، سُجِّل 158 اعتداءً على قاطفي الزيتون منذ بدء الموسم في 9 تشرين الأول/أكتوبر الماضي. وخلال الأسبوع الأول من الحصاد وحده، تأثرت 27 قرية بالاعتداءات على قاطفي الزيتون، وسرقة المحاصيل والمعدات الزراعية، وتدمير أشجار الزيتون.
في صباح يوم 3 تشرين الأول/أكتوبر الفائت، كان أيمن غنيمات في منزله في بلدة صوريف، شمال الخليل، عندما رأى مجموعة من المستوطنين الملثمين ينزلون من بؤرة استيطانية قريبة، مسلحين بمناشير يدوية، يقول: “بدأوا بقطع أغصان أشجار الزيتون المعمرة؛ بعد حوالي 20 دقيقة، أشعلوا النار في الأشجار وعادوا إلى البؤرة الاستيطانية التي أقاموها قرب البلدة قبل حوالي خمسة أشهر.” في اليوم التالي، صُدم عندما اكتشف أن المستوطنين عادوا خلال الليل وقطعوا عشرات أشجار الزيتون المعمرة الأخرى في المنطقة نفسها، التي تضم مئات أشجار الزيتون وأشجار الفاكهة الأخرى، وقال: “دمر المستوطنون حوالي 200 شجرة زيتون هذا الشهر، 100 من هذه الأشجار كانت ملكي، بما في ذلك 40 شجرة متعددة الأجيال، تتراوح أعمارها بين 15 و40 عاماً. كما كان لدي قطعة أرض جديدة زرعتها في وقت سابق من هذا العام بحوالي 50 شجرة زيتون صغيرة، هذه أيضاً تم قطعها وكسرها يدوياً، عمداً وبوحشية”[11].
خاتمة
إنها حرب حقيقية تشنها حكومة بنيامين نتنياهو ومستوطنوها على الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية، وهي حرب تجاهلتها خطة دونالد ترامب لـ “السلام”، وصمت العالم عن فظائعها بعد أن غطت عليها حرب الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة.
[1] https://agencemediapalestine.fr/blog/2025/10/17/israel-et-la-palestine-quelle-est-la-situation-en-cisjordanie-depuis-octobre-2023
[2] https://www.aljazeera.net/news/2025/10/7/%D9%85%D8%A4%D8%B3%D8%B3%D8%A7%D8%AA-%D9%81%D9%84%D8%B3%D8%B7%D9%8A%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84-%D8%A7%D8%B9%D8%AA%D9%82%D9%84%D8%AA-20-%D8%A3%D9%84%D9%81
[3] https://agencemediapalestine.fr/blog/2025/10/17/israel-et-la-palestine-quelle-est-la-situation-en-cisjordanie-depuis-octobre-2023
[4] https://www.trtfrancais.com/article/e01688593a01
[5] Ibid;
[6] https://www.rtbf.be/article/colons-israeliens-a-shilo-nous-sommes-en-judee-samarie-il-n-y-a-pas-de-cisjordanie-11611336
[7] https://www.geo.fr/geopolitique/en-cisjordanie-la-guerre-silencieuse-d-israel-village-apres-village-227503
[8] https://www.lopinion.fr/international/cisjordanie-un-village-chretien-appelle-a-laide-apres-des-attaques-de-colons-israeliens
[9]https://www.aa.com.tr/ar/%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84/%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D9%87%D8%AC%D9%88%D9%85-%D9%85%D8%B3%D8%AA%D9%88%D8%B7%D9%86%D9%8A%D9%86-%D9%81%D9%84%D8%B3%D8%B7%D9%8A%D9%86%D9%8A-%D9%8A%D8%B1%D9%88%D9%8A-%D8%AA%D9%81%D8%A7%D8%B5%D9%8A%D9%84-%D9%84%D9%8A%D9%84%D8%A9-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%B9%D8%A8-%D8%B9%D8%A7%D8%B4%D8%AA%D9%87%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%BA%D9%8A%D8%B1/3726534
[10] https://www.lopinion.fr/international/en-cisjordanie-les-colons-israeliens-menent-une-guerre-de-leau-contre-les-palestiniens
[11] https://agencemediapalestine.fr/blog/2025/10/27/les-colons-detruisent-la-recolte-dolives-en-cisjordanie-dans-des-actes-terroristes
عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية