التعامل الأمثل مع التحدي القطري

تتميز المعضلة الإسرائيلية بشأن مايتعلق بأمارة قطر بأنه على مدى سنوات أضرت قطر بمصالح إسرائيلية في حين أن سياستها استجابت لمصالح إسرائيلية أخرى . وتتعاظم هذه المعضلة بسبب أهمية قطر بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية . وأضف إلى ذلك فإنه بدون إخضاع حماس وبدون مسعى سياسي لتعزيز بديل فلسطيني يحل محل حماس فإن قطر قد تعود لتكون العنوان لما يحدث في القطاع . ولكن إذا وعندما يتم إخضاع حماس فإنه سيكون بالإمكان توجيه المساعدة القطرية كجزء من منظومة عربية لإعادة إعمار غزة . وفي كل الأحوال ينبغي على إسرائيل تنسيق الإجراءات فيما يتعلق بقطر مع الولايات المتحدة لكي لايتم الإضرار بالمصالح الأمريكية ومن أجل استغلال رافعة الضغط الامريكية على أمارة قطر لصالحها .
قطر وإسرائيل والقضية الفلسطينية :
بدأت اللقاءات الموثقة الأولى بين مسؤولين اسرائيليين كبار وبين القطريين بعد مؤتمر مدريد (1991). حيث أن توقيع اتفاقيات أوسلو أدى إلى تسريع وتيرة اللقاءات ، وكانت ذروة العلاقات العلنية افتتاح ممثلية رسمية إسرائيلية في الدوحة في عام 1996 ( بموازاة افتتاح ممثلية مماثلة في مسقط بسلطنة عمان ). ورغم الضغوط من جانب إيران وجاراتها العربية وكجزء من سياستها الخارجية الخاصة لم تخشى قطر من إبراز علاقاتها مع إسرائيل . وحتى أنها رأت بذلك تفوقا على ضوء التفويض الذي تلقته من الولايات المتحدة بسبب ذلك.
إلا أنه كانت هناك إزدواجية واضحة في سياسة إسرائيل حيال قطر على مر السنين . وعلى الرغم من الانتقادات السامة والتحريض القطري تجاه إسرائيل بالأخص بواسطة برامج قناة الجزيرة، فإن إسرائيل أغلقت مكاتب الشبكة (مؤقتا ) مؤخرا فقط – وهذا يشكل دليلا على تفضيل إسرائيل (احتواء) الانتقادات القطرية. وحتى أن هناك تقارير أفادت أنه في مساء يوم 7 تشرين الأول، تم اتخاذ قرار في اجتماع لمجلس الوزراء المصغر مخصص لحماس وقطاع غزة ، بالحفاظ على العلاقات مع قطر . وأيضا بعد اندلاع حرب “السيوف الحديدية”، إلى جانب الانتقادات التي وجهها مسؤولون منتخبون لقطر بسبب دعمها لحماس، تقيم قطر وإسرائيل علاقات عمل، وتتعاون أجهزة الاستخبارات، ويلتقي مسؤولين كبار من الجانبين، ويزور اسرائيليون الإمارة، وحتى أن هناك تعاون اقتصادي وتجاري على نطاق صغير . وبالإضافة إلى ذلك، ورغم مبادرات تشريعية حول هذا الموضوع ، فإنه لايتم وصف قطر في إسرائيل كدولة معادية، على الرغم من أن هيئة الأمن القومي تحذر المواطنين الإسرائيليين من زيارة الإمارة.
تتبنى قطر أيضاً نهجاً ذو إتجاهين حيال إسرائيل : فمن جهة هي تنتقد بشدة سياسة إسرائيل بشأن القضية الفلسطينية، وخاصة فيما يتعلق بالمستوطنات في الضفة الغربية، والعمليات العسكرية الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، والتجاوزات الإسرائيلية عن الوضع القائم في القدس والحرم القدسي. ومن جهة أخرى، تشارك في الوساطة بين إسرائيل وحماس، وتتعاون مع هيئة المساعدات الإنسانية لقطاع غزة في هذه الأيام . وتسمح هذه السياسة المزدوجة لقطر بالحفاظ على مكانتها كلاعب مركزي في المنطقة، إنطلاقا من التوازن بين دعمها للفلسطينيين وبين علاقاتها مع إسرائيل .
هناك تناقض بين الهدف المعلن لإسرائيل، الذي يقول بضرورة توقف حماس عن كونها الطرف الحاكم في قطاع غزة ، وبين المصلحة القطرية في بقاء حماس كطرف حاكم هناك . وظاهريا إذا وصلت قضية المخطوفين الإسرائيليين المحتجزين لدى حماس إلى نهايتها المنشودة فإن إسرائيل سوف تتحرر من اعتمادها على الوساطة القطرية . ومع ذلك، فإنه من المرجح أن تواصل قطر محاولاتها التوسط بشأن تنفيذ الاتفاقيات، ومن ضمنها التفاهمات المتعلقة بإعادة إعمار قطاع غزة . ومع ذلك فإنه في غياب خطة “لليوم التالي” في غزة، فمن المشكوك فيه ما إذا كانت هناك أي جهة عربية أخرى غير قطر ستكون مستعدة لتولي مهمة إعادة بناء القطاع ، حيث لا تزال حماس هي الكيان الحاكم هناك . ولذلك يجب أن نضع في الاعتبار أن المشاركة القطرية في قطاع غزة ستستمر طالما ظلت حماس هي الطرف المسيطر هناك .
وفي الخلفية، ترى قطر في القضية الفلسطينية وسيلة لإظهار أهميتها، وتستخدم دعمها للفلسطينيين وحماس على وجه الخصوص من أجل تعزيز مكانتها في المنطقة العربية وخارجها . وموقفها الرسمي هو أن العلاقات الدبلوماسية الكاملة (“التطبيع”) مع إسرائيل لن تحدث من دون اتفاق إسرائيلي فلسطيني يؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية . وحتى يتم توقيع مثل هذا الاتفاق ، تبديوقطر استعدادها لإقامة علاقات مع “جميع الأطراف”، إسرائيل ، والسلطة الفلسطينية ، وحماس . وبالإضافة إلى ذلك، فإلى جانب الأموال التي حولتها قطر إلى حماس على مر السنين ــ بموافقة وحتى بتشجيع من إسرائيل ــ تؤكد قطر أنها تحافظ على التوازن، وبالتالي تدعم حماس والسلطة الفلسطينية بنفس القدر . ولكن مع ذلك بالنسبة للسلطة الفلسطينية، تشكل قطر تحدياً بسبب دعمها لحماس . ومسؤولون فلسطينيون كبار انتقدوا التحويلات المالية من قطر إلى غزة، بحجة أنها تعزز قوة حماس وتعمق الانقسام الفلسطيني. وفي بداية عام 2025، أعلنت السلطة الفلسطينية نفسها عن إيقاف بث قناة الجزيرة في الأراضي الفلسطينية، بذريعة أن الشبكة تبث مواد وتقارير “تحريضية” تتسم بـ”الخداع والتحريض على التمرد والتخريب والتدخل في الشؤون الداخلية الفلسطينية”.
وخلال الأشهر كانون الثاني – آذار 2025، وكجزء من اتفاق وقف إطلاق النار وإطلاق سراح المخطوفين بين إسرائيل وحماس، بدأت قطر مرة أخرى في تزويد قطاع غزة بالوقود بموافقة إسرائيل كما فعلت قبل الحرب . وعلى مايبدو أن قطر مازالت تستضيف جزءاً من قيادة حماس على أراضيها ( بعض الكبار انتقلوا إلى تركيا) . هذا إلى جانب الوساطة بين إسرائيل وحماس بشأن قضية إطلاق سراح المخطوفين الإسرائيليين . جهود الوساطة هذه، وكون قطر جزءاً من آلية التنسيق العربية المشتركة بشأن موضوع غزة، يمنح قطر تفويض دولي ويساعدها في الحفاظ على مكانتها بشأن غزة .
السياسة الخارجية القطرية:
دعم قطر لحماس وتوظيفاتها في قطاع غزة يتشابكان بشكل جيد مع سياستها الخارجية التي تتميز، فيما تتميز به ، بدعم أوساط الإسلام السياسي . ومع ذلك، فإن خصائص السياسة الخارجية القطرية على مر السنين تعبر عن البراغماتية السياسية، وحتى الانتهازية، أكثر من التماهي الأيديولوجي ، من أجل زيادة نفوذها في الشرق الأوسط . ومن الأمثلة الواضحة على ذلك تأييد قطر لمصر في عهد الرئيس مرسي ، العضو في جماعة الإخوان المسلمين ، وحاليا علاقاتها الوثيقة مع نظام السيسي، الذي يرى في “الإخوان” عدواً ويحاربهم .
فعلا تبدو سياسة قطر مليئة بالتناقضات. فمنذ عام 1995، انتهجت قطر سياسة خارجية تعتمد على التحوط (Hedging ).وإن ثروتها الكبيرة وعلاقاتها مع الولايات المتحدة سمحت لها بالعمل بحرية على الساحة الدولية وإقامة علاقات مع أطراف مختلفة، بعضها منافس وحتى أعداء لبعضهم البعض . وعلى الرغم من كونها دولة صغيرة من حيث المساحة وعدد سكانها الأصليين (حوالي 300 ألف نسمة )، أو بسبب ذلك، فإن قطر تمتلك نفوذاً دولياً كبيراً . فمع وصوله إلى السلطة في عام 1995، استغل حمد آل خليفة آل ثاني العائدات الضخمة من صادرات الغاز الطبيعي، وتبنى سياسة خارجية تهدف إلى تعزيز مكانة قطر وبشكل خاص مقابل المملكة العربية السعودية، الجارة الكبيرة والمسيطرة . ولم تكن محاولات قطر اتباع سياسة مستقلة سهلة ، وشملت على الأقل محاولة انقلاب مدعومة من الخارج (في عام 1996)، ومقاطعة دبلوماسية من قبل جيرانها في عام 2014، وحصار استمر من عام 2017 إلى عام 2021.
وفي مجال الطاقة، تعد قطر لاعباً أساسيا في مجال الغاز الطبيعي السائل، وتعد من بين أكبر المصدرين في العالم . وتصدر حاليا نحو 77 مليون طن من الغاز الطبيعي السائل سنويا، مع خطط لتوسيع الصادرات إلى أكثر من 126 مليون طن بحلول عام 2027. وتمتلك قطر احتياطي هائل من الغاز، يشكل نحو 13% من إجمالي احتياطي الغاز الطبيعي في العالم ، معظمها من حقل غاز الشمال العملاق، وهو أكبر مخزون بحري في العالم (مشترك مع إيران) . بفضل العقود طويلة الأجل مع دول مثل الصين واليابان والهند وكوريا الجنوبية، تتمتع قطر بالاستقرار الاقتصادي والنفوذ الجيوسياسي الكبير. وفي أعقاب الأزمة بين روسيا وأوروبا، أصبحت قطر المورد الرئيسي للقارة، وتواصل توسيع نفوذها العالمي من خلال البني التحتية المتقدمة وقدرات الإنتاج العالية .
وعلى الساحة الدبلوماسية، تتدخل قطر في نحو 20 منطقة صراع. ورغم أن جهود الوساطة التي تبذلها قطر لم تكن ناجحة دائما، فإنها ساعدتها في اكتساب مكانة دولية، ترى أنها ضرورية لبقائها بين جيرانها الأكبر حجما والأكثر قوة ( قطر تشارك في محاولات وساطة في فنزويلا ولبنان وإيران وأفغانستان والعديد من الساحات الأخرى) . يرتكز دور قطر كوسيط دولي على ادعائها بالتزامها بالحياد، وهي مكانة اكتسبتها وعززتها بفضل علاقاتها الطيبة مع مختلف الأطراف في مختلف النزاعات، وبفضل غناها الفاحش الذي يمكّنها من تقديم حوافز اقتصادية . وتتطلع قطر إلى الحفاظ على استقرارها وسلامتها ، انطلاقًا من تقديرها أنه كلما ارتفعت مكانتها الدولية، كلما زاد اهتمام الشركاء الخارجيين بأمنها على المدى البعيد . كما أن دورها كوسيط مكنها من كسب ثقة القوى المتنافسة، وعزلها نظريا عن تأثيرات الخصومات الدولية .
المركب الأكثر أهمية في مكانة قطر الدولية، وفي العلاقة الإسرائيلية الشاملة مع الإمارة ودعمها لحماس، هو منظومة العلاقات المركبة بينها وبين الولايات المتحدة . الادوار السياسية التي قامت بها قطر، بالإضافة إلى قوتها في سوق الطاقة العالمية، مكنتها من تعميق شراكاتها مع اللاعبين الدوليين الرئيسيين ودفع نفوذها في الشرق الأوسط، بشكل خاص لكسب ثقة الإدارة الأميركية . وهذا عن طريق المبادرة والاستجابة لطلب الولايات المتحدة للتوسط بينها وبين الدول التي هي في صراع معها، وتحولت تدريجيا إلى شريك مهم لواشنطن في الشرق الأوسط وخارجه .
على الرغم من صغر حجم جيشها، تعد قطر ثالث أكبر مشتري للأسلحة في العالم (بين عامي 2020 و2024) وثاني أكبر مشتري للأسلحة بالنسبة للولايات المتحدة. تستضيف قطر أيضًا مقر القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM) في العديد، وهي أكبر قاعدة أمريكية خارج الولايات المتحدة (في هذه القاعدة، التي تُطوّرها قطر بتكلفة 8 مليارات دولار، يُشغّل الأمريكيون رادارًا من نوع X- band يُساعد في تقفي وكشف الصواريخ الإيرانية ). وتمتلك قطر أيضًا شبكة نفوذ واسعة في الولايات المتحدة، إذ تُشغّل جماعات ضغط ومعاهد أبحاث، مما وفّر لها مجال نفوذ واسع في واشنطن، وهي مستثمر رئيسي في السوق الأمريكية، باستثمارات إجمالية تزيد عن 45 مليار دولار.
وفي عهد إدارة الرئيس جو بايدن، ازدهرت العلاقات بين قطر والولايات المتحدة، وذلك أيضا نتيجة للمساعدات القطرية التي كانت ضرورية للانسحاب الأميركي من أفغانستان. وفي كانون الثاني 2022، كان أمير قطر تميم بن حمد أول زعيم خليجي يلتقي بالرئيس بايدن، الذي أعلن عن صفقة ضخمة بقيمة 20 مليار دولار بين قطر وشركة بوينج . في ختام اللقاء ، أعلن بايدن عن قطر “حليفًا رئيسيًا من خارج حلف الناتو”، وهي مكانة تُتيح المجال لتعميق التعاون الأمني والوصول إلى التكنولوجيا الأمريكية المتقدمة، وهو ما لم تحققه المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة بعد . كما اتفقت قطر والولايات المتحدة في عام ٢٠٢٤ على تمديد اتفاقية التعاون العسكري بينهما ( التي يتم حفظ تفاصيلها سرًا) والوجود العسكري الأمريكي في قطر حتى عام ٢٠٣٤. وفي سبتمبر ٢٠٢٤، أعفت الإدارة الأمريكية المواطنين القطريين من تأشيرة دخول الولايات المتحدة. وتُعدّ قطر الدولة العربية الوحيدة التي حظيت بذلك.
لم يتضح بعد ما هي السياسة التي ستتبعها الإدارة الأميركية الحالية تجاه قطر، وما إذا كانت ستختلف عن سياسة الإدارة السابقة . في بداية ولايته الأولى، اتخذ الرئيس ترامب موقفا متشددا حيال قطر ، وانحاز إلى دول الخليج التي فرضت المقاطعة عليها . ولكنه سرعان ما غيّر موقفه، بل وعززت واشنطن علاقاتها مع الإمارة. وحتى لو كانت أذن ترامب أكثر اصغاءا للطلبات الإسرائيلية المتعلقة بقطر، إن وجدت، فمن المشكوك فيه ما إذا كان راغباً أو يستطيع الاستجابة لها بشكل إيجابي . في أيلول 2024، قبل انتخابه، التقى ترامب مع أمير قطر، وبعد اللقاء أشاد بالأمير وقيادته . وقد اوردت تقارير أيضًا بأن عائلة ترامب تقيم علاقات تجارية مع قطر . وزعمت التقارير أيضا أن مبعوث الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف كان له علاقات إقتصادية في الأمارة . وإذا كانت هذه التقارير صحيحة، فإنها ستعقّد مساحة المناورة الأميركية تجاه قطر، وتقلّل من فرص اتخاذ خطوات أميركية كبيرة ضدها.
بدائل للسياسة الإسرائيلية: المرغوب مقابل الموجود :
يجب أن يكون هدف سياسة إسرائيل تجاه قطر :
تغيير السياسة القطرية حيال إسرائيل، وأولا وقبل كل شيء، وقف التحريض ووقف الدعم المقدم لحماس. لكن إسرائيل لا تملك سوى أدوات محدودة تستطيع استخدامها للتأثير على السياسة القطرية في الاتجاه الذي ترغبه . والروافع الرئيسية الممكنة هي العمل بالتنسيق مع الإدارة الأميركية، وأيضا الضغط المتعلق بالسيطرة الإسرائيلية على غلاف قطاع غزة وقدرتها على استخدام القوة العسكرية ضد حماس والمصالح القطرية في هذه المنطقة. والمسألة المركزية هي كيف يمكن استخدام هذه الروافع المحدودة، على سبيل المثال لتسريع المفاوضات مع حماس والوصول إلى إطلاق سراح المخطوفين الذين مازالو محتجزين لدى حماس ، من أجل تخطيط واستقرار قطاع غزة في “اليوم التالي” للحرب ، ووقف الخطاب القطري المعادي لإسرائيل . بالإضافة إلى ذلك، وعلى ضوء حجم التدخل القطري البارز في إسرائيل، يتعين على الأخيرة إجراء “تدقيق داخلي ” شامل يهدف إلى بلورة سياسة محدثة وموحدة بشأن قطر – بحيث توجه جميع الهيئات الحكومية العاملة معها. وفيما يلي طرق العمل الممكنة، المعروضة على المستوى المبدئي.
نهج صارم – ضغط وقيود :
- الإضرار بالعلاقات الدبلوماسية – تعليق العلاقات مع قطر ومنع التجارة والنشاط التجاري مع الإمارة. منع الوصول القطري إلى قطاع غزة.
- العمل مع المجتمع الدولي – دفع المبادرات التي من شأنها تشويه صورة قطر، وتفصيل علاقات قطر مع حماس على أنها تشكل تهديداً للاستقرار الإقليمي، وحملة إعلامية/توعوية تصور قطر على أنها ممولة للإرهاب .
- تقييد النشاط المالي – الإشراف على التحركات المالية من قطر إلى قطاع غزة، بما في ذلك فرض عقوبات على مؤسسات أو كيانات تنقل اموال إلى حماس.
- التعاون مع دول الخليج المعارضة لقطر، وتعزيز العلاقات مع المملكة العربية السعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة، التي عارضت سياسات قطر في الماضي .
نهج التوازن – إدارة علاقات إنطلاقا من تحديد شروط : - التنسيق المشروط مع قطر – العمل معها بشكل مباشر لضمان أن المساعدات المقدمة إلى غزة لا تؤدي إلى تقوية حماس وإنما تدعم السكان المدنيين فقط، من خلال التنسيق الوثيق مع الولايات المتحدة.
- استخدام قطر كوسيط – تعمل قطر كقناة اتصال غير مباشرة مع حماس، وهو ما قد يكون مفيداً في إدارة وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.
- الضغط من أجل الشفافية المالية – مطلب لوجود رقابة دولية على الأموال القطرية التي تدخل إلى غزة، لضمان عدم وصولها إلى حماس. وهذا إنطلاقا من تحديد شرط : إعادة الإعمار مقابل نزع السلاح .
نهج ناعم – رافع للعلاقات لتحسين الوضع : - تعزيز الحوار مع قطر – إيجاد قنوات تعاون تدفع قطر إلى العمل بصورة متناسقة أكثر مع المصالح الإسرائيلية.
- استخدام قطر لمنع التصعيد – نظراً لأن قطر تتمتع بنفوذ على حماس، فمن الممكن استغلال ذلك من أجل منع جولات قتال وتحقيق هدوء اقليمي .
- تعزيز مشاريع اقتصادية مشتركة (قطر-الولايات المتحدة-إسرائيل) – تشجيع قطر على الاستثمار في مشاريع مدنية في غزة بشكل يضعف نفوذ حماس .
إن حقيقة أن حماس تسيطر على معظم قطاع غزة وتستعيد قوتها العسكرية والحكومية تدريجيا، وعلى ضوء العلاقات المستمرة بين قطر وحماس ، فإن هذه الحقيقة تتطلب تفكيرا اسرائيليا بشأن دور قطر تجاه قطاع غزة، وبشأن حماس ومجمل علاقاتها مع إسرائيل . وبالإضافة إلى ذلك، فإن بداية ولاية إدارة ترامب تشكل نافذة فرصة قصيرة لمحاولة التأثير على السياسة الأميركية تجاهها .
إن أي عملية إسرائيلية تتضمن قطع العلاقات مع قطر ومنع الإمارة من الوصول إلى قطاع غزة وحماس من شأنه أن يضعف حماس، حيث أن قطر إلى جانب تركيا من الداعمين الرئيسيين للمنظمة. ولكن من المشكوك فيه أن يكون مثل هذا القطع في العلاقات ممكن في المستقبل المنظور ، نظرا لدور قطر في الوساطة بين إسرائيل وحماس، والمصلحة الإسرائيلية العليا في إطلاق سراح المخطوفين المحتجزين لدى حماس . وإذا حدث هذا، فقد يتم اتهام إسرائيل بتفاقم الوضع الإنساني في قطاع غزة. وعلاوة على ذلك، قد يُنظر إلى التحركات الإسرائيلية ضد قطر على أنها تتصادم مع السياسة الأميركية. وعلاوة على ذلك، فإن تحسن علاقات قطر مع جيرانها العرب ومع مصر والأردن، ونفوذها المتزايد في لبنان وسوريا، من شأنه أيضاً أن يجعل من الصعب حشد البلدان لدعم تحركات ضدها. ولذلك من المهم تنسيق الخطوات والإجراءات المتعلقة بقطر مسبقاً مع الإدارة الأميركية حتى لا تضر بالمصالح الأميركية، ولتعظيم نفوذ الضغط الأميركي الذي يعد الأكثر فعالية على الأمارة . ومن الضروري أيضًا أن نتذكر أن قطر تملك روافع لايستهان بها للتأثير على الولايات المتحدة.
وفعلا فإن صعوبة العمل مباشرة ، ضد قطر مرتبطة في المقام الأول بمكانتها الدولية وعلاقاتها مع الولايات المتحدة (وهذان هما أيضا الرافعتان الرئيسيتان للتأثير على سياستها) . وبعيداً عن أهمية العلاقة مع الولايات المتحدة بالنسبة لقطر، فإن الأمارة حساسة للغاية تجاه مكانتها وصورتها المحايدة المفترضة . وإذا اختارت إسرائيل الإضرار بصورة قطر، فيمكنها التركيز على جوانب محددة من النشاط القطري التي ترى فيها إسرائيل أنها تنطوي على مشاكل . وبالإضافة إلى ذلك، أظهرت قطر قدراً لايستهان به من البراجماتية في سياستها الخارجية، ونتيجة لذلك فإنها قد تغير سياستها وفقاً للظروف المتغيرة ووفقا للضغوط التي تمارس عليها. على سبيل المثال، قطر ليست ملتزمة بأيديولوجية الإخوان المسلمين، مثل تركيا على سبيل المثال، بل ملتزمة أكثر باعتبارات السياسة الواقعية . ولذلك، إذا تم توجيه قطر إلى قناة نفوذ أخرى، غير حماس، والتي من شأنها أن تمنحها نفوذاً مماثلاً في الساحة الفلسطينية (والإسرائيلية الفلسطينية)، فليس من المستبعد أن تعتمدها.
ملخص :
إن هدف قطر فيما يتعلق بالحرب بين إسرائيل وحماس هو إنهاء هذه الحرب، بحيث تبقى حماس لاعباً مهماً في القطاع . ومن شأن مثل هذه النتيجة أن تسمح لقطر مواصلة لعب دور مركزي في قطاع غزة وتسجيل نقاط على الساحة الدولية، وخاصة أمام الولايات المتحدة. وبخلاف الأطراف الأخرى المعنية، قد تعرض قطر مساعدات إنسانية سخية لقطاع غزة دون شروط أو قيود، وهو ما قد يسحر الإدارة الأميركية . وبالإضافة إلى ذلك، بدأ القطريون علاقاتهم مع الرئيس ترامب بالقدم اليمنى من خلال الاستجابة بشكل إيجابي لطلبه تأمين إطلاق سراح المخطوفين ، ومن مصلحة الولايات المتحدة أن تستمر في منح قطر زمام المبادرة في هذه القضية.
لذلك فإن السياسة الموصى بها من المقرر أن تتضمن مزيجاً من الضغط المسيطر عليه ، إلى جانب الإدارة الحذرة للعلاقات مع قطر ، مع الأخذ في الاعتبار أن النهج (المفرط في الصرامة) الآن قد يضر بفرص إطلاق سراح جميع المخطوفين . إن قطر لاعب ذو مكانة دولية ، ومن المشكوك فيه أن تمتلك إسرائيل القدرة على التعامل معها بشكل أفضل من التحالف العربي الذي فشل في محاولته عزلها على مدى الزمن . هذا بالإضافة إلى الدعم الواضح من جانب إدارة ترامب لقطر واعتماد أوروبا على الغاز القطري في مجال الطاقة. وعلى ضوء ذلك، ينبغي على إسرائيل أن تفهم موقف إدارة ترامب تجاه قطر ، وأن تحدد أين تشكل قطر خطرا على المصالح الإسرائيلية بشأن قطاع غزة وخارجه، وأن تعمل معها بتنسيق كامل .
من منشورات معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي